أصبحت الرياضة في مقاطعة الرويبة مرادفة للتسيير الفوضوي والتسيب الإرادي، فالسلطات المحلية تعطي القسط القليل من اهتمامها للرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، لا سيما أن هذه الأخيرة كانت في سنوات خلت المنارة البارزة في الرياضة بالرويبة، فجميع الرياضيين بهذه الجهة أصبحوا يعيشون على ماض غني بالذكريات الجميلة التي تركها في الذهنيات فريق وداد الرويبة لكرة القدم، الذي لعب في القسم الوطني الثاني سابقا، لما كان يملك فرديات كروية لامعة، أبرزهم بوعلام مبروكي الذي كان يعرف تحت تسمية «باطاطا»، حيث لعب في صفوف الفريق الوطني خلال الستينات. لكن اليوم، النادي الذي انتمى إليه أشهر لاعبي كرة القدم في الرويبة يعاني كثيرا، وهو تحت تهديد الزوال بسبب المشاكل المالية العويصة التي يعيشها مع ممر المواسم الرياضية. فقد وصل الأمر في هذا النادي إلى حد إشراك أهالي لاعبي الفئات الصغرى ماليا من أجل إيجاد الحلول المالية الرامية إلى تسيير أصناف هذه الأخيرة، وهذا ما أكده لنا عمر بن طاهر، رئيس هذه الفئات الشبانية بوداد الرويبة، حيث قال في هذا الموضوع «لقد لجأنا إلى هذا الإجراء بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها جمعيتنا الرياضية وفريق وداد الرويبة لكرة القدم المنتمي للقسم الجهوي هو أحد فروعها. صحيح أننا طلبنا من أولياء لاعبي الفئات الشبانية دفع خمسة آلاف دينار جزائري، لكن على عكس ما يعتقد البعض، فإن هذا الإجراء ليس إلزاميا على أهالي الفئات الشبانية ولا شرطا لانخراط أبنائهم في النادي، بل طلبنا منهم فقط يد المساعدة وتجاوبوا معنا، البعض منهم قال لي بصريح العبارة «أفضل دفع هذا القسط من المال للنادي أو أكثر من ذلك، عوض أن أترك ابني يتسكح في الشوارع أو يلهو بأمور تعود عليه بالخطورة». بالنسبة لمحدثنا، هذه المساعدة ليست حلا نهائيا للمشاكل المالية التي يعاني منها النادي، بل تقلل فقط من المصاريف الباهضة التي ينفقها المسيرون على كل الفئات في اقتناء العتاد الرياضي والعتاد الخاص بالتدريبات، إلى جانب المصاريف المنفقة في تنقل هذه الفئات خارج قواعدها للمشاركة في المباريات الرسمية للبطولة، منها النقل والأكل والإيواء في بعض الأحيان. إلى جانب الرواتب التي يتلقاها مدربو كل الفئات، حيث لا يقل الراتب الواحد عن ثلاثين ألف دينار، وعادة ما يضطر هؤلاء المدربين إلى التوقف عن العمل أو يغادرون نهائيا العارضة الفنية في حال تأخر استلام مستحقاتهم، مما يزيد في متاعب النادي لتسيير هذه الفئات الشبانية. السيد عمر بن طاهر أشار إلى أن المساعدات المالية المقدمة من قبل أهالي لاعبي الفئات الصغرى كافية فقط لشهري سبتمبر وأكتوبر، ويتعين على إدارة النادي البحث عن مصادر مالية أخرى في ظل تأخر استلام ميزانيتي مديرية الشباب والرياضة والمجلس الشعبي البلدي، إذ عادة ما تصل هذه المساعدات في شهر أفريل الذي يتزامن مع اقتراب نهاية البطولة. وتابع محدثنا قائلا «أكثر ما يرهق النادي أن هذا الأخير يملك ديونا كبيرة مسجلة على عاتقه منذ الموسم الرياضي المنصرم، وأن الجزء الكبير من الميزانية التي يستلمها من المجلس الشعبي البلدي ومديرية الشباب والرياضة في كل شهر أفريل يخصص لتسوية الديون، والجزء الآخر ليس كافيا لإنهاء الموسم الرياضي. هذه الوضعية تتكرر في كل موسم رياضي، وهو ما يفسر الصعوبات التي تواجه النادي عند بداية كل موسم». السيد عمر بن طاهر قال أيضا بأنه يمكن التخفيف من حدة هذه الأزمة في حالة ما إذا تم تسليم الميزانيتين قبل انطلاق الموسم. وعن شرعية المساعدات المالية التي يقدمها أهالي لاعبي الفئات الشبانية للنادي، قال محدثنا بأنه ليس هناك قانون يجيز للنادي استلام هذه المساعدات، لكن مديرية الشباب والرياضة تغاضت عن مثل هذه الإجراءات بسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها في الجانب المالي الأندية المشاركة في البطولات الجهوية. في نادي وداد الرويبة، يحاول المسيرون جعل ضوابط لهذه المساعدات المالية لكي لا يتم تحويلها إلى أغراض أخرى، حيث تفرض إدارة النادي على رئيس الفئات الشبانية الصغرى إثبات شراء كل المستلزمات الرياضية، عن طريق تبيان الفواتير المسلمة من طرف الجهات التي يتم اقتناء هذا العتاد من عندها. عمر بن طاهر قال في هذا الشأن، بأن ما يهم إدارة النادي هو الحفاظ على سيرورة العمل في الفئات الشبانية، لكي لا يضيع لاعبوها الشباب في متاهات المشاكل العويصة التي عادة ما تجعلهم ينسحبون نهائيا من النشاط الرياضي، مثلما يحدث في كثير من الأندية عبر التراب الوطني، فضلا عن أن وداد الرويبة مضطر كما قال لضمان استمرار سياسة التكوين التي تسمح بترقية اللاعبين إلى فئة الأكابر لأن النادي لا يملك الأموال الكافية لاستقدام لاعبين من نواد أخرى. من جهته، تأسف رئيس الجمعية الرياضية لوداد الرويبة ناصر عصبات من قلة اهتمام السلطات المحلية بوضعية النادي، وقال في هذا الموضوع «بوسع مسؤولي المجلس الشعبي البلدي المساهمة بشكل فعال في إنهاء المشاكل المالية التي تمر بها الأندية الرياضية في كل موسم رياضي، في حالة ما تعاونوا معنا في الحصول على عقود تمويل من قبل مسيري المؤسسات الاقتصادية الموجودة بكثرة في المنطقة الصناعية للرويبة، لأن هذه الأخيرة ترفض التعامل معنا دون موافقة مصالح البلدية، لكن لم نجد آذانا صاغية من مسيري البلدية. اليوم، الوضع الرياضي في الرويبة وصل إلى حد لا يطاق، مع الإشارة إلى أن عدد الرياضيين المنخرطين في مختلف الأندية لا يتعدى ألف وخمس مائة رياضي، وهذا العدد ليس كبيرا مقارنة بعدد الرياضيين الموجودين في بلديات أخرى فقيرة مقارنة ببلدية الرويبة التي تعد من أغنى بلديات الوطن، بفضل امتلاكها لمنطقة صناعية تذر عليها أموالا طائلة، لكنها غير مستغلة لتطوير الرياضة». رياضيو مقاطعة الرويبة ينتظرون الآن حضور البلدية القادمة لعلها تهتم أكثر بالقطاع الرياضي.