ما يزال عدم استغلال الموارد المائية التي تتمتع بها ولاية تيسمسيلت، يقف عائقا امام تجسيد محيط السقي الذي بإمكانه أن يساهم في تنمية وتطوير الفلاحة، وهو القطاع الذي تراهن عليه الولاية في تحقيق تنمية شاملة. تتوفر ولاية تيسمسيلت على مساحة فلاحية صالحة للزراعة تقدر ب143 ألف هكتار تمتاز بنظام فلاحي تقليدي تغلب عليه زراعة الحبوب، وعليه فهي لا تستغل إلا بنسبة 50 بالمائة في كل موسم فلاحي، وبالنظر أيضا الى تراجع مستوى المردود خلال السنوات الاخيرة من 13 قنطارا الى 7 قناطير في الهكتار الواحد جراء الجفاف، أصبح التفكير في استغلال تلك المصادر المائية المجندة للفلاحة والتي بوسعها سقي اكثر من 1500 هكتار، يفرض نفسه، غير أنه في الوقت الحاضر لا يمكن تجسيد هذه المساحة المعتبرة ومن ثم يبقى السؤال المطروح، هو لماذا وجدت هذه المصادر التي كلفت الدولة أموالا كبيرة مادامت غير مستغلة؟ فسد بوقارة الذي مرت أزيد من 15 سنة على تدشينه يتوفر على مخزون معتبر من المياه يصل الى 12 مليون متر مكعب تقلص بمرور الوقت الى 3 ملايين متر مكعب، ونظرا لغياب قنوات السقي فإن المساحة المنتظر سقيها والمقدرة ب900 هكتار، تظل دون استغلال، وهي اراض معطاة في مجال الخضر والفواكه. وتؤكد بعض مصادر أنه إذا استعملت التقنية يمكن سقي أكثر من تلك المساحة. ومن جهتهم الفلاحون مستاؤون من عدم امكانية استثمار هذه الثروة المائية وبقائها مهدرة منذ 14 سنة تقريبا. أما سد مغيلة المتواجد بتراب بلدية العيون فالمساحة تقدر ب 500 هكتار، ويتطلع فلاحو المنطقة بشغف كبير إلى مياه هذا السد الذي تصل سعته الى 5 ملايين متر مكعب. و تشير ذات المصادرأن تيسمسيلت تتوفر على حواجز مائية يقارب عددها 30 حاجزا موزعة عبر تراب الولاية، اغلبها ان لم نقل كلها، تعرض للهدم والتلف، وكان بالإمكان ان تساهم في استحداث مساحات مسقية، وتعد هذه الحواجز في الواقع منافذ للتفتح على عالم فلاحي متطور، حيث تحفز الفلاحين على العمل بعد توفير أساليب ووسائل السقي المناسب قصد الارتقاء بالمنتوج وتنويعه. وفي الإطار ذاته يقودنا الحديث الى سد كدية الرصفة المزمع انجازه ببلدية بني شعيب وسط تضاريس صعبة تشكل ارضية مهيأة لزراعة الاشجار المثمرة، ويتوقع تخصيص كميات معتبرة من مخزونه المقدر ب15 مليون متر مكعب لسقي 500 هكتار. زيادة على هذا، يمكن لمحطة تصفية المياه القذرة المتواجدة على بعد 1 كلم من عاصمة الولاية، سقي ما يقرب من ألف هكتار بعد معالجة يومية تقدر ب10 آلاف متر مكعب من الاسمدة الطبيعية، غير أن هذا المشروع مازال مهملا منذ سنوات رغم ان نسبة الانجاز به تجاوزت 60 بالمائة، ويبدو أن مسؤولي ولاية تيسمسيلت يعيرون اهتماما بالغا اليوم لمحيط السقي، في الوقت الذي بدأت فيه الفلاحة تحتضر بالمنطقة، ولا يمكن تجسيد هذه الإستراتيجية الجديدة ما لم يعد الاعتبار لاستغلال كل الموارد المائية.