بين الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما والصحافي العراقي منتظر الزيدي انقسم العالم في اختياره حول من سيكون رجل العام 2008؟ فإذا كان الرئيس الأمريكي أحدث الاستثناء في اكبر دولة في العالم وأقواها على الإطلاق كاسرا قاعدة تكرست منذ الثورة الأمريكية في 1775 باعتلائه كرسي البيت الأبيض لأول مرة في تاريخ السود الأمريكيين، فإن الصحافي العراقي منتظر الزيدي أحدث هو الآخر الاستثناء وكسر قاعدة العمل الصحافي وبدلا من أن يطرح سؤالا على الرئيس الأمريكي المغادر جورج فضل دخول التاريخ من بابه الواسع ولكن بواسطة نعليه. وحتى وإن اختلف وجه المقارنة فإن الرجلين دخلا التاريخ كل حسب طريقته بفارق أن الأول سيصبح رئيسا والثاني سيحاكم في آخر أيام هذا العام. ولم يكن أحدا إلى غاية الرابع من نوفمبر الماضي يتوقع أن يعتلي أمريكي أسود كرسي الرئاسة في البيت الأبيض الذي اعتاد مرور رؤساء بيض من جورج واشنطن إلى جورج بوش الابن ولكن الشاب الأسود باراك اوباما المنحدر من أصول كينية مسلمة خالف كل هذه التكهنات بفارق عن منافسه في النتيجة والأداء الذي ميزه طيلة حملته الانتخابية. وفتن الأمريكيون بالشاب اوباما وهو في سن السابعة والأربعين، وتمكن من استقطابهم بخطاب جديد لم يعهدوه حمل شعار لغة التغيير في أمريكا جديدة تواقة لأن تصلح صورة أفسدها جورج بوش الأب والابن على السواء. وإذا كان الأمريكيون وكل العالم حلموا بإمكانية حدوث هذا التغيير فإن الصحافي العراقي منتظر الزيدي وفي عقده الثالث تمكن من نقش اسمه في قائمة الشخصيات التاريخية على طريقته الخاصة ومن حيث لا يدري بعد أن نزع نعليه ورشق بهما الرئيس الأمريكي جورج بوش وقال مخاطبا إياه: "إنها قبلة الوداع أيها ... " وربما يكون الزيدي نفسه لم يكن يتوقع وقع ذلك التصرف غير المسبوق الذي أدخله التاريخ من بابه الواسع في مقابل خروج بوش من نافذته مخذولا رغم أن الزيدي وجد نفسه في زنزانة ينتظر حكما قاسيا. ولكن دخول التاريخ يستدعي مثل هذه التضحية، والمؤكد أن العالم سيتذكر الزيدي في حياته ومماته وبنفس درجة التبجيل التي حظي بها تصرفه حتى وإن قال البعض إنه تصرف غير حضاري ولكنه يبقى كذلك شاء هؤلاء أم أبوا.