تعد مؤسسة استرجاع المطاط الكائن مقرها بحمادي في بومرداس، إحدى الشركات الرائدة في إعادة رسكلة العجلات المطاطية، وتحويلها إلى صفائح ومنتوجات مختلفة تستخدم في ميادين ذات استعمالات واسعة ومتنوعة، حيث يقدر حجم إنتاجها الإجمالي من المواد المسترجعة 45 طنا خلال أسبوع، وهو ما يجعل مسيريها يفكرون في مضاعفة القدرة الإنتاجية للتوجّه نحو التصدير. تشغل هذه المؤسسة المختلطة (الصينية-الجزائرية) التي تعود نشأتها إلى سنة 2014، في إطار تفعيل الشراكة الثنائية بين الجزائر-والصين في مجال إعادة رسكلة وإعادة تحويل المطاط والتسيير المدمج للنفايات، 30 عاملا جزائريا يشرفون على جميع المراحل الخاصة بالإنتاج إلى غاية الحصول على المنتوج النهائي، تحت رعاية إطارات ومهندسين صينيين. إنتاج 800 صفيحة من نفايات المطاط يساهم الطاقم العامل على مستوى هذه الشركة الفتية، حسب المسؤول الصيني المشرف على الشركة السيد يونغ سونغ، في عملية رسكلة وتحويل العجلات، بدءا من الحصول على هذه المادة الأولية، مرورا بمختلف المراحل المعتمدة في التحويل، انطلاقا من عملية تقطيع العجلة المطاطية وفصل إطارها الخارجي عن الأسلاك الداخلية، تليها عملية تفتيت المطاط بواسطة آلة خاصة، ومنه رحي الفتات إلى جزيئات صغيرة، قبل نقلها عبر بساط ميكانيكي متحرّك إلى فرن كبير لإعداد الصفائح، بإضافة مادة صمغية سوداء لمسحوق المطاط، وهو ما يعطي في آخر عملية من سلسلة الإنتاج منتوج صفائح مسترجعة من المطاط يبلغ بين 700 إلى 800 صفيحة كأقصى حد خلال 03 أيام كاملة. وقد وقفت «المساء» بهذه الوحدة التحويلية على كل هذه المراحل التي تعد ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، رغم بساطة المعدات والتجهيزات المستخدمة التي تتطلب صيانة دورية ودقيقة. استخدام الصفائح في مجالات عديدة ومتنوعة يواصل السيد سونغ حديثه عن مؤسسته، مشيرا إلى الاستخدامات الواسعة والمتعدّدة للمنتوجات النهائية المتحصّل عليها من إعادة رسكلة عجلات السيارات، على غرار استعمال الصفائح المذكورة في تغطية الملاعب والفضاءات والقاعات الرياضية الخاصة بكرة القدم اليد والطائرة والرياضات القتالية كالجيدو والكاراتي، إلى جانب تغطية ساحات وقاعات بعض المساجد والمصليات والحدائق العمومية وفضاءات اللعب والتسلية والترفيه، وفق اتفاقيات ثنائية، ويكون ذلك حسب الطلب، كما يضاف إلى ذلك، حسب المتحدّث، الاستعانة بهذه المواد في إنتاج النعال والأحذية ومجالات طبية ومنزلية أخرى. كما يتم استرجاع الأسلاك المفصولة عن الإطارات المطاطية وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة لتصدّر إلى الصين، حيث تستخدم في بعض المجالات الصناعية والإلكترونية، على غرار المولدات الكهربائية وأجهزة إلكترونية أخرى، علما أنّ هناك 03 دول فقط في العالم تعدّ رائدة في استخدامات هذا النوع من الأسلاك ويتعلّق الأمر بالصين واليابان وألمانيا. الاستعانة بالخواص في جمع العجلات المطاطية وبما أن العجلات تعد المادة الأولية والأساسية في كل مراحل الإنتاج الخاص بهذه الشركة، فإنه لا مناص من الحصول عليها والبحث عنها، حيث يتم الاعتماد على الخواص الذين يقومون بجمع هذه الإطارات من الطبيعة والأودية ومحلات تصليح العجلات، وتسليمها لمؤسسة «مابلاك» لتحويلها وإعادة رسكلتها مقابل الحصول على مبالغ مالية على حساب الحجم والنوعية، وهو النشاط الذي يدرّ دخلا ماليا للراغبين في ذلك، لاسيما الشباب البطال، والذين يملكون وسائل نقل تجارية تسهل عليهم عملية الجمع. ويرى مسؤول المؤسسة أنّ هذا النشاط يعد تحفيزا كبيرا للبطالين الراغبين في إيجاد دخل مالي والتحرّر من شبح البطالة القاتل، خاصة أنّ المنطقة التي يتواجد بها مقر المؤسسة تضم مناطق عديدة ترمى فيها عجلات السيارات المستعملة، خاصة على ضفاف الأودية، مذكرا بأنّ الأبواب مفتوحة 24 على 24 ساعة لاستقبال العجلات، مع العلم أنّ وتيرة الإنتاج لا تتوقّف وتعمل بنظام التناوب. فوجان من العمال لرفع تحدي مضاعفة الإنتاج يقوم 30 عاملا بمتابعة عملية إعادة الرسكلة والإنتاج بالمؤسّسة المذكورة، حيث كان فريق واحد فقط يقوم بهذه لعملية والإشراف على مختلف المراحل التي أشير إليها سابقا، ليتعزّز بفوج ثان جديد تمّ توظيفه في هذا الإطار مع حلول شهر رمضان الفارط، بهدف تعزيز نشاط الإنتاج والرفع من قدرته للاستجابة للطلبات المتزايدة على المنتوجات المتنوعة لهذا المصنع. وأوضح المكلّف بصيانة الآلات بالمؤسّسة، السيد عبد القادر بونمري، أنّ منظومة الإنتاج عرفت تقدّما ملحوظا، لاسيما مع تعزيز العمال بموظفين جدد يتلقون حاليا تكوينا معمقا في هذا المجال، مع متابعتهم بشكل مباشر في المهام الموكلة إليهم، لتمكينهم من التحكّم الكامل في هذا النشاط الهام. أكّد بونمري أن كل الأمور تسير على ما يرام، ما عدا تسجيل بعض المشاكل والأعطاب التقنية في آلات التقطيع والرحي التي كثيرا ما يتم إصلاحها وتجاوزها دون تأثير كبير على الوتيرة الإنتاجية، موضحا أن التفكير يجري للتقدم بطلبات بهدف الحصول على عتاد وآلات جديدة وعصرية، للحدّ النهائي من أي مشكل أو طارئ محتمل. رسكلة المطاط نشاط مربح وحماية للبيئة بغض النظر عما تمثّله عملية تحويل ورسكلة النفايات المطاطية (العجلات) من نشاط اقتصادي مربح، لما يساهم في ضمان مداخيل مالية معتبرة من جهة، فإنّ الاستثمار في هذا المجال يهدف من جهة أخرى إلى حماية الوسط البيئي والمنظومة الإيكولوجية بشكل عام من الآثار والانعكاسات التي يخلّفها هذا النوع من النفايات في الطبيعة، باعتبار أنّ العجلات المطاطية تحتوي في تركيبتها الكيماوية على مادة الكاربون الملوثة. وهو ما يجعل العجلة تستغرق عشرات السنين لتتحلّل في الطبيعة بعد أن ترمي فيها كمية كبيرة جدا من هذه المادة السامة والخطيرة على الإنسان والنبات والحيوان. أضف إلى ذلك أنّ هذا النشاط الإستراتيجي يرمي إلى تنظيف المحيط البيئي من النفايات التي تشوّه صورته الجمالية. يذكر أنّ مؤسسة «مابلاك» تحوز على مستودع كبير لتخزين قطع المطاط المسترجعة في أكياس منذ نشأتها سنة 2014، حيث تحضّر هذه المادة مسبقا تحسبا لاستخدامها في عملية التحويل.