خالف عبد الرحمان راوية، وزير المالية، مجددا الوزير الأول، أحمد أويحيى، بشأن رفع الحكومة لسياسة الدعم من عدمه، وأعاد تفجير الجدل بخصوص مصير هذه القضية، وأكد عدم التراجع عن رفعها على أن يتم ذلك بصفة تدريجية، وكشف أنّ الملف لا يزال قيد الدراسة على مستوى دائرته الوزارية بالتنسيق مع فوج عمل يتكون من ممثلي قطاعات وزارية أخرى. أوضح الوزير في رده على سؤال أحد أعضاء مجلس الأمة بخصوص مراجعة سياسة الدعم من عدمه، خلال جلسة مفتوحة أول أمس، أنّه وبحكم الضغوط الواقعة على توازنات الإقتصاد الكلي والمالي، وبفعل تفاقم أعباء التحويلات الإجتماعية على ميزانية الدولة، تسعى الحكومة إلى تجسيد سياسة إصلاح الدعم ومراجعة هذه السياسة تدريجيا، مع المحافظة على التوازنات المالية والقدرة الشرائية، وذلك من خلال وضع آلية مسبقة لإستهداف الدعم عن طريق التعويض المالي للأسر لكي لا تنخفض القدرة الشرائية نتيجة تخفيض التحويلات، مشيرا في هذا الصدد إلى أنّ العملية تستهدف الحد من عدم المساواة الإجتماعية مع ضمان إستمرارية ميزانية الدولة خلال ما وصفه ب "فترة الإنكماش الإقتصادي"، ورافع راوية لأهمية فتح حوار وطني في هذا الإطار لتوضيح الأمور أكثر للمواطن. في السياق ذاته أشار عبد الرحمان راوية، أن عملية دراسة هذا الملف ستستغرق الوقت اللازم للوصول إلى حلول ناجعة كفيلة بالمحافظة على المكاسب الإجتماعية وتعزيزها وإستهداف مستحقي الدعم الحقيقيين، وأكدّ في هذا الشأن أنّ الحكومة لن تقر أية تدابير في هذا الشأن (مراجعة سياسة الدعم) دون تحديد الإجراءات ومراحل التنفيذ وأساليب الاستهداف التي تراها مناسبة، وقال "العملية ليست بالأمر الهين كونها تتطلب الموازنة بين مختلف السيناريوهات المتاحة، والأخذ في الحسبان كل المعطيات وتفحص آثار هذه المراجعة". هذا وجاءت تصريحات المسؤول الأول على قطاع المالية في البلاد، مخالفة لتلك التي أدلى بها الوزير الأول، أحمد أويحيى، مؤخرا من ولاية بسكرة، عندما نفى في إحتفالية تأسيس "الأرندي"، وجود أي نية لدى الحكومة لرفع الدعم عن المواد الواسعة الإستهلاك، وهو ما أكده أيضا نور الدين بدوي، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، الذي إعتبر سياسة الدعم واحدة من بين أهم المكاسب الوطنية، واقع حال دفع راوية بعد ذلك بأيام إلى دعم كلام الرجل الأول في الحكومة، إلاّ أن وزير المالية عاد وتراجع أول أمس عن موقفه الأخير وناقض مجددا تصريحات أويحيى. ومن أجل التوصل إلى مراجعة ناجعة للدعم رافع راوية لإعتماد مقاربة شاملة للإصلاح، وهو ما يتطلب حسبه تحديد الآثار المحتملة على محورين رئيسين، الأول يتعلق بتصور الإصلاح لدى المواطنين، لأن الأمر يقتضي حسب الوزير توضيح الصورة عن طريق إشراك وسائل الإعلام في هذه المهمة، أما المحور الثاني فيتعلق بتقييم الآثار المحتملة على المتدخلين الإقتصاديين الرئيسيين من خلال قياس آثار عملية الإصلاح على مختلف الشرائح.