مع حلول شهر رمضان الفضيل، تبدأ ربات البيوت في ولاية سعيدة بتنظيف المنازل وحتى صبغها وشراء أفرشة وأوان جديدة، كما لو كن يحتفلن بقدوم ضيف عزيز، وقبل أسبوع من حلول رمضان، يتم اقتناء مختلف أنواع التوابل الطازجة ليتم تجفيفها وطحنها يدويا، حتى تحتفظ بنكهتها القوية التي تعد سر المذاق المميز لأطباق الغرب الجزائري.الشوربة كما يسمّيها معظم الجزائريين، الطبق الرئيسي على مائدة رمضان في معظم ولايات الوطن، تحضّر في ولاية سعيدة من خلال إعداد الخضر واللحم ومجموعة من التوابل منها الزنجبيل، الكروية، الفلفل الأسود، بذور البسباس، الزعفران تضاف إليها الفرينة لتكسبها قواما جيدا، أو بمطحون القمح وهو ما يسمى الدشيشة، كما تطلعنا عليها الحاجة سعدية من دوار أولاد البوعناني ببلدية عين الحجر، والتي أكدت أنه من بين الأطباق التي تفضلها النساء السعيديات، يوجد طبق الحلو والمشكل من الفواكه (المشمش الأجاص التفاح والبرقوق) التي يتم طهيها مع قطع اللحم الصغيرة، حيث يتميز هذا الطبق بطعم القرفة ويزين بالمكسرات والجلجلان، كما يقدم أول أيام رمضان تفاؤلا به وبنيّة أن تحلو باقي أيّامه. نجد أيضا من بين الأطباق التي تتميز بها ولاية سعيدة طبق المعقودة، وهو هو عبارة عن كعيكعات البطاطس يضاف إليها البيض والكسبرة، ثم تحمر في الزيت وتقدم مع (الحريرة) طيلة أيام شهر رمضان، إلا أنها أصبحت تحضر بالتناوب مع (البوراك)، (رقائق محشوة باللحم) التي تفضلها ربات البيوت العاملات لسهولة تحضيرها.وأشارت الحاجة سعدية، في حديثها إلينا، أن المنطقة أصبحت معروفة بعد العصرنة التي طرأت على المائدة بعد تغلغل القنوات الفضائية المختصة في الطبخ، وتنوعت بتنوع أيام رمضان على غرار طبق الزيتون باللحم أو الدجاج تضاف إليه قطع الجزر (المحمر)، وهو عبارة عن لحم أو دجاج محمر يقدم مع الخضر المسلوقة، (البرانية) باذنجان مقلي بالزيت يقدم مع قطع الدجاج ويسقى بمرقها وينكّه (بالكروية) و(الزعفران)، وفي السنوات الأخيرة أدخلت وصفات عصرية على المطبخ الجزائري عموما وتتعلق بالأطباق الخفيفة المحضّرة في الفرن والسلطات على اختلافها، أما طبق السحور فهو ذاته الذي تحضره كل العائلات الجزائرية والمتمثل في (السفّة) أو (الكسكسي)، يزين بالزبيب والقرفة ويقدم مع اللبن أو الحليب الطازج، لكن تؤكد محدثتنا أنه مهما أحاط التطور والعصرنة بالمائدة السعيدية إلى أن تثبت النساء كبار السن، من أمثالها بما تعلمنه من أمهاتهم ليبقى في الأخير أن هذا الشهر هو شهر عبادة وتقرب من الله وتذوق حنين الأسرة، خلال تجمعها بعد تفرق دام 11 شهرا.