* email * facebook * twitter * linkedin إنطلقت الدورة البرلمانية الجديدة أمس، على مستوى غرفتي البرلمان بحضور لافت للحكومة التي تعذر حضورها في جلسة اختتام الجلسة الماضية، في ظل حالة الاحتقان التي عرفتها الفترة المتزامنة مع استمرار الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ فيفري 2019، والتي ميزها تواصل الحراك الشعبي المطالب بتغيير نظام الحكم وإبعاد رموزه. فيما طغى الحديث في جلستي افتتاح الدورة أمس، سواء بمجلس الأمة أو بالمجلس الشعبي الوطني، على ضرورة تبني خيار التعجيل في تنظيم انتخابات رئاسية، تضع حدا للأزمة التي طال أمدها وتعيد البلد إلى سكته وفق أطر سياسية تسمح بمباشرة إصلاحات تكرس التغيير المنشود، الذي يعيد الأمل للشعب. شنين: الانتخابات ستكرس سيادة الشعب ورغبته في التغيير دافع رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين، عن فكرة الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال، مثلما ورد في خطاب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق قائد صالح، معتبرا إياها النهج السليم لتحقيق خيار الشعب، بعد أن تحققت الكثير من مطالبه منذ الهبة الشعبية التي انطلقت منذ ستة أشهر كاملة. كما أكد في سياق متصل أن الحوار «هو واجب وطني لبناء مرحلة جديدة تكون فيها السيادة الكاملة للشعب». تميزت جلسة افتتاح الدورة البرلمانية العادية 2019-2020، بالمجلس الشعبي الوطني، أمس، بتولي رئاستها من قبل شخصية من المعارضة السياسية لأول مرة في تاريخ الجزائر. كما سجل حضور الحكومة برئاسة الوزير الاول، نور الدين بدوي، بعد أن قاطعت هذه الأخيرة جلسة الاختتام على خلفية التشنج الذي ميز الغرفة السفلى، بسبب المطالب الداعية إلى رحيلها ومعها رئيس المجلس السابق معاذ بوشارب. كما تميزت الدورة الجديدة، أيضا بحضور الأغلبية المشكلة للغرفة السفلى، من نواب حزب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، تجمع أمل الجزائر «تاج»، الحركة الشعبية الجزائرية وجبهة المستقبل، فضلا عن نواب من الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء باعتبار أن رئيس المجلس ينتمي إليه، فيما قاطعت كل أطياف المعارضة جلسة الافتتاح، ويتعلق الأمر بكل من حركة مجتمع السلم، الأرسيدي، الافافاس وحزب العمال الذي استقال نوابه نهائيا من البرلمان، في حين تم تسجيل تنظيم احتجاج لممثلين عن كتلة الأحرار في بهو البرلمان، للمطالبة بإطلاق سراح سجناء الرأي ورحيل حكومة بدوي.. وخصص رئيس المجلس الشعبي الوطني، كلمته للحديث عن الحدث السياسي الذي تستعد له الجزائر، والمتمثل في الانتخابات الرئاسية القادمة، التي قال بأنها «هامة وضرورية»، يجري التحضير لها، حسبه، «بعد أن تحققت الكثير من المطالب الشعبية منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، والداعية إلى التغيير والتحول نحو نظام ديمقراطي حقيقي، واستعادة سيادة الشعب الكاملة وكذا ثرواته». في سياق متصل، أشار شنين إلى أنه «بعد أن تحقق للشعب الكثير من المطالب، يبقى الأهم هو مشاركة المواطن في بناء مؤسسات السلطة السياسية لبلاده بحرية، دون تخوف من آفة التحايل على صوته»، مؤكدا بأن هذا المسعى سيتحقق من خلال انتخابات حرة وشفافة ترمم من هوة انعدام الثقة، وتعيد الأمل في بناء الحاضر والمستقبل، وتعزز معاني الانتماء للوطن». وأعرب المتحدث عن أمله في أن تكون الانتخابات القادمة، «بداية جديدة للتأسيس للشرعية الشعبية، ونهاية لأزمة التمثيل السياسي التي لازمت فترة الحكم خلال السنوات الماضية، مضيفا بأن «هذه المرحلة القادمة سيكون أساسها، سيادة الشعب وأولوية المواطن وانشغالاته وإرادته في الاختيار الحر». وجدد شنين تمسكه بأسلوب الحوار للوصول بالجزائر إلى بر الآمان، حيث اعتبر هذا الحوار «بمثابة الواجب الوطني، كونه أقصر الطرق وأقلها تكلفة للشعب وللدولة في الوقت الراهن، فضلا عن كونه الحل المتاح والممكن لأنه صمام أمان من كل أنواع المخاوف والمخاطر المحدقة ببلادنا، ومن القلق الذي ينتاب المواطنين تجاه حاضر بلادنا ومستقبلها»، مثنيا على جميع المبادرات والمساهمات التي صبت في هذا الإطار، فيما استهجن في المقابل «حملات التشكيك والتخوين وشيطنة مبادرات الحوار». كما أعرب رئيس المجلس الشعبي الوطني، عن دعمه الكامل لهيئة الحوار والوساطة التي استطاعت، حسبه، أن «تتقدم بخطوات مهمة في الاتجاه الصحيح، وأن تحدث ديناميكية داخل المجتمع من أجل التعجيل بالحل السياسي المتمثل في تنظيم انتخابات رئاسية في أحسن الظروف». وأشاد في سياق متصل، بالدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية، مشيرا إلى أنه «لم يبق للمتقوّلين أيّ حجّة بعد فصلها وترجيحها لتنظيم الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة»، ما يثبت، حسبه، أن المؤسسة العسكرية «مؤسسة جمهