اجتماع الحكومة: دراسة مشاريع مراسيم تنفيذية وعروض تخص عدة قطاعات    مجلة الجيش: 2025 ستكون سنة مواصلة المسيرة بكل حزم وإصرار لرفع التحديات    مكتب مجلس الأمة: تصريح الرئيس الفرنسي حول الجزائر "جرم سياسي وعمل عدائي"    سيدي محمد عمار: عملية السلام تعاني من "شلل تام" بسبب موقف الاحتلال المغربي    إحياء اليوم العربي لمحو الأمية بتوقرت : ضرورة تعزيز أساليب التعلم الذكي للقضاء على الأمية    عطاف يجري ببرازافيل مباحثات مع نظيره الكونغولي    زيتوني يعلن عن اتّخاذ إجراءات احترازية    وفاة الأسطورة ولد مخلوفي    المحكمة الدستورية تقرّر التصريح بدستورية 4 مواد    الشعب الفلسطيني يحيي يوم الشهيد    مسجد باريس يتعرّض إلى حملة تشهير    هذا برنامج الدور ال16 من كأس الجزائر    السيدة منصوري تعقد بكمبالا لقاء ثنائيا مع نائب وزير الشؤون الخارجية الأوغندي المكلف بالتعاون الإقليمي    سونلغاز تنجز أكاديمية كروية    104 حافلات لثلاث ولايات    اختتام تصفيات جائزة الجزائر    هذه مهام الممارسين الطبيين المفتشين والسلك الطبّي    اتصالات الجزائر تطلق عرض "محترف" الموجه خصيصا للمؤسسات الصغيرة وأصحاب المهن الحرة    الشركة الجزائرية للتأمين وضمان الصادرات تعتزم إطلاق خدمة تأمين الاستثمارات الوطنية بالخارج    المديرية العامة للأمن الوطني تفتح مسابقة لتوظيف المستخدمين الشبيهين على أساس الشهادات    الاستدمار ملة واحدة..!؟    وفاة المتطرف الفرنسي جان ماري لوبان عن عمر 96 عاما    أجواء مستقرة مع تساقط بعض الزخات المطرية    خنشلة : الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية ششار توقيف 03 أشخاص و تحجز مخدرات و مؤثرات عقلية.    تسجيل أزيد من 11 ألف مشروعا استثماريا على المستوى الوطني    الجزائر تضمن التربية والتعليم لفائدة كل الأطفال الجزائريين    مستغانم : تعد الواحدة في الولاية و تتكون من 12 خلية صومعة تخزين الحبوب في اهتمام والي مستغانم    تعزيز الثقافة الوقائية وتقوية المنظومة الصحية كفيلان بالتصدي للجوائح    كأس الجزائر : شباب بلوزداد يفوز على شباب الزاوية (1-0) ويضرب موعدا مع مولودية الجزائر في الدور ال16    الرئيس تبون يعمل بإرادة صادقة من أجل جزائر قوية ذات سيادة    استلام السكة الحديدية بشار- تندوف- غارا جبيلات في 2026    نسج شبكة صناعية متكاملة والمطابقة لضمان الجودة    بلايلي ضمن التشكيلة المثالية للجولة الرابعة    5 ملايير دولار رأسمال البورصة بدخول ثاني بنك عمومي    مجموعة "أ3+" تدين التدخلات الأجنبية في السودان    بن ناصر يتوج بثاني لقب مع ميلان    بارادو وبسكرة ينضمان لركب المتأهلين    وزارة الصحة : حملة التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية لا زالت متواصلة    وزير الصحة يلتقي أعضاء مكتب النقابة الوطنية للأساتذة والباحثين الجامعيين    "هوارية" إنعام بيوض في القائمة الطويلة    دعوة للاهتمام بالتفكيرالابتكاري    حرفيون يبرزون عراقة "ملحفة الأوراس"    معالجة 10 قضايا إلكترونية    امرأتان وصيدلي ضمن شبكة تروج المهلوسات    كاريكاتورات تعرّي الوضع وتندّد بمساندة العدو ضد الأبرياء    تسمم أربعة أشخاص    صحة عمومية : صدور القوانين الأساسية للممارسين الطبيين المفتشين والسلك الطبي وشبه الطبي    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية حول البحث العلمي عند المسلمين    اختتام المسابقة التصفوية الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم وتجويده    رابطة أبطال إفريقيا:يوسف بلايلي ضمن التشكيلة المثالية للجولة الرابعة    وفاة عميد الملاكمة الجزائرية ولد مخلوفي عبد القادر    أسبوع احتفالي بالزي النسوي للشرق الجزائري    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    وعي الشعب السوري قادر على حماية هويته الحضارية    نتائج إيجابية لممثلي الكرة الجزائرية    الماء… ذلك الذهب السائل بين الحب والحرب    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة تجريدية إلى عمق الحياة
"تأملات" عبد اللاوي في رواق "راسم"
نشر في المساء يوم 24 - 01 - 2018

الولوج إلى عالم مراد عبد اللاوي لا يمكن أن يكون بالفهم العقلاني، بل بالشعور، حيث يغوص الزائر في عالم تجريدي شاعري، ومع ذلك يمكن أن يضع قدمه فيه بعد أن وضع الفنان عناوين للوحاته، لكن يبقى المجال واسعا لزائر المعرض كي يقدّم شروحاته الخاصة وحتى التعبير عن الأحاسيس التي حرّكت وجدانه، بعد أن قرر أن يكون جزءا من عالم عبد اللاوي في معرضه الذي يدوم إلى غاية السادس والعشرين من الشهر الجاري برواق "محمد راسم" تحت عنوان "تأملات".
