* email * facebook * twitter * linkedin ثمنت فعاليات المجتمع المدني حملة مكافحة الفساد التي تقودها العدالة الجزائرية، تلبية للمطالب التي رفعها الحراك الشعبي، مجددة في المقابل رفضها للحوار الذي دعا إليه رئيس الدولة، مشترطة تسبيقه بضمانات وافية وشروط محددة، أهمها الاتفاق على شخصية وطنية مقبولة لإدارة هذا الحوار. وإذ رافعت لمرحلة انتقالية لا تتعدى مدتها السنة، يتم خلالها وضع لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات الرئاسية القادمة، اتفقت قوى المجتمع المدني على توسيع مشاوراتها مع فاعلين آخرين من أحزاب سياسية وشخصيات وطنية لبلورة رؤية توافقية شاملة تقدم لاحقا للسلطة باسم الحراك الشعبي. واجتمعت بمقر نقابة «كنابست» ببئر مراد رايس بالعاصمة أمس، نحو 70 نقابة وجمعية ممثلة لعدة قطاعات من أجل مناقشة الأرضية التي وضعتها سابقا في إطار مقترحات الخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، وهو اللقاء الذي توج بالاتفاق على نقاط أساسية، أبرزها توسيع المشاورات مع الفاعلين الآخرين لمناقشة مبادراتهم واقتراحاتهم، بشكل ينتهي إلى بلورة رؤية توافقية وطنية شاملة للخروج من الأزمة والذهاب نحو بناء جزائر جديدة. واتفق ممثلو المجتمع المدني على تحديد آليات لمبادرتهم، والتي تبدأ ب»تنصيب شخصية وطنية أو هيئة رئاسية توافقية تشرف على مرحلة انتقالية، للعودة إلى المسار الانتخابي في فترة قصيرة تتراوح بين 6 أشهر وسنة كأقصى تقدير، يتم خلالها تشكيل حكومة كفاءات وطنية وتنصيب هيئة مستقلة للتنظيم والإشراف والإعلان عن نتائج الانتخابات مع ضمان آليات مراقبتها بدقة، كونها تشكل مربط الفرس في ضمان أصوات الشعب». أما النقطة الثانية التي اتفق عليها المجتمعون، فتتعلق باعتماد الحوار «باعتباره القناة الأساسية للوصول إلى رؤية توافقية موسعة وشاملة مع الفاعلين في الساحة الوطنية»، مؤكدة أن «هذا الحوار سيأخذ طابعا وطنيا شاملا مع كافة فعاليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية ويتوج بندوة وطنية من شأنها الوصول إلى الهدف المنشود». وشدّد المجتمعون في النقطة الثالثة على أهمية «الإسراع في تجسيد الانتقال الديمقراطي السلس وفق مسار انتخابي يتفق عليه الجميع»، فيما أكد الناطق الرسمي للكنابست، مسعود بوديبة، في تصريح هامشي ل»المساء» أن «مسار مكافحة الفساد أمر مهم وجيد ويجب تثمينه عاليا، لأنه يجسد في مضمونه أحد المطالب الأساسية للحراك الشعبي، التي هتف بها في الساحات العمومية خلال الجمعات الماضية»، موضحا أن لقاء المجتمع المدني هو خطوة نحو تقريب الرؤى مستقبلا مع الأحزاب والفاعلين من أجل إخراج الجزائر من عنق الزجاجة وأخذها إلى بر الأمان». وجدد المتحدث باسم التنظيم الذي يمثله، التأكيد على أن الحوار يجب «أن تقوده شخصية وطنية توافقية تحظى بالقبول الشعبي والثقة المطلوبة». من جانبه، بارك صادق دزيري، المنسق الوطني للنقابات المستقلة، «الإجماع الذي استطاعت أن تصل إليه النقابات والجمعيات الوطنية في ظرف وجيز من أجل مصلحة الجزائر»، معتبرا ذلك مؤشرا جيدا على إمكانية الجلوس مستقبلا مع شركاء يقودون مبادرات أخرى حول طاولة واحدة، يتم خلالها بحث القواسم المشتركة لتحقيق هدف الانتقال الديمقراطي السلس الذي يريده الشعب. ودعا المتحدث الأطراف المختلفة في التوجه والطرح إلى أخذ العبرة من الحراك الشعبي وسلميته التي أبهرت العالم بشكل غير مسبوق وتقديم تنازلات من أجل المصلحة العليا للوطن. أما رئيس جمعية «البركة» إبراهيم براهيمي، فثمّن عاليا المرافقة التي تقوم بها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي للحراك الشعبي «وحرصها على حماية المطالب وتطبيقها تدريجيا، وفي مقدمتها حملة مكافحة الفساد». ولاحظ المتحدث بارتياح أن ما يجمع المشاركين أكثر مما يفرقهم اليوم، موضحا أن الأرضية التي اجتمعت حولها قوى المجتمع المدني تستمد روحها من بيان أول نوفمبر وتتخذه مرجعية مقدسة في مسعاها، ما يلزم المشاركين حسبه التنازل عن الاختلافات الإديولوجية الضيقة، عملا بالنهج الذي سارت عليه الحركة الوطنية خلال الثورة التحريرية، «لأن لا أحد يستطيع أن يلغي الآخر». كما دعا براهيمي، إلى «تحرير ميثاق شرف يجمع الجميع ويضمن التعايش والحقوق على أساس نقاش عقلاني وموضوعي على مساحات مشتركة وعلى أساس الديمقراطية واحترام الإرادة الشعبية، مع احتفاظ كل طرف بخصوصيته بعيدا عن الاستفزاز والصراع». بدوره، جدد عبد الوهاب قرصاوي، ممثل الائتلاف الوطني للمجتمع المدني من أجل الانتقال الديمقراطي، رفض تنظيمه الحوار الذي أطلقته السلطة لأن شروطه لم تتوفر بعد على حد تعبيره مثمنا في المقابل المكاسب التي حققتها الجزائر، بفضل الحراك الشعبي. وإذ أعرب عن تمسكه بالانتخابات كآلية لتكريس الديمقراطية وخيار الشعب، شدد المتحدث على ضرورة بناء دولة الحق والقانون وتكريس المساواة وتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب، تقديرا منه بأن ذلك يشكل الانطلاقة الأساسية لبناء مستقبل واعد. من جانبه، دافع عميد نقابة الأطباء بقاط بركات عن «الجهود التي تقوم بها العدالة لتطهير الأجواء السياسية وبداية أي حوار هادف وبناء». وأشاد بالالتزام الذي عبرت عنه قيادة الجيش لمرافقة وحماية الحراك الشعبي، محذرا في سياق آخر من المخاطر التي تواجه البلاد لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والأمن الخارجي. أما حكيم عداد ممثل شباب 22 فيفري، فأكد في تصريح ل»المساء» أن المطلب الأساسي الذي اتفق عليه المجتمعون يتمثل في الذهاب إلى مرحلة انتقالية، مقدرا بأن «الجزائر ستقبل على هذه المرحلة بصفة آلية بعد انتهاء العهدة الرئاسية الأولى لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، يوم 9 جويلية المقبل»، ودعا بالمناسبة الجميع للقيام بتنازلات من أجل مصلحة الجزائر وعدم تضييع الفرصة التاريخية للتغيير الذي يطمح إليه الحراك الشعبي،»بعد أن ضيعنا في الماضي فرصا ثمينة لبناء دولة قوية».