يجلس اليوم الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض في واشنطن ليكون بذلك الرئيس الرابع والأربعين الذي يصل إلى هذا الكرسي منذ انتهاء الحرب الأمريكية سنة 1789.ويخلف الرئيس الجديد المنتمي إلى الحزب الديمقراطي سابقه الجمهوري جورج بوش الذي قضى عهدتين رئاسيتين في المكتب البيضاوي عرفت خلالهما السياسة الخارجية الأمريكية هزات وأحداثا تركت آثارها على الساحة الداخلية في الولاياتالمتحدة.
ويعد اوباما البالغ من العمر 47 عاما أول رئيس أمريكي من أصول زنجية يتولى هذا المنصب الحساس في اكبر قوة في العالم وأحدث الاستثناء في مجتمع حكمته أعراف عنصرية حرمت مترشحين سودا مثله من الوصول إلى هذا المنصب بل أن جرأة لوثر كينغ في رفع ذلك الحيف أدى إلى اغتياله واضطر القس جيسي جاكسون إلى عدم الترشح بعد أن تأكد أن حظوظه في الوصول إلى البيت الأبيض لن تتحقق أبدا. ووسط احتفالية غير مسبوقة يستعد اوباما لاعتلاء كرسي الرئاسة وتسلم المشعل من سابقه جورج بوش الذي أدى الوداع للبيت الأبيض بإجرائه لسلسلة اتصالات هاتفية مع رؤساء الدول والحكومات الذين عايشوا فترة حكمه. ويدخل اوباما المكتب البيضاوي ليجد فوقه ملفات عالقة ستكون بمثابة امتحان صعب لبدايات حكمه وستضع قدرته على إدارتها وحسمها في الميزان. وعلق عامة الأمريكيين كل آمالهم على الرئيس الجديد من اجل إحداث التغيير المرجو والذي جعله شعار حملته ومكنه في النهاية من الفوز بكرسي الرئاسة الأمريكية في الرابع من شهر نوفمبر الأخير. ولكن الرجل القوي في الولاياتالمتحدة والعالم أيضا تقاطعت عدة عوامل لتجعل من بداية مهمته من أصعب الفترات في ظل أزمة اقتصادية حادة ضربت الاقتصاد الأمريكي في الصميم جعلت أنصاره وخصومه يشككون في قدرته على إعادة أول اقتصاد عالمي إلى سكة النمو بعد أن دخل مرحلة كساد مخيف. وهي الوضعية التي جعلت البطالة تستفحل داخل بلد يوجد قرابة 43 مليون من سكانه في بطالة ويفتقدون لأدنى الخدمات الصحية والضمان الاجتماعي. والأكثر من ذلك فإن هذا الكساد تزامن مع أزمات خارجية حادة في العراق وأفغانستان وفلسطين المحتلة وليس من محض الصدفة أن وصوله إلى سدة الحكم في واشنطن جاء مع استمرار دواعي المذبحة الإسرائيلية في قطاع غزة. وهي كلها أزمات وحروب زادت من متاعب الولاياتالمتحدة المالية بل أن رياحها كانت سببا في إزاحة المرشح الجمهوري من سباق الرئاسة الأمريكية الأخيرة. وهنا تكمن حنكة الرئيس الجديد في إدارة هذه الأزمات والسعي من اجل حلها على اعتبار أنها كانت مطلب الناخبين الأمريكيين الذين مكنوه من الوصول إلى الرئاسة الأمريكية. وسيتابع ملايين الأمريكيين اليوم في الساحة المقابلة لمقر الكابيتول مقر الكونغرس الأمريكي في العاصمة واشنطن وقائع التنصيب التاريخي لأول رئيس أمريكي اسود والتي ستدوم طيلة أربعة أيام كاملة حيث سيؤدي اليمين وفقا لأعراف البيت الأبيض وكما جرت العادة على ذلك منذ عام 1801 عندما أدى توماس جيفرسون اليمين في نفس المكان. وسيلقي أوباما كلمة عند أسفل مبنى الكابيتول يحدد فيه معالم سياسته خلال السنوات الأربع المقبلة من رئاسته.