أعلن وزير المالية عبد الرحمان راوية، عن تشكيل فوج عمل يضم ممثلي كافة القطاعات الوزارية المعنية لمراجعة سياسة الدعم الاجتماعي، التي كلفت 1625 مليار دينار في نهاية 2017، ما يمثل نسبة 23 بالمائة من الميزانية العامة للدولة و9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، موضحا بأن إصلاح سياسة الدعم ستأخذ الوقت الكافي لتبني الحلول الملائمة التي تسمح من جهة، بالحفاظ على الحقوق الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطن، ومن جهة أخرى التخفيف من الأعباء على الدولة في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد. وأكد راوية، في رده أول أمس، على سؤال أحد أعضاء مجلس الأمة خلال الجلسة المخصصة لطرح الأسئلة الشفوية، أن الحكومة التي تعمل حاليا على إدخال إصلاحات تخص الدعم الاجتماعي، لن تقرر أي تدابير في هذا الشأن دون تحديد إجراءات التخفيف ومراحل التنفيذ وأساليب الاستهداف التي تراها مناسبة بالنظر إلى وضعية البلاد. وذكر في سياق متصل بأن ميزانية الدولة المخصصة للدعم الاجتماعي، تعرف تزايدا مستمرا في الوقت الذي تستفيد فيه كل الفئات الاجتماعية بما فيها الغنية ،من الدعم، الأمر الذي يستدعي حسبه مراجعة هذه السياسة التي شهدت اتجاها تصاعديا منذ العقد الماضي ولم تتوقف عن الارتفاع في الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى 2017. وفي عرضه للمنحى التصاعدي الذي تعرفه سياسة الدعم الاجتماعي، ذكر الوزير بأن قيمة الدعم بلغت من سنة 2000 إلى 2004 ما نسبته 22,8 بالمائة من الميزانية العامة للدولة و7,4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، في قدرت خلال الفترة ما بين 2004 و2009 ب24,5 بالمائة من الميزانية الإجمالية للدولة و8,6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، لتتجاوز ال25 بالمائة من الميزانية الإجمالية للدولة و11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بين 2010 و2015، ثم 23 بالمائة من الميزانية العامة للدولة و9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ما بين 2016 و2017، حيث وصلت قيمة التحويلات الاجتماعية إلى 1625 مليار دينار في نهاية 2017 مقابل 1239 مليار دينار في سنة 2010. وأضاف الوزير أن حجم هذه التحويلات يبين أهمية الدعم الأسري، الذي هيمن عليه دعم الأسعار للإسكان والصحة وهو ما يمثل حسبه نسبة 64 بالمائة من جميع التحويلات، في حين يمثل الدعم الضمني المتوسط، ما يقارب 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتكون أساسا من الدعم المتعلق بالمنتجات الطاقوية بحوالي 61 بالمائة والدعم ذي الطابع الجبائي بحوالي 34 بالمائة. وأشار السيد راوية، في نفس السياق إلى أن الدعم المتراكم المدرج في الميزانية والدعم الضمني بلغ ما قيمته 4552,1 مليار دينار، وهو ما يعادل 26,4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مضيفا بالقول بأنه "بالنظر إلى السياسة الوطنية المتعلقة بتعميم الدعم وانكماش الموارد المالية للدولة، والسلوك غير العقلاني والطبيعة غير الإنتاجية لمختلف العوامل الاقتصادية، أضحى من الضروري القيام بإصلاح الدعم بطريقة تدريجية"، مذكرا في هذا الخصوص بأن الدولة تعمل على التعديل التدريجي لأسعار المواد الطاقوية منذ سنة 2016 من خلال إعادة النظر في الضريبة على المواد البترولية وتعديل الضريبة على القيمة المضافة، وإعادة النّظر في تسعيرة استهلاك الغاز. وأضاف الوزير بأن الحكومة تسعى بحكم الضغوط الواقعة على توازنات الاقتصاد الكلي والمالي وأمام تفاقم أعباء التحويلات الاجتماعية على ميزانية الدولة، إلى تجسيد إصلاح سياسة الدعم مع المحافظة في نفس الوقت على التوازنات الاجتماعية والقدرة الشرائية، من خلال وضع آلية مسبقة لاستهداف الدفع عن طريق التعويض المالي للأسر التي قد تنخفض قدرتها الشرائية بفعل التخفيض التدريجي لهذه التحويلات، مؤكدا بأن الهدف الرئيسي لإصلاح سياسة الدعم الإجتماعي، هو الحد من عدم المساواة والبحث عن إنصاف اجتماعي مع تحسين استمرارية ميزانية الدولة خلال فترة انكماش الموارد المالية. وخلص الوزير إلى أنه "لا مناص من اعتماد مقاربة شاملة للإصلاح، تشمل تحديد الآثار المحتملة على المواطن، وتقييم الآثار على الأعوان الاقتصاديين الرئيسين من خلال قياس عملية آثار الإصلاح على مختلف الشرائح المعنية، المتمثلة في الأسر في المقام الأول، مع تحديد شكل توزيع الإعانات وفقا لدخل الطبقات الأسرية. كما أكد الوزير ضرورة أن تشمل دراسة الإصلاح تقييم الآثار المترتبة عنه، على الشركات المنتجة للسلع والخدمات العمومية التي تتلقى إعانة من الدولة، فضلا عن تقييم هذا الأثر على المستوى العام ودمجها وفقا لأولويات الحالة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. البنوك تحضّر لإطلاق منتوجات بدون فوائد وفي سؤال آخر يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها البنوك لتقديم خدمات وقروض إسلامية أشار الوزير إلى أن البنوك العمومية تعمل على التحضير لإطلاق عدة منتوجات وخدمات بصيغة المالية التشاركية بدون فوائد ابتداء من السداسي الثاني من السنة الجارية، لافتا إلى أن الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط وبنك التنمية المحلية اللذين شرعا في العمل بهذه الصيغة بتوسيع قائمة منتوجاتهما الإسلامية التي ستدخل الخدمة ابتداء من جوان المقبل. كما قامت البنوك العمومية حسب السيد راوية في إطار سعيها للتحكم في مبادئ المالية التشاركية باتخاذ إجراءات ترتبط تدريب الأعوان على مبادئ التمويل البديل والمشاركة الناشطة في مختلف الملتقيات المخصصة لهذا الموضوع، وإطلاق مشاريع النوافذ التشاركية على مستوى وكالات مخصصة أساسا لتسويق الخدمات المصرفية التشاركية، مع اعتماد تنظيم يتكيف مع النظام المزدوج وقادر على تكريس التعايش بين نوعين من المنتجات المصرفية التقليدية والتشاركية وتحديد نظم المعلومات المخصصة لمعالجة عمليات المالية التشاركية.