قام مراد عبد اللاوي بدور الدليل ل "المساء"، من خلال جولة قادتنا إلى أرجاء رواق "راسم" الذي يحتضن "تأملات".وفي هذا قال إن هذا العنوان مناسب تماما للمنحى الذي تأخذه لوحاته، باعتبار أن أعماله تفيض بالروحانيات إضافة إلى اتسامها بالعمق، مشيرا إلى أنه لا يهتم برسم الأسلوب الواقعي، بل كل همه تقديم الواقع بطريقته الخاصة؛ فهو فنان معاصر يتماشى مع الجديد، ويمارس فنا له مكانته في عصرنا هذا، ألا وهو الفن التجريدي.
اهتمام بتدرجات الرمادي
ويركز الفنان على اللون الرمادي في أعماله. وفي هذا قال إنّه يختار الألوان الرمادية الملونة؛ أي يهتم بتدرجات اللون الرمادي الذي يجده مناسبا للتعبير عن العمق الذي يريد أن يصل إليه في الحياة، باعتبار أنه يرى من هذه الحياة جانبها المظلم أكثر من شقها المضيء، وهذا لا يعني أنه متشائم بالمرّة، بل هو واقعي فحسب. وأشار الفنان إلى جملة من العراقيل التي تواجه المواطن الجزائري، والتي يعبّر عنها في لوحاته؛ فهو المرآة التي تعكس هموم أبناء شعبه، ألا يقال: "وفي القبح جمال أحيانا"؟ كما أن مثل هذه المواضيع تشكل قوة للوحاته، مضيفا أن معظم الفنانين يبحثون عن الأمور السهلة، أما هو فيتجه بشكل انفرادي، نحو ما هو صعب وحيث لا تذهب إليه الأغلبية.
ويهتم الفنان بوضع تفاصيل كثيرة في أعماله رغم أنها تدخل في سياق الأسلوب التجريدي. كما يستعين بالعديد من المواد من الكرتون والرمل والورق وغيرها، ليقدم لها بعدا أكبر ويُذهب عنها المظهر الناعم. وفي هذا اعتبر أنّ دراسته في مدرسة الفنون الجميلة وتكوينه الأكاديمي مكّناه من التعامل مع الجانب التقني في الفن بشكل يسير.
ممارسة الفن بكل دقة
وفي هذا السياق، قال التشكيلي إنه يحاول ممارسة الفن بكل دقة، فيعمل على موضوع اللوحة وحول الأمور المتعلقة الأخرى، وهذا في مهمة البحث عن تقديم عمل خاص ومتفرد، فمثلا كيف يتحكم في موضوع لوحة بمساحة 1.70 على 1.14؟ كيف يهتم بالتفاصيل، وهذا من اليسار إلى اليمين ومن الأعلى إلى الأسفل والعكس صحيح؟ وغيرها من الأمور.
وماذا عن النقطة الحمراء أو البرتقالية الموجودة في كل لوحات عبد اللاوي؟ يجيب الفنان بأن هذه النقطة تمنح لوحاته حيوية وإيقاعا، كما أنها تثبت تحكمه في التقنية، إضافة إلى أنها تمتزج تماما مع موضوع اللوحة، فهي ليست غريبة عنها، بل بصمة من بصمات الفنان. وتوقف عند لوحة "الجرح" التي قال إنها رفقة لوحة "شظايا"، تعبّر عن مرحلة العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، مضيفا أنها مرحلة مأساوية لكنها كانت ثرية بالنسبة للفنان، الذي وجد فيها، مع الأسف، مواضيع للتعبير. كما أشار إلى إمكانية استلهام الشباب مستقبلا وحتى الأدباء والفنانين والمخرجين، من هذه اللوحات، لتناول هذه المرحلة الرهيبة التي عاشتها الجزائر.
حضور الأمل والروحانية
«الجرأة" قال الفنان إنّها تعبّر عن جرأة القبيح في إبراز قبحه، في حين الجميل منزو يغلبه الحياء، ليتوقف مجددا ويتحدث عن جملة من العراقيل التي يواجهها الجزائري، والتي ترجمها بشكل دقيق في مجموعة من اللوحات تحت عنوان "عقبة"، قائلا إن الجزائري أصبح يعيش عراقيل جمة، وهي ليست داخلية في الأصل بل منبعها الخارج، أي أن الظروف الخارجية تؤثر سلبا على الإنسان، وهي الأساس في كل العجز والفشل والحزن الذي يصيبه.
كما أكد مراد عدم قدرته على التعبير اللفظي، بل يحسن التعبير عن طريق الرسم، فهو يقدم أفكاره بشكل بصري، معتمدا على الفنون التشكيلية، أي تقديم "الشكل" في لوحاته، مشيرا إلى أن قراءة اللوحات غائبة في الجزائر لغياب الناقد وقلة الاهتمام بهذه الفنون حتى في المؤسسات التربوية، ليغيب الذوق الفني حتى في اللباس.
وعن لوحة "الخفي" قال الفنان إنه رسمها عن صديق خفي يحكي له كل شيء ويتقاسم معه المر والحلو بدون إصدار أي حكم، ألا وهو "الأنا الباطني". أما لوحة "الثقب الأسود" فهي عن كل الأمور غير السوية التي نعيشها في عصرنا هذا.
وماذا عن الضوء المنبعث من لوحة "وحدتي"؟ يجيب الفنان بأن هذا الضوء يعبّر عن الأمل في الحياة. أما عن الرسومات المتجهة إلى أعلى فاعتبرها روحانية وترتقي إلى الأعلى، حيث تستقر الروح ويطيب الخاطر، مضيفا أنه أحيانا يتجه إلى التصوف، فالمهم، حسبه، أن يكون الإنسان نفسه، وأن لا يتشبه بالآخر.
لوحة أخرى بعنوان "الرفض"، رسم فيها الفنان شكلا يوحي بأنه امرأة تحاول أن تحرر من أشياء وأشياء. وفي هذا قال إن الكثير من النساء فقدن أنوثتهن نظرا للصعوبات التي يواجهنها في هذا المجتمع المعقّد، مضيفا أن المرأة لم تعد امرأة، ولا الرجل أصبح رجلا.
بعيدا عن اللوحات الرمادية للفنان مجموعة من اللوحات التي يطغى عليها اللون الأزرق وأخرى اللون الأحمر، قال عنها الفنان إنه يتحكم في جملة من الألوان، وأن عشقه لتدرجات الرمادي لا يمنعه من إلقاء نظرة على ألوان أخرى.
وقبل أن نغادر الفضاء استوقفتنا لوحة "قصة حب" أو "رومانسية"، التي رسمها الفنان بألوان ساخنة، ووضع فيها مواد مثل قطعتي كرتون؛ وكأنهما نافذتان على حياة مفعمة بالأمل، وهو أمر لوحة أخرى كبيرة مثلها وتجاورها، تحمل عنوان: "حنان" رسمها بألوان فاتحة، يشعر الزائر برقة ونعومة كبيرتين.
لم يشأ مراد عبد اللاوي ابن مدينة عين البيضاء بأم البواقي ومدرّس التربية التشكيلية بمتوسطة، أن تختم هذه الجولة قبل أن يدعو وزارة الثقافة إلى إنشاء لجنة تقتني أعمال الفنانين الجزائريين، وأصحابَ المال إلى شراء هذه اللوحات والأعمال الفنية الجزائرية التي تمتاز بمستوى فني راق بدلا من شراء أعمال صينية لا قيمة فنية لها.
❊لطيفة داريب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.