الإنسان حيوان ناطق - أي عاقل مفكر- الإنسان حيوان تطوري، الإنسان حيوان مفكر ... إنه الإرث المعرفي الذي تركته الحضارات على لسان مفكريها الذين اجتهدوا في تفسير ماهية الإنسان.... إنها الجملة التي بدأ بها خطيب الجمعة حديثه عن الإنسان والإنسان المسلم بالذات بمناسبة اليوم العالمي لإعلان ميثاق حقوق الإنسان، من خلال تقديم مقارنة قوية بين مكانة الإنسان عند الشعوب والحضارات القديمة التي لم يخرج فيها من خانة الحيوانية والشهوانية، والإنسان في الإسلام الذي رفعه لأعلى المراتب. نعم إنه الإنسان الذي أراده الله تعالى خليفته على الأرض وكرمه، وفضله بملكة العقل التي امتنّ الله عزّ وجلّ بها على الإنسان... بالعقل الذي سيّده به على سائر خلقه، وبه رفع قدره وعلمه وأطلعه على أسرار الكون وخباياه، وعلمه كيف يتخلص من الأمراض والأوبئة فصنع الأمصال التي تقيه من الأمراض ... كل هذا بسلطة العلم التي فرضها في أول سورة قرآنية نزلت على المصطفى اقرأ - هذه الكلمة التي تحمل مدلولات تحار المجلدات في وصف معانيها فمن القراءة ينبثق العلم وتصدح العلوم على كثرتها وتخصصاتها ويتجلى مفهوم الحرية والتحرر والعيش بكرامة. فالإنسانية في حد ذاتها هي الحرية في نظر الإسلام وكلنا يحفظ مقولة عمر بن الخطاب الرجل العادل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" فبالفكر تخلصت الشعوب من قيود الاستعمار . كما جعله أغلى ما في الوجود وجعل روحه غالية جدا فجعل القصاص حاجزا ردعيا لحفظ الأرواح، في الوقت الذي تسقط فيه أرواح البشر في مهب المصالح المادية والحروب التي أتت على الأخضر واليابس ، وفي الوقت الذي تباع فيه النساء بأبخس الأثمان بسوق الرقيق والظلم، أوصى الإسلام بالمرأة خيرا، في كل المعاملات ، ونهى عن ظلمها أو تحقيرها ورفع الأم لأعلى المراتب حيث جعل الجنة تحت أقدامها.... إنها الحقوق الحقيقية للإنسان، فمتى يتحرر الفكر من سلطة الشهوات والمادية ويعود لمرتبته الحقيقية "خليفة الله في الأرض"؟