طار حجاجنا الميامين كما يطير الحمام الابيض الى البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج وهم محملون بمجموعة كبيرة من الأدعية وكلهم أمل في أن تقبل زيارتهم وتغفر ذنوبهم في كنف الرحمان ويستجاب لدعائهم .. وهاهي أصوات الكباش تصيح من كل منزل معلنة عن اقتراب عيد الاضحى المبارك... وهاهم المسلمون يستعدون لإحياء سنة نبي الله ابراهيم عليه السلام. إذاً هو موعد أمة محمد - ص - مع التراحم والتواد ومساعدة المحتاج، فأضحية العيد ليست لأكل اللحم أو التباهي بثمن الخروف أو بحجمه، بل هو موعد لصلة الرحم والتصدق بالذبيحة والتفكير في السبب الذي من أجله يحيي المسلم هذا العيد. وهي دعوة الى من بيدهم القدرة على ادخال الفرح والسرور الى قلوب الاطفال من العائلات الفقيرة والمعوزة من أجل الشعور بفرحة العيد كغيرهم فأجرهم كبير وثوابهم عند الله اكبر، هو العيد إذن نأمل كما يتمنى الحاج أن يقبل حجه وتغفر ذنوبه وأن يكون العيد مناسبة لنسيان الاحقاد والخصومات والاجتهاد من أجل مساعدة المحتاج، وهي دعوة أيضا من أجل تغيير ما بات المجتمع الجزائري يتمسك به من عادات فاسدة، ولعل الشائع اليوم هو رغبة كل عائلة في الاستفراد بالاضحية، والتخطيط لما يتم اعداده من وجبات متنوعة، ومشاوي مختلفة دون حتى التفكير في من يستنشق رائحة اللحم وسيل لعابه كونه لم يتذوق اللحم منذ مدة ولم تمكنه ميزانيته من التفكير في اقتناء كبش العيد لاسيما مع غلاء اليوم فحقيقة النحر مثل الحج لمن استطاع إليه سبيلا.. ولكن هذا لا يعني حرمان هذا الفقير من فرحة العيد إن كان بالإمكان مد يد المساعدة له بالمال أو الصدقة عليه بجزء من الاضحية مادام أن الاضحية تقسم الى ثلاثة أجزاء.. لذا نأمل مرة أخرى تجنب اللهفة والتفكير في الحكمة التي من أجلها شرع العيد.