تغيب السينما الجزائرية عن مجريات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، المرتقب تنظيمه من 21 إلى 30 نوفمبر الجاري، حسب ما ورد في الملف الصحفي للمهرجان، وهذا راجع، منطقيا، لضعف الأفلام المنتجة مؤخرا، وهو الأمر الذي يجب التوقف عنده وزارة الثقافة والمؤسسات السينمائية الوصية على هذا القطاع. ❊ دليلة مالك قد لا يفضل العديد من المتتبعين القيام بالمقارنة مع المشاركة القوية لجيراننا في هذا الحدث السينمائي العربي والعالمي الهام، لكن دول عربية تعرف محنا أمنية وسياسية واقتصادية، غير أنها سجلت حضورها، على غرار مشاركة فيلمين من سوريا وأربعة أفلام من العراق وثلاثة من لبنان. أما المغرب فسيحل بثلاثة أعمال وتونس بستة أفلام كاملة، ولا مكان للسينما الجزائرية في أي قسم من أقسام هذا المهرجان. أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي قبل أيام، عن إهداء الدورة التاسعة والثلاثين إلى الفنانة الكبيرة شادية، التي تمر بوعكة صحية. أصبح المهرجان رافدا للثقافة السينمائية ونافذة للإطلالة على المدارس السينمائية المختلفة في العالم، يوفر وجبة شهية حافلة بكل ما يمتع القلب، ويخاطب العقل، من أفلام تزيد عن ال175 فيلم تمثل 53 دولة، موزعة بين المسابقة الدولية، التي تضم أفلاما مهمة، مثل الفيلم الإيطالي «فورتوناتا إخراج سيرجيو كاستيليتو، الفيلم الفرنسي «موسم في فرنسا»، إخراج التشادي محمد صالح هارون أحد أهم المخرجين في تاريخ إفريقيا. الفيلم البلجيكي «Insyriated» من إخراج فيليب فان ليو، الفيلم التشيلي «الخيول» للمخرجة الشهيرة مارسيلا سعيد، الفيلم الأذربيجاني «بستان الرمان» من إخراج إيلجار ناجاف، الفيلم السلوفاكي «خارج « للمخرج جيرجي كريستوف، الفيلم التونسي «تونس في الليل» للمخرج إلياس بكار، الفيلم السلوفاكي «نينا» من إخراج يوراج ليهوتسكي، الفيلم الإيطالي «المتسلل» للمخرج ليوناردو دي كوستانزا، إلى جانب تظاهرات أخرى. أما البرنامج الرسمي خارج المسابقة، فيعرض أفلام «العودة إلى مونتوك» لأستاذ السينما الألمانية فولكر شلوندورف الفائز بجائزة مهرجان القاهرة التقديرية في مهرجان القاهرة الدورة 36، «الرجال لا يبكون» للمخرج ألين درليفيتش، «أسف البحر» أول فيلم تخرجه الممثلة العالمية المخضرمة فانيسا ريدجريف بعد تجاوزها الثمانين من العمر، «في الذبول» للمخرج الألماني الكبير فاتح أكين، «الطيور تغني فوق كيجالي» الذي بدأه المخرج البولندي الكبير كريستوف كروز وتوفي قبل إتمامه، لتكمله زوجته، ويفوز بجائزة أحسن ممثلة من مهرجان كارلوفي فاري السينمائي، والفيلم الكوري «The Merciless» للمخرج بيون سونج هيون. علاوة على قسم «مهرجان المهرجانات»، المعني بعرض أهم الأفلام التي عُرضت في المهرجانات العالمية. كما تواصل إدارة المهرجان تنظيم بانوراما السينما المصرية الجديدة، التي تعرض أهم الأفلام المصرية المتميزة، التي أنتجت عامي 2016 و2017 بعد ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، بهدف تعريف الضيوف الأجانب بالمستوى الذي وصلت إليه السينما المصرية، ومدى ما حققته من نجاح تمثل في حصد عدد من الجوائز المهمة في المهرجانات العالمية. بالإضافة إلى المسابقات الموازية التي ينظمها المهرجان، مثل «أسبوع النقاد» الذي يعرض الأعمال الأولى والثانية لمخرجين من كافة أنحاء العالم، و»آفاق السينما العربية»، الذي يحتفي بأحدث نتاجات السينما العربية، و»سينما الغد»، الذي يعرض الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى برنامج لعرض مجموعة من أفلام المخرجات الفرنسيات المعاصرات. وبرنامج لعرض أفلام المكرمين المصريين والعرب، وقسم الأفلام التي رُشحت من قبل دولها للفوز بجائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي في سباق أوسكار 2018، كما في الأفلام التسعة التي يعرضها المهرجان، بعد أن نجح في الحصول على حقوق عرضها في دورته الجديدة. السينما الأسترالية ضيف شرف اختارت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أستراليا لتكون ضيف شرف الدورة التاسعة والثلاثين، نظرا لما تتميز به من لغة سينمائية لها خصوصيتها، وأفكار طازجة تكتسب تفردا بين المدارس السينمائية في العالم، حيث تعرض باقة من الأفلام التي تمثل مراحل مختلفة من صناعة السينما هناك، كما تستضيف عددا من مبدعي السينما الأسترالية، ممن وضعوا بصمة فنية توجت بعدد من الجوائز العالمية. غانم وصبري والكدواني ينالون جوائز فاتن حمامة يكرم المهرجان في دورة هذا العام، كوكبة من مبدعي مصر والمنطقة العربية والعالم، بمنحهم جائزة فاتن حمامة التقديرية وجائزة التميز، حيث تذهب جائزة فاتن حمامة التقديرية إلى النجم سمير غانم، الذي يُصدر المهرجان كتابا عنه، بينما تذهب جائزة فاتن حمامة للتميز للفنانة التونسية هند صبري والفنان المصري ماجد الكدواني. ويعرض المهرجان بعض الأفلام التي تتولى تعريف المكرمين أمام ضيوف المهرجان. وفي سياق التكريم، ينظم المهرجان تكريما خاصا للناقد الكبير الراحل سمير فريد (1ديسمبر 1943 - 4 أفريل 2017)، يضم معرضا لما أنجزه. كما يقدم المهرجان «تحية خاصة لمن فقدناهم خلال العام» وهم: المخرج المصري محمد كامل القليوبي - المخرج اللبناني جان شمعون، والنقاد المصريين؛ أحمد الحضري، مصطفى درويش، فوزي سليمان، يعقوب وهبي ومحمد عبد الفتاح. السينما العربية محل الاهتمام حرص مهرجان القاهرة السينمائي على استقطاب عدد من أهم الأفلام العربية التي أنتجت حديثا، والحصول على حق عرضها في المهرجان، على رأسها الفيلم التونسي «تونس في الليل» للمخرج إلياس بكار في عرضه الدولي الأول خارج تونس، الفيلم السوري «طريق النحل» للمخرج الكبير عبد اللطيف عبد الحميد، أحد أهم مخرجي سوريا عبر تاريخها، الفيلم الفلسطيني «اصطياد أشباح» للمخرج رائد أنضوني الفائز بجائزة أحسن فيلم تسجيلي في مهرجان برلين السينمائي، الفيلم المغربي «عرق الشتاء» للمخرج حكيم بلعباس المشارك في مهرجان تورنتو السينمائي وعشرات المهرجانات الدولية، والفيلم اللبناني «محبس» للمخرجة صوفي بطرس، أحد أنجح الأفلام اللبنانية التي عُرضت خلال العام الحالي. المهرجان يصل إلى مستحقيه مثلما فعلت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورة العام الماضي، عندما أعادت العروض الجماهيرية إلى الصالات التجارية، تتابع توصيل الدعم الثقافي إلى مستحقيه، فإضافة إلى قاعات الأوبرا المصرية التي تعكس عمق العلاقة بين المهرجان ودار الأوبرا المصرية، برعاية وزارة الثقافة، وتتمثل في توفير قاعات المسرح الصغير، مركز الإبداع، سينما ومسرح الهناجر والمسرح المكشوف، فضلا عن التواجد في منطقة وسط البلد؛ من خلال ثلاث شاشات في سينما أوديون. ومن أجل التوسع الجغرافي، تم الاتفاق على إقامة عروض لأفلام المهرجان في إحدى قاعات الجامعة الأمريكية بالتجمع الخامس وإحدى شاشات مول العرب في 6 أكتوبر. «الجبل بيننا» يفتتح المهرجان يفتتح الفيلم الأمريكي «الجبل بيننا» (إنتاج 2017، 112 دقيقة) للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، مهرجان القاهرة السينمائي ال39. الفيلم من بطولة كيت وينسلت وإدريس ألبا، وكتب السيناريو كل من كريس وايتز، جاى ميلز جودلو. تدور أحداث قصة الفيلم، عقب حادث مأساوي، تحطمت فيه طائرة وهوت بمن فيها، تقطعت السُبل برجل وامرأة غريبين عن بعضهما البعض، وكان عليهما أن يتوصلا لشكل علاقة تُمكنهما من البقاء على قيد الحياة في هذا المكان النائي، وسط الجبال المغطاة بالثلوج الكثيفة. عندما يدركان أن المساعدة لن تأتي، يخوضان رحلة محفوفة بالمخاطر تمتد لمئات الأميال البرية، يدفع كل منهما الآخر للصمود واكتشاف القوة التي لم يكونا يعرفان أنهما يتمتعان بها. لجنة تحكيم المسابقة الدولية وقع اختيار إدارة مهرجان القاهرة السينمائي لترؤس لجنة تحكيم المسابقة الدولية على الممثل المصري الكبير حسين فهمي، ومعه في عضوية اللجنة، المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، والمخرج المصري خيرى بشارة، وكاتب السيناريو التشيكي بيتر فاكلاف، والمخرج والمصور الأسترالي سكوت هيلير، والمنتج والموزع الصيني جاك لي، إلى جانب الممثلة الفرنسية فابيان باب والممثلة السورية كندة علوش. تحية لأسماء رحلت في 2017 شهد العام الجاري 2017 تساقط أوراق عديدة من شجرة الإبداع في مصر والمنطقة العربية والعالم، بعد أن خطفهم الموت، كعادته، واختطف عددا من أبرز المبدعين الذين فقدنا أجسادهم، لكننا لم ولن نفتقد الحالة الإبداعية التي خلقوها وتركوها، لتنضم إلى الإرث الثقافي والحضاري الذي نعتز به، ولن يغادر ذاكرتنا. أولهم الباحث والناقد وكاتب السيناريو والمخرج المصري د. محمد كامل القليوبي (8 ماي 1943 - 2 فبراير 2017)، الذي لم يكتف بالحصول على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من كلية الهندسة بجامعة عين شمس عام 1969، وإنما ترجم - بشكل عملي - عشقه للسينما بأن التحق في بداية السبعينات بالدراسات العليا في تخصص الإخراج والسيناريو في المعهد العالي للسينما، ثم سافر عام 1979 إلى موسكو، وهناك حصل على درجة الدكتوراه في فلسفلة الفنون من معهد السينما الاتحادي (فجيك) الذي يعتبر من المعاهد الرائدة عالميا في مجال السينما. شهدت هذه السنة أيضا رحيل الناقد المصري سمير فريد (1 ديسمبر 1943 - 4 أفريل 2017)، الذي عُرف ب»عميد النقاد السينمائيين العرب»، وكرمه مهرجان «كان»، في آخر دورات القرن العشرين (2000)، وقبل رحيله بشهرين تقريبا منحه مهرجان برلين السينمائي الدولي «كاميرا البرلينالي» التقديرية، في الدورة 67 التي أقيمت في الفترة الممتدة من 9 إلى 19 فبراير 2017، ليصبح أول ناقد عربي وأول شخصية مصرية عربية وإفريقية، يفوز بالجائزة منذ أن بدأت عام 1986. بعد تألقها اللافت في فيلم «العشاق» (1959)، إخراج لوي مال، أطلق الإعلام على الممثلة الفرنسية جان مورو (23 يناير عام 1928 - 31 يوليو 2017) لقب «باردو الجديدة»، وبعد سنوات من الجهد الشاق والعمل الدؤوب، نجحت في الحصول على جائزة سيزار عن أفضل ممثلة، وجائزة BAFTA لأفضل ممثلة أجنبية، وجائزة أفضل ممثلة في مهرجان «كان» السينمائي عن أدوارها الفردية، والكثير من الجوائز التي استحقتها على مدار حياتها. كان أول ظهور للممثلة والمغنية وكاتبة السيناريو والمخرجة الفرنسية على المسرح عام 1947، من خلال عمل كوميدي للكاتب إيفان تورجينيف، في حين نُظر إليها بوصفها إحدى الممثلات الكبريات في الكوميديا الفرنسية، بدأت عملها في السينما سنة 1949 بعدد من الأدوار الصغيرة، وبعد ظهورها في العديد من الأفلام الناجحة، تعاونت مع الجيل الجديد من صناع الأفلام الفرنسيين، ممن وصفوا بأنهم «مخرجو الموجة الجديدة»، ونجحت في أن تضع بصمة عبر دورها في فيلم «مصعد إلى حبل المشنقة» (1958) من إخراج لوي مال ثم فيلم «العشاق» (1959) بالإضافة إلى فيلم «جول وجيم» (1962)، إخراج فرانسوا تروفو، الذي كان بمثابة أكبر نجاحاتها على المستوى العالمي. كما عملت مع عدد من المخرجين الكبار مثل: مايكل أنجلو أنطونيوني «الليلة وخلف الغيوم»، المخرج أورسون ويلز «أجراس في منتصف الليل»، المخرج إيليا كازان «آخر أباطرة المال»، المخرج راينر فيرنر فاسبيندر «الخصام»، المخرج فيم فيندرز «حتى نهاية العالم» والمخرج مانويل دي أوليفيرا «جيبو والظل». اتسمت أعمال المخرج اللبناني جان خليل شمعون (1942 – 11 أغسطس 2017) بالجديّة، كما عُرف بنضاله وثوريته والتزامه بالقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وبانتمائه إلى جيل برهان علوية ومارون بغدادي، الذي اشتهر بأنه الجيل المؤسس للسينما اللبنانية الجديدة؛ فهو واحد من جيل الستينات الذين قدموا الكثير للثقافة اللبنانية. وطوال الرحلة التي بدأها في البقاع شرق لبنان حيث ولد.