خلص الأساتذة والأكاديميون والمهنيون المشاركون في أشغال الملتقى الدولي حول الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي "الواقع والتحديات"، الذي احتضنته كلية الإعلام والاتصال بجامعة قسنطينة "3"، إلى جملة من التوصيات، بعد يومين من المحاضرات التي ألقاها أساتذة وباحثون من داخل وخارج الوطن، على غرار تونس، الأردن والسعودية، حيث دعوا إلى ضرورة توفير المناخ السياسي والبيئة القانونية المناسبة للصحافة الاستقصائية، من خلال إدخال تعديلات على القوانين ذات الصلة، لتسهيل وصول الصحفيين إلى المعلومات والوثائق التي تساعدهم على إعداد تحقيقات استقصائية، تهم الرأي العام، مع ضمان كامل الحماية لهم من أي اعتداء أو ملاحقة. جاء في التوصيات التي قرأها على الحضور في اختتام الملتقى الدولي نهاية الأسبوع الفارط، الأستاذ اسماعيل دراحي من كلية الإعلام، الإجماع على ضرورة إدراج هذا النوع المتخصّص من الصحافة في المناهج الدراسية بمعاهد وكليات الإعلام والاتصال بالجامعات الجزائرية، تمهيدا إلى تحويله لتخصص قائم بذاته في مرحلة لاحقة، مع تنظيم دورات تكوينية للإعلاميين، لتمكينهم من هذا النوع المتخصص من العمل الصحفي، زيادة على ضرورة الترويج للصحافة الاستقصائية، بوصفها أداة مهمة في كشف قضايا الفساد واستغلال النفوذ والاستغلال غير المشروع للمناصب، مع الدعوة إلى تخصيص جائزة سنوية لأحسن الموضوعات في مجال العمل الصحفي الاستقصائي تتكفل به أعلى هيئة في الدولة. أكد المتدخلون في اختتام الملتقى الدولي، على أن الصحافة الاستقصائية تحتاج أيضا إلى محيط تشعر فيه بالحماية القانونية والاجتماعية، التي لا تتوفر إلا في مناخ ديمقراطي قادر على استيعاب كل التناقضات والاختلافات، وله من الآليات والوسائل الكفيلة بضمان هذه الممارسة الصحفية، التي تتميز أساسا بالدقة والجرأة الكبيرة والخوض في قضايا ومواضيع، قد تجعل الصحفي في مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا فساد كبيرة وأسرار وملفات وشخصيات لها وزنها في المجتمع، وهو ما تفتقده حسب المتدخلين الكثير من الدول العربية التي تقوم بتجربة الصحافة الاستقصائية حديثا، مضيفين في نفس السياق، أن هذا النوع من الصحافة لم يأخذ بعد فرصته في العالم العربي لعدة أسباب، أهمها صعوبة الوصول إلى المصدر، خاصة في ظل مجتمع يصعب فيه الحصول على المعلومة والمؤسسة الإعلامية والحماية القانونية، فالصحافة الاستقصائية تتطلب جهدا ووقتا، والصحفي الاستقصائي يحتاج إلى ضمانات الممارسة الصحفية، كونه يواجه مشاكل قد تؤثر على حياته الشخصية وحتى المهنية. للإشارة، عرف اليوم الأخير من الملتقى الدولي حول الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي "الواقع والتحديات"، ورشات أطرها إعلاميون وصحفيون، على غرار محمد جراردة مراسل قناة "الحرة" من الجزائر، ورؤوف حرز الله مراسل مكتب "العربية"، وصراي عبد الباقي مخرج بقناة "الجزيرة"، والإعلامي نور الدين ضروي من التلفزيون الجزائري، والصحفي عمر الشابي وإلهام بلحملات من إذاعة "سيرتا"، وغيرهم من الإعلاميين الذين تدارسوا مع الطلبة مفهوم الصحافة الاستقصائية ونقلوا العديد من تجاربهم الشخصية في المجال الإعلامي. ❊ح. شبيلة