تعرف ولاية وهران منذ حلول شهر رمضان، انتشارا كبيرا لمحلات بيع الحلويات الشرقية والمعروفة بتسميات الزلابية والشامية وإصبع القاضي بوهران، غير أن الغريب في هذه المحلات أنها كانت في السابق تضمن مهنا ونشاطات أخرى لا علاقة لها ببيع الحلويات الشرقية. سارع العديد من التجار بحلول شهر رمضان الجاري، إلى تحويل نشاطاتهم المعتادة ببيع الحلويات الشرقية؛ في ظاهرة أصبحت تتوسع أكثر، حيث قامت «المساء» باستطلاع ميداني حول الظاهرة التي لم تعد تقتصر على مناطق دون أخرى، بل توسعت لتمس محلات تجارية بقلب مدينة وهران وأمام مرآى جميع المسؤولين. وجهتنا الأولى كانت إلى حي الدرب العتيق، الذي يُعد من بين الأحياء الشعبية الكبرى بالمدينة، والذي انتشرت فيه ظاهرة بيع الحلويات الشرقية بشكل ملفت، حيث يضم الحي عددا كبيرا من بائعي الحلويات الشرقية، في وقت اغتنم أصحاب المحلات غياب مصالح المراقبة لتحويل محلاتهم إلى نشاط بيع الحلويات الشرقية، وهو ما وقفنا عليه على مستوى كشك لبيع السجائر، الذي أكد صاحبه أنه يمارس هذا النشاط سنويا في كل رمضان، مرجعا سبب لجوئه إلى ذلك إلى تراجع مداخليه بسبب رمضان. كما لم يُخف بائع آخر يقوم بعرض الزلابية والشامية بالطريق، أنه بائع سمك وبسبب ارتفاع أسعار السمك وندرته لجأ إلى بيع الحلويات الشرقية بطاولته المخصصة أصلا لبيع السمك. وأكد المتحدث أنه لم يجد نشاطا آخر يمارسه غير بيع الحلويات الشرقية، التي تلقى إقبالا من طرف الزبائن. ثم انتقلنا إلى حي الحمري العتيق الذي انتشرت به كذلك محلات بيع الحلويات الشرقية من كل الأنواع. وما يلفت الانتباه بحي الحمري أن عددا من التجار قد أبقوا على نشاطهم الأصلي، مع إضافة نشاط بيع الحلويات الشرقية بداخل محلاتهم. وقد كان من بين هذه العينات صاحب مكتبة، حوّل نصفها إلى محل لبيع الحلويات الشرقية، فيما يمكنك مشاهدة الكتب إلى جانب صينيات الزلابية والشامية، وقد رفض التاجر التحدث إلينا. كما قام معظم مالكي محلات الأكل السريع ومحلات البيتزا باللجوء إلى بيع الحلويات الشرقية، إلى جانب بيع المشروبات المختلفة. وقد تحجج معظم من تحدثنا إليهم بأن توقُّف نشاطهم الأصلي بسبب رمضان دفعهم إلى فتح محلاتهم لبيع الحلويات الشرقية؛ بحثا عن مصدر رزق حتى نهاية شهر رمضان. من جهته، كشف مسؤول ببلدية وهران أن معظم هذه المحلات تمارس نشاطات غير شرعية، وهي مخالفة للقوانين. وقد تم التدخل عدة مرات، غير أنه لم يتم التحكم في الوضع أمام الانتشار الكبير لمحلات بيع الحلويات الشرقية التي تُعد بالآلاف في غياب أدنى شروط النظافة، حيث يتم تحضير مختلف الحلويات على غرار الزلابية وقلب اللوز وسط ظروف تنعدم فيها النظافة مع الاستعمال المتكرر لمادة الزيت؛ ما من شأنه إحداث مخاطر صحية، على غرار التسممات الغذائية التي قد يتعرض لها المستهلكون. بالمقابل، فقد اطلعت «المساء» على تعليمة وزارية تقضي بعدم منح رخص مؤقتة لتغيير النشاط خلال شهر رمضان لصالح التجار؛ بهدف كبح ظاهرة التجارة الموسمية التي تستيقظ كلما حل الشهر، حسبما جاء في مراسلة وزارة التجارة، التي ألزمت المصالح البلدية المختصة بضرورة التقيد بالنصوص القانونية المعمول بها في مجال الممارسات التجارية، والتي اعتبرت أن منح الرخص المؤقتة في شهر الصيام هو غير قانوني عكس ما كان في السنوات الماضية، لتبقى الظاهرة في توسع في غياب تدخّل فعال لمختلف المصالح المعنية بعمليات الرقابة وحفظ الصحة العمومية.