رفضت السلطات القطرية بطريقة ضمنية أمس، قائمة الشروط التي وضعتها لها العربية السعودية والإمارات العربية مقابل رفع الحصار الذي فرضته عليها بداية الشهر الجاري بعد أن اتهمتها بتمويل المنظمات الإرهابية وإيواء قياداتها. وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل الثاني بالعاصمة الإيطالية إن قائمة الشروط التي تم وضعها لبلاده «إنما وضعت لترفض» في تأكيد على مواقف سابقة أبدتها بلاده واعتبرتها مساسا بسيادتها الوطنية. وجاء موقف الرفض الذي أبدته الدوحة مع انتهاء مهلة العشرة أيام التي منحتها لها الرياض وأبو ظبي بما يفتح أزمة «الأسرة الخليجية» أمام تصعيد قادم في المواقف وبما ينذر بقطيعة نهائية بينها. وهو التوجه الذي لمحت إليه الصحف الإماراتية أمس، وأكدت أن قطر «اختارت المجهول» بعد أن فضلت الارتماء في أحضان إيران». وكان الموقف القطري منتظرا إذا أخذنا بسيل تصريحات المسؤولين القطريين التي أعقبت مطالبة جيرانها لها بالامتثال للشروط الثلاثة عشرة التي رسمتها مقابل رفع الحصار المفروض عليها والذين أكدوا أن لا أحد من حقه إملاء السياسة الخارجية التي يتعين على بلادهم انتهاجها. الإشارة كانت واضحة إلى مطلب تقليص قطر لعلاقاتها مع إيران إلى أدنى مستوياتها وغلق القاعدة العسكرية التركية المتواجدة فوق أراضيها وإغلاق قناة الجزيرة والمواقع الإخبارية ذات الصلة بها، بالإضافة إلى طرد قيادات عدة حركات وتنظيمات إسلامية مقيمة في قطر. وكان استقبال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني للشيخ يوسف القرضاوي المحكوم عليه بالإعدام في مصر بمناسبة عيد الفطر بمثابة رسالة قوية باتجاه خصومه بأنه لن يرضخ لشروطهم التي وصفتها الدوحة ب»التعجيزية» ولا تستند إلى أي دليل. وقال وزير الخارجية القطري نهاية الشهر الماضي إن بلاده مستعدة للدخول في مفاوضات بناءة مع خصومها لو أنهم دعموا التهم التي وجهوها إلى بلاده بأدلة ذات مصداقية تؤكد دعمها للإرهاب وتمويل أنشطة عناصر تنظيماته. ويؤكد الموقف القطري الرافض لهذه الشروط أن الدوحة اختارت التقارب مع إيران وتركيا كأكبر حليفين في وجه الضغوط السعودية والإماراتية الساعية إلى إرجاعها إلى بيت الطاعة الخليجي. وكان ترحيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقرار الدوحة رفض إغلاق القاعدة العسكرية التي تمتلكها بلاده في قطر بمثابة رسالة قوية بوقوف أنقرة إلى جانب حليفها في منطقة الخليج، في نفس الوقت الذي أكد فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني عن رغبة إيرانية ملحة لتعميق علاقات بلاده مع قطر. وهي تصريحات لم ترق للسلطات السعودية واعتبرتها تغليب لأوراق خصومها الإقليميين في عقر دارها والساعين إلى لعب أدوار محورية على حسابه في منطقة تحولت إلى مسرح لتجاذبات لإعادة رسم خارطتها الجيو استراتيجية وفق مصالح وتوازنات جديدة أملتها سياسات القوى الكبرى في السنوات الأخيرة.