لم يخف بعض مواطني بلدية جسر قسنطينة في حديثهم ل«المساء»، عدم رضاهم عن وضعية مقر البلدية، خاصة مصلحة الحالة المدنية التي تعرف فوضى عارمة، بسبب ضيق المقر وعدم قدرته على استيعاب العدد المتزايد للمواطنين، وعدم استلام مشروع مقر البلدية المبرمج للإنجاز منذ بداية العهدة التي ستنقضي بعد أيام، مشيرين إلى أن المجلس لم يتمكن من بناء مقر لائق للبلدية، وفشل رئيسها في تسيير شؤونها، حسبما ذكر مواطن يقيم بالبلدية منذ عام 1988، مشيرا إلى أن الفوضى هي ميزة المصلحة التي أصبح وضعها «مقرفا»، على حد تعبيره، بسبب غياب المسؤولين والقائمين على شؤون البلدية، «الذين لا نراهم أبدا في الميدان». أحياء دون تهيئة منذ سنوات في هذا الصدد، ذكر بعض المتحدثين ل«المساء»، أن المجلس أولى بعض الأحياء أهمية على حساب أخرى، مستدلا على ذلك بالوضعية المتدهورة التي يعرفها حي عين النعجة القديم الذي لم يستفد من أي مشروع لتجديد الطرق وقنوات الصرف الصحي، التي تحولت إلى مصدر للإزعاج وانتشار الروائح الكريهة، عكس أحياء السمار والحياة و«سونلغاز» التي استفادت من التهيئة، رغم أنها أحياء جديدة، حيث تم ربطها بشبكة الغاز الطبيعي وقنوات الصرف الصحي وتهيئة طرقها، بينما لم تهيأ بعد طرق عين النعجة القديمة، فضلا عن الوضع البيئي المتدهور، الذي تشهده العديد من الأحياء، حيث أوضحوا أن البعوض تحول إلى هاجس بالنسبة للعديد من السكان، بسبب عدم استعمال المبيدات من طرف مصلحة النظافة، وانتشار النفايات وتراكمها، وهي النقطة التي اتفق بخصوصها العديد ممن تحدثنا إليهم، حيث أشار أحدهم إلى أن القمامة لا تجمع أحيانا لمدة ثلاثة أيام كاملة، وهو ما يزيد الوضع سوءا، مما جعل بعضهم يتطوعون لتنظيف محيطهم. كما أثار أحد المواطنين وضعية قنوات الصرف الصحي التي يبقى بعضها دون صيانة، موضحا أن المصالح المعنية، خاصة مصلحة النظافة، لا تكلّف نفسها عناء التنقل لإصلاح الأعطاب التي عادة ما تتسبب في انتشار روائح كريهة، لتبقى شكاوي المواطنين دون حل في أغلب الأحيان. بينما يجد عمال المصلحة أنفسهم في عطلة دائمة، كأن الأمر يتعلق بملكية خاصة، يقول أحد المواطنين ل«المساء»، في الوقت الذي يواجه سكان بعض الأحياء خطر انتشار القوارض، مثل الجرذان. «المالحة» لم يحظ بالاهتمام من بين السكان الذين صبوا غضبهم على المجلس الشعبي البلدي، المقيمون بحي المالحة الذين أكدوا أن حيهم محروم من مختلف المرافق، رغم استقباله آلاف العائلات التي استفادت من صيغ سكنية مختلفة، حيث تم إنجاز العمارات دون مؤسسات تربوية كافية، وأسواق جوارية وهياكل صحية وغيرها، خاصة ما تعلق بالمدارس التي خلق غيابها متاعب للتلاميذ والأولياء، نتيجة للاكتظاظ الرهيب داخل الأقسام المتوفرة وبعد بعضها عن الحي، فضلا عن انعدام مساحات اللعب والراحة للأطفال والشباب، مما أدى إلى انتشار الآفات الاجتماعية والاعتداءات بصفة ملفتة للانتباه بهذا الحي، خاصة في ظل انعدام مركز للأمن بالمنطقة. كما أكد سكان أحياء أخرى، على غرار حي كازناف ومقنوش، انعدام فضاءات اللعب والترفيه لأبنائهم الذين يلجأون إلى اللعب في الشارع أو التنقل إلى الأحياء المجاورة رغم مخاطر ذلك على حياتهم. المعاناة مع السكن مستمرة اعتبر العديد من الذين تحدثنا إليهم، أنّ السلطات المحلية التي تعاقبت على تسيير شؤون بلديتهم، كانت مجحفة في حق الكثير من العائلات، التي لا زالت تعاني أزمة سكن خانقة، حيث لم تستفد من شقة لائقة أو قطعة أرض صالحة للبناء، على غرار الذين تحصلوا على سكنات جديدة من أصحاب القصدير، رغم أن الكثير منهم ليسوا من السكان الأصليين بالبلدية. وأوضح المتحدثون أن المجلس الحالي قدم وعودا لم تتحقق، ولم يوزع قائمة السكن الاجتماعي التي تحصل عليها من ولاية الجزائر، لتخفيف معاناة الذين يعيشون في الضيق منذ سنوات، والذين يأجرون سكنات بأسعار جد مرتفعة. بينما حظيت آلاف العائلات التي شيدت سكنات فوضوية بإقليم البلدية باهتمام خاص من السلطات المحلية، التي فشلت أيضا في التحكم في مشكل التجارة الفوضوية، بسبب عدم إنجاز عدد كاف من الأسواق الجوارية. رئيس البلدية.. الحصيلة إيجابية بدوره، دافع رئيس بلدية جسر قسنطينة، في لقاء خص به «المساء»، عن حصيلة نشاط المجلس خلال الخمس سنوات الماضية، مشيرا إلى أنه جد مرتاح لما تحقق في هذه الفترة التي كانت إيجابية، «بالنظر إلى المشاريع التي أنجزت خلال هذه المرحلة»، حيث تمّ القضاء على حوالي 80 بالمائة من البيوت القصديرية، من خلال عملية الترحيل التي قامت بها ولاية الجزائر، أهمها حي الرملي الذي كان نقطة سوداء على مستوى البلدية والعاصمة بصفة عامة، حيث كانت هذه الأحياء تعيق عمل البلدية، سواء من حيث النظافة أو الأمن والآفات الاجتماعية، فضلا عن استرجاع أوعية عقارية هامة ترجع بالفائدة على السكان، من خلال مشاريع انطلقت وأخرى في طريق الإنجاز في تلك المواقع. وبخصوص المشاريع التي تحققت في الميدان، ذكر المتحدث، تعبيد معظم الطرق وبمختلف الأحياء التي كانت تواجه مشاكل التهيئة، فضلا عن الإنارة وقنوات الصرف الصحي، في حين لم تكتمل التهيئة الداخلية المبرمجة بعدة أحياء، والتي لم تستفد أيضا من فضاءات اللعب والراحة، مؤكدا أن هذا الجانب لم يتم تحقيقه مائة بالمائة، بينما تم إنجاز ملاعب جوارية في كل الأحياء دون استثناء، منها أكثر من 10 ملاعب معشوشبة، في انتظار تجسيد ثلاثة ملاعب أخرى تنطلق هذه الأيام بأحياء كازناف ومقنوش و1074 مسكنا وحي المالحة استجابة لانشغالات السكان، وخمسة مشاريع خاصة بالطرق والتطهير توجد في طور الإنجاز، منها شبكتان لتجديد قنوات الصرف الصحي بعين النعجة القديمة، وطريق بحي النور بالسمار ومسلك بعين النعجة القديمة. كما تم استرجاع مشروع المسبح شبه الأولمبي الذي كان متوقفا، وانطلقت به الأشغال مؤخرا. كما تحصلت البلدية على 20 مليار سنتيم لإعادة تأهيل المركب الرياضي الجواري ووضعه تحت تصرف الشباب وسكان البلدية بصفة عامة، والتهيئة الخارجية للعمارات على مستوى مختلف الأحياء. مشاريع مبرمجة وتوزيع السكن بعد المحليات أما بالنسبة للأمن بعين المالحة، الذي يشكّل هاجسا بالنسبة للعائلات وكل المقيمين به، سيتم حسب بوقرة، تدشين مقر للأمن بالمنطقة التي كانت تشهد اعتداءات متكررة، ومركز صحي على مستوى عين النعجة التي تفتقد لهذا المرفق ومركز بريدي. كما سيتم إنجاز عدة مشاريع على مستوى الأراضي المسترجعة في موقع عين المالحة «ب»، منها مراكز تجارية في إطار تشجيع الاستثمار، ومستشفى لمعالجة السرطان ومسجد ومركز تجاري بموقع كازناف وقرية الشوك، وهي مشاريع ولائية ستنطلق قريبا. من جهة أخرى، وفيما يتعلق بمائة محل تجاري، التي تقرّر تحويلها إلى مقر للبلدية، لعدم جدوى المشروع، ومعاناة المجلس بسبب غياب مقر لائق، تم حسب رئيس البلدية الذي ترشح لعهدة ثانية، إعلان المناقصة من أجل اختيار المقاولين لتهيئة هذا المقر وجعله يليق بسمعة البلدية. كما اعترف المتحدث بوجود نقائص، واكتظاظ في مدارس بعض الأحياء، مشيرا إلى تسجيل مشاريع لإنجاز هياكل تربوية، منها مدارس بحي 483 مسكنا ومشروع مدرستين على مستوى وادي الكرمة وجنان سفاري. كما ذكر بالأسواق الجوارية التي تم إنجازها، منها واحدة في حي الحياة بها مائة طاولة، وسوق بالمالحة بها 40 محلا، تقع في وسط حي قصديري لم توزع بعد على المستفيدين. وأخرى بالسمار استفادت من حصة معتبرة من المشاريع، حيث تم تعبيد ثلاثة محاور طرق بأكثر من 20 مليار سنتيم، وتجديد الإنارة العمومية وشبكات التطهير والغاز، في حين انتهى المجلس من دراسة الملفات وإعداد القائمة الخاصة بحصة 180 سكنا اجتماعيا ينتظر توزيعها بعد المحليات، في حين تبذل جهود كبيرة من أجل النظافة المرتبطة -حسب المتحدث- بثقافة المواطن الذي لا يحترم أوقات رمي القمامة، حيث لم تتمكن «ناتكوم» والشاحنات التي اقتنتها البلدية من التحكم في الحجم الكبير من النفايات، «رغم ذلك، نسجل تحسنا في هذا الميدان».