أبرز السيد كريم جودي وزير المالية أمس أهمية الخيارات الاقتصادية التي اعتمدتها الدولة في السنوات الأخيرة والتي يعود لها الفضل في حماية الجزائر من آثار الأزمة المالية العالمية على المدى المتوسط. وأوضح الوزير في تصريح للصحافة على هامش عرض المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي لتقريري الوضعية الاقتصادية والاجتماعية من 2005 إلى 2007 وخلال السداسي الأول ل2008، أنه من ضمن الإجراءات الوقائية المعتمدة ضمن الخيارات الاقتصادية للدولة إنشاء صندوق ضبط الإيرادات، الذي يضمن تمويل المشاريع الوطنية من خلال الفوارق المحصلة بين السعر الحقيقي للبترول والسعر المرجعي المعتمد في قوانين المالية، مذكرا بأن السلطات كانت تعتمد منذ 2000 على سعر مرجعي مقدر ب19 دولار للبرميل، قبل أن تشرع بداية من قانون المالية التكميلي لسنة 2008 في العمل بسعر مرجعي مقدر ب37 دولار للبرميل. وأشار السيد جودي إلى أن الأهداف الأساسية المتوخاة من تحويل الفارق إلى صندوق ضبط الإيرادات تشمل تقليص المديونية "وهذا ماتم"، وضمان الحماية على مستوى السوق الدولية في مجال نسب الصرف والفائدة، علاوة على تمكين الدولة من ميزانية لتمويل الاستثمارات العمومية. وفي هذا الصدد ذكر الوزير بأن الجزائر تملك اليوم 40 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في الصندوق الوطني لضبط الإيرادات، وهذا يسمح لها وعلى أساس السعر المرجعي المحدد ب37 دولار من ضمان موارد لتمويل مشاريعها الوطنية على المدى المتوسط، أي إلى غاية 2011. ومن العوامل المهمة التي تحمي الجزائر من التأثيرات المباشرة للأزمة المالية العالمية، ذكر السيد جودي جملة من الإجراءات الوقائية، على غرار صندوق ضبط الإيرادات وكذا تمويل برامج التنمية الاقتصادية بالدينار الجزائري وليس من خلال موارد خارجية، خلافا لما حدث في العديد من الدول المصدرة للنفط، التي لم تعتمد نفس الخيارات الاقتصادية. غير أن ممثل الحكومة أشار في المقابل إلى أنه "حتى وإن كانت الجزائر الآن في منأى عن الأزمة العالمية لأسباب معروفة، فستكون معنية بالأزمة في حال تغيرت أسعار النفط"، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة ينبغي على الدولة إعادة تكييف استراتيجيتها الاقتصادية. أما بالنسبة للأزمة الاقتصادية العالمية التي سبقت الأزمة المالية والتي مردها انخفاض معدلات النمو الإقتصادي وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق العالمية، فقد اعتبر الوزير أن الجزائر مدعوة إلى مجابهتها من خلال التنويع الإقتصادي، ولا سيما بدعم النمو الحاصل في قطاعات البناء والأشغال العمومية والري والفلاحة والخدمات والسكن، والتي تسجل معدلات نمو مشجعة خلال السنوات الأخيرة.