تعهد قادة الدول العربية المشاركون في أول قمة اقتصادية اجتماعية بالعاصمة الكويتية امس بتقديم مساعدات مالية معتبرة للشعب الفلسطيني لمساعدته على تجاوز محنته التي خلفتها مذبحة قطاع غزة. ولكن القادة العرب الذين أنهوا قمتهم أمس بعد يومين من المناقشات التي طغت عليها الأوضاع في قطاع غزة لم يتمكنوا من وضع آلية خاصة بتسيير كل تلك الاموال التي ستوجه في مرحلة أولى الى إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. وأكد البيان الختامي للقمة أن القادة العرب تعهدوا بتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني لإعادة اعمار قطاع غزة ورحب بكل التبرعات والهبات التي التزم القادة العرب على تقديمها للتخفيف من محنة الشعب الفلسطيني. ولكن البيان الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية لم يشر لا من بعيد ولا من قريب الى الآليات التي يتم بمقتضاها توزيع هذه الهبات واستخدامها لإعادة الإعمار. وبرزت الخلافات واضحة منذ صباح أمس وقبل بدء الجلسة الختامية بين المنادين بتوجيه تلك الأموال إلى منظمات إنسانية دولية وآخرين الى هيئات مصرفية عربية أو إسلامية بينما أكدت أخرى بضرورة منحها للسلطة الفلسطينية بصفتها السلطة الشرعية في الأراضي الفلسطينية. ولكن الاقتراح الأخير لاقى معارضة صريحة من حركة المقاومة الإسلامية التي أبدت تخوفاتها من احتمالات تحويل تلك المساعدات عن أهدافها المسطرة واستعمالها لأغراض شخصية. وبدت الخلافات حتى بين وزراء الخارجية العرب لدى صياغتهم لنص البيان الختامي وخاصة ما تعلق بالموقف من الأحداث التي عرفها قطاع غزة. ورغم مظاهر المصالحة التي ميزت أشغال اليوم الأول من هذه القمة إلا أن ذلك كان ظرفيا وما لبث ان ظهر الى العلن ليؤكد عمق الشرخ العربي عندما يتعلق الأمر بقضية كانت هي نقطة التقاء كل العرب لا سبب فرقتهم. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس لقد عقدنا جلسة مغلقة لبحث نص البيان الختامي حول غزة ولكننا لم نتمكن من التوصل الى نتيجة بسب تضارب المواقف. وقال انه كان يتعين على كل العرب ان يقدموا تنازلات باسم المصالحة العربية ولكنه لم يشر إلى طبيعة هذه التنازلات وحول ماذا يجب تقديمها ولكن التلميح كان واضحا باتجاه مواقف الدول العربية حول كيفية التعاطي مع المقاومة الفلسطينية ومسألة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. واعترف فيصل مقداد مساعد وزير الخارجية السوري من جهته امس "بوجود خلافات بين الأشقاء العرب" وهو ما تسبب في تأخير عقد الجلسة الختامية وتلاوة مضمون النص الختامي لبيان القمة. وبرزت الخلافات رغم أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك من جهة والرئيس السوري بشار الأسد وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني كانوا التقوا خلال اليوم الأول في جلسة مصالحة خصصت لإزالة كل الخلافات وأسباب الفرقة على خلفية نتائج قمة الدوحة الاستشارية الأخيرة والخلافات التي برزت بينهم حول شرعية الدعوة إليها. ومن جهة أخرى أوصت القمة الاقتصادية بضرورة مضاعفة الجهود العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي باعتباره "هدفا أساسيا" تسعى لتحقيقه كافة الدول العربية بما يحقق تطلعات شعوبها ويجعلها أكثر قدرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي. وبخصوص الأزمة المالية دعا "إعلان الكويت" المصادق عليه من قبل ملوك ورؤساء الدول العربية الى اتباع سياسات نقدية ومالية تعزز قدرة الدول العربية على الحد من تداعيات هذه الأزمة. كما حرصت القمة على تفعيل دور المؤسسات المالية العربية لزيادة الاستثمارات العربية لتحقيق الاقتصاد الحقيقي للدول العربية مشددة على أهمية تشجيع الاستثمارات بين البلدان العربية وتفعيل دور المؤسسات المالية للرفع من حجم هذه الاستثمارات. وأكدت القمة على تعزيز دور الصناديق والمؤسسات المالية وتطوير مواردها بالإضافة الى تسهيل منح شروط قروضها لتمويل مشاريع البنية التحتية وذلك بإشراك القطاع الخاص وتعزيز دوره في بناء التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي. وبخصوص التجارة ألح القادة العرب على أهمية إزالة العقبات التي لازالت تعترض منطقة التجارة الحرة العربية قبل نهاية 2010 تمهيدا لإقامة الاتحاد العربي في عام 2015 كخطوة أساسية للوصول الى السوق العربية المشتركة. وفي مجال الطاقة دعت القمة الى تعزيز التعاون العربي لا سيما ما يتعلق بتحسين الكفاءات واستخدامها كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة وإنشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية. وفي قطاع النقل أوصى القادة العرب بضرورة تحقيق ربط شبكات النقل البري والبحري والجوي فيما بين الدول العربية باعتبارها "شرايين أساسية" لحركة التجارة والسياحة والاستثمار مع التوجه الى تحرير خدمات النقل فيما بين البلدان العربية. وفي مجال العلاقات الدولية العربية دعت قمة الكويت الى تعزيز التعاون العربي الدولي وتعزيز دور الدول والمؤسسات والمنظمات الاقليمية والدولية مع تعزيز دور الجامعة العربية ومؤسساتها.