أجمع المشاركون في ندوة "الأرشيف والتاريخ" المنظمة بجامعة "الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية" في قسنطينة، أول أمس، على أن السلطات الفرنسية تحتفظ بوثائق استشهاد زيغود يوسف والعقيد عميروش بقصر سان فانسان، وأضافوا خلال هذه الندوة، أن الأرشيف يعتبر الذاكرة الرسمية والحية لأية دولة، والمرجعية الأولى قبل غيرها التي ينبغي الاعتماد عليها لكتابة تاريخ حقيقي وصادق لا تشوبه شائبة، بعيدا عن أي تشويه وتزييف، الأمر الذي جعل العديد من الدول تهتم به وتجعله أحد أهدافها الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيقها، وخصصت له ميزانيات ضخمة، مع إنشاء مراكز متطورة للأرشيف، إدراكا منها أن حفظ الأرشيف هو إثبات واستمرار لوجودها. طغى موضوع "الأرشيف والتاريخ" على هذه الندوة التي نظّمتها جامعة "الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية"، ونشطها أساتذة وباحثون من جامعة السربون وجامعة قسنطينة "02" وجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، وأكد منظموها أن الهدف منها، المساهمة في تحديد كيفيات تدريس موضوع الأرشيف وجعله أداة طيّعة في خدمة الباحثين، خاصة المهتمين بتاريخ الجزائر، إضافة إلى إبراز أهمية الأرشيف وإرساء ثقافة التعاون والتبادل بين المختصين في التاريخ والقائمين على الأرشيف، لتفعيل الجهود من أجل الاستفادة قدر الإمكان من الأرصدة الأرشيفية المتواجدة في مكاتب ومصالح الأرشيف التابعة لمختلف الإدارات العمومية. كما أكد المشاركون أنه حتى وإن عانت الجزائر من طمس المستعمر لهويتها وتاريخها العريق الذي ظل ينهب منه ما استطاع من أرصدة ووثائق، غير أن الأرشيف الجزائري متواجد في عدة دول، على غرار أرشيف الجزائر في العهد العثماني الموجود في تركيا، وأرشيف الفترة الاستعمارية الموجود في فرنسا، وأرشيف آخر في عدد من الدول العربية الشقيقة، على غرار مصر، تونس والمغرب ودول صديقة كإيطاليا وإسبانيا، مما يستوجب التعريف والتحسيس بتكامل جهود حفظ الأرشيف وتنظيمه وتفعيله واستثماره، من أجل الاستفادة قدر الإمكان من مزاياه وثرائه وتحديد كيفيات تدريس موضوع الأرشيف. خصت محاور الندوة، أهمية الأرشيف في كتابة التاريخ عامة وتاريخ الجزائر خصوصا، نظرا لتنوعه وأماكن تواجد الروايات الشفوية، وشهادات الذين حضروا الأحداث الوطنية، لاسيما ثورة التحرير المجيدة وكيفيات الاستفادة منها، وجهود الجزائر في جمع الأرشيف والحفاظ عليه ووضعه تحت تصرف الباحثين والمؤرخين، واسترجاع الأرصدة الأرشيفية المتواجدة خارج الوطن. في نفس الإطار، تطرق الدكتور رياض شروانة من جامعة السوربون بفرنسا، في مساهمته الأكاديمية "مراكز الأرشيف الفرنسي المتعلق بالجزائر"، إلى توزّع الأرشيف الفرنسي الذي يهم تاريخ الجزائر في عدد من المراكز الوطنية والجهوية الموجودة في فرنسا، مركزا على أرشيف قصر فنسان وما يحتويه من 450 كلم من الوثائق الأرشيفية التي أصدرتها الإدارة الفرنسية، وأرشيف الثورة الذي صادرته فرنسا خلال حملات التمشيط والاشتباكات، والذي يحتوي على وثائق استشهاد زيغود يوسف وأرشيف ياسف سعدي والعقيد عميروش.