فجع الشارع اللبناني والعربي صباح أمس بخبر رحيل الفنان والموسيقار الكبير منصور الرحباني، الذي اسلم الروح عن عمر يناهز الرابعة والثمانين سنة بمستشفى اوتيل ديو بعد معاناة مع المرض. وكان الفنان الراحل قد أدخل مستشفى "أوتيل ديو" في بيروت، بعد إصابته بانفلونزا حادة، ما استدعى نقله إلى غرفة العناية الفائقة، حيث مكث ثلاثة أيام، ثم أخرج منها، لكنه بقي تحت المراقبة بعدما رفض الأطباء السماح له بالعودة إلى منزله. رحل منصور الرحباني بعد أن خط مسارا لامعا في التأليف الموسيقي ضمن ما اسمي بالظاهرة الرحبانية، بحيث يعد منصور احد اثنين شكلا في تاريخ الموسيقى العربية ما عرف بالأخوين رحباني عاصي ومنصور. ولد منصور الشقيق الأصغر لعاصي في بلدة إنطلياس بلبنان، ووالدهما هو حنا الياس الرحباني، وقدم منصور مع أخيه عاصي تحت اسم الأخوين الرحباني الكثير من المسرحيات الغنائية وكانا بلا منازع أفضل من قدّم أعمالا مسرحية غنائية في الوطن العربي وقد كانت المطربة فيروز البطلة المطلقة في جميع مسرحياتهم. حوالي عشر مسرحيات أنجزها منصور الرحباني منفرداً منذ رحيل شقيقه عاصي ذات يوم من عام 1986، ومعظمها ارتكز على سير شخصيات أو أحداث تاريخية تعكس واقعنا السياسي المتعثّر، والبداية كانت عام 1987 مع "صيف 840" بطولة غسان صليبا وهدى حداد التي جاءت إهداءً لعاصي. وفي عام 1994، قدّم "الوصية" التي لعب بطولتها أيضاً غسان صليبا وهدى حداد، أما "آخر أيام سقراط" (1998)، فشاركت فيها الفنانة كارول سماحة مجسّدةً دور زوجة المعلّم والفيلسوف اليوناني التي ما انفكّت تضطهده بسبب انشغالاته الفكرية. بعد ذلك ذهب منصور إلى النص اللاهوتي في "وقام في اليوم الثالث" (2000) لينتقل مجدّداً إلى سير الشخصيات التاريخية في "المتنبي" (2001) وفي العام نفسه قدّم "ملوك الطوائف" التي لا تخلو من الإسقاطات على الراهن اللبناني، إذ تناولت الملوك العابرة التي كانت تتناحر في ما بينها، متأصلة بالطائفية، والتمييز العنصري... أما "آخر يوم" (2004)، فتُعد نسخة جديدة من روميو وجولييت. وفي عام 2004، قدّم منصور "حكم الرعيان" الذي عاد ليتناول الصراعات التاريخية ويحيلها على الواقع العربي الرديء، كما تناول نصّ جبران خليل جبران في "النبي" (2005)، كما قدّم مسرحية "زنوبيا" الغنائية التاريخية الملحمية، وتناولت ملكة تدمر وصراعها للحفاظ على مملكتها من الغزاة والطامعين، وآخر أعمال الرحباني مسرحي "عودة الفينيق" التي تعرض حاليا من بطولة غسان صليبا وهبة طوجي التي افتتح بها مهرجان بيبلوس لهذا العام.