أطلّت الفنانة الشابة أمينة بلامين من نافذة فصل الربيع الذي يحمل أوجها متعدّدة؛ بابتسامته التي تعبّر عنها باقات من الأزهار مختلفة الألوان والروائح، وبتكشيرته حينما يغضب، فتمطر السماء وترعد وتهب رياح شديدة، سرعان ما تهدأ، ليحل السكون من جديد، وتفتح الشمس ذراعيها وتلفح وجوهنا بحرارتها، وكأن بلامين أرادت من خلال معرضها الفردي الأول من نوعه الذي احتضنه رواق «عبان رمضان»، أن تبرز تقلّب مزاج فصل الربيع، الذي شبهته في لوحة من لوحاتها، باضطراب ثنائية القطب، الذي يصيب الإنسان، فيدفعه إلى الضحك إلى حد القهقهة، تليه نوبات من البكاء المتواصل. تعرض الفنانة العصامية أمينة بلامين، 11 لوحة في رواق «عبان رمضان»، تحكي عن الربيع بجماله وتقلباته. وفي هذا قالت ل «المساء» إن جميع لوحاتها المعروضة بهذا الرواق بمناسبة يوم العلم، تدور في فلك الربيع، بل روحها متعلقة بهذا الفصل الذي يشهد تقلبات في طقسه. واختارت الفنانة الأسلوب شبه التجريدي للتعبير عن الربيع، وها هي لوحة لا تحمل عنوانا، بخلفية صفراء لامعة وأشكال تظهر وكأنّها زهور بأوراق خضراء، رسمتها الفنانة بتقنية مشتركة بين الأكريليك والزجاج وتقنية مون. لوحة ثانية رسمت فيها فراشات زرقاء بشكل مبهم تحت عنوان «فراشات الربيع»، بتقنية ورق الجرائد ملصقة بطلاء، بالإضافة إلى الأكريليك. أما لوحة «قوس قزح» فرسمتها بتقنية الأكريليك، وتظهر فيها مجموعة من الألوان منفجرة وسط خلفية رمادية، في حين غزت الألوان مساحة أكبر في لوحة «رقصة الربيع»، حتى إنها تركت مساحة صغيرة جدا للون الرمادي، وهي اللوحة التي رسمتها أمينة أيضا بتقنية الأكريليك. وشاركت الفنانة بلوحة سبق أن عرضتها في أول معرض جماعي شاركت فيه وكان ذلك في الفترة الأخيرة بفضاء مؤسسة «عسلة حسين» بعنوان «مستحلب»، رسمتها بتقنية الأكريليك والرمل، واعتمدت فيها، بالدرجة الأولى، على اللون الأحمر. والمستحلب هو خليط من مادتين سائلتين أو أكثر، عادةً ما يتعذر مزجها، وبهذا أرادت أن تُسقط هذه العملية على الفن، ومن ثم على الحياة؛ حينما نلتقي بشخص لا نطيقه ولكن بعد مدة، تتغير العلاقة ويصبح العدو.. صديقا، وربما صديقا إلى الأبد. لوحة أخرى رسمتها بلامين تضم مزهرية، هي الوحيدة التي رُسمت بتقنية الرسم الزيتي. وبالمقابل، نجد لوحة تحمل عنوان «ثنائي القطب»، رسمت بتقنية الأكريليك، قالت عنها إنها تمثل طيفين، السعيد منه والمتفتح يمثل الروح، والحزين منه والمنغلق يمثل المرأة، كما أنّ فصل الربيع يشهد الكثير من التقلبات التي شبّهتها التشكيلية باضطراب المزاج الذي يعاني منه الشخص المصاب بثنائية القطب، فنجده سعيدا إلى أقصى درجات السعادة، ومن ثم يشعر بحزن شديد، يدفعه إلى اليأس. وها نحن ننتقل إلى الوجه الثاني لفصل الربيع؛ ذاك الوجه المضطرب الذي يظهر بشكل جليّ في لوحة «العاصفة» التي رسمتها الفنانة بتقنية مختلطة تضم تقنيتي المون والبورينغ، اللتين تحدثان تأثيرات خاصة في اللوحة، وتلبسانها رداء براقا لامعا وجميلا في آن واحد. أما لوحة «ذروة2»، فتُظهر شكلا قد يمثل خريطة لبلد ما، غاصت فيها الألوان القاتمة مثل البنفسجي والأخضر، وكأنها هيئة رجل يهم بالرحيل ولا يأبه بانفجار ظهره، فلم يعد يهمه شيء إلا المغادرة، وقد رسمت بلامين هذه اللوحة بالأكريليك السائل الذي سكبته على اللوحة كي تنشئ تأثيرات عديدة. ورسمت أمينة بلامين أيضا لوحة «زهرة الربيع»، التي استعملت فيها الفنانة ألوانا غامقة، أما الشكل المرسوم فيظهر وكأنه وجه لامرأة بشعر أشقر لامع، حقا، أليست المرأة الكائن الأفضل الذي يمثل فصل الربيع بجمالها وبتقلبات مزاجها، الراجعة إلى حسها الرهيف وحاجتها الدائمة إلى الحنان والحب! للإشارة، شاركت أمينة بلامين في معرضين جماعيين بفضاء مؤسسة «عسلة أحمد ورابح»، كما أنها عرضت لأول مرة بشكل فردي في رواق «عبان رمضان» التابع لمؤسسة فنون وثقافة، وفي نفس الوقت، تُعرض لها لوحة «حواء» بمدرسة الفنون الجميلة. لطيفة داريب