"من جد وجد ومن زرع حصد"، "الحرفة تقي صاحبها الفقر"، "خدام الرجال سيدهم"، "أخدم بدورو وحاسب البطال"، إنها مجموعة من الحكم والأمثال التي كبرنا في ضوئها وفهمنا معناها جيدا... فالأمر يتعلق بالعمل الذي فاقت سلطته الضرورة وتعدتها الى العبادة، طبعا كيف لا والشخص الذي يعمل ويعرف نعمة العمل في مجاله واختصاصه يقدم الكثير لنفسه، ومجتمعه ووطنه وللعالم بأسره أيضا، حين يتعلق الأمر بأصحاب القرارات من علماء وسياسيين، فبالعمل وحده يستطيع الشخص ان يحقق طموحاته وأحلامه ويجعل من حرفته او مهنته سلاحا أزليا يحميه من غدر الزمن وتقلباته، فكم من ثري أمسى في النعيم واصبح بلا فلس في الجيب فعرف الألم والمعاناة وعذبته تغيرات الزمن إلا أن »الحرفة« وحدها هي الضمان الاساسي لحياة الفرد الذي لا تعصف به تغيرات الزمن مهما كانت شدتها، بل طالما استطاع اصحاب الحرف ان يتحولوا الى اصحاب رؤوس أموال، والأمثلة كثيرة على غرار الفلاحين الذين خدمت سواعدهم الارض بكل محبة فلم تبخل بعطائها عليهم، وكذا النجارين الذين افتتحوا ورشات صغيرة مع مرور الايام لم تعد كافية لاستقبال الزبائن وتقديم الطلبات، لتتحول الى ورشات كبيرة تصنع أجمل غرف النوم والصالونات بمقاييس عالمية ناجحة. ولعل شباب اليوم يعرف جيدا الفرق الشاسع بين صاحب الحرفة ومفتقدها، وهو الامر الذي يدفع بالكثيرين إلى التربص في مراكز التكوين المهني أو مواصلة الدراسة العليا لضمان الحياة الكريمة، لأن العمل هو العمل وان اختلفت أوجهه، ففي النهاية كل عمل مكمل لصاحبه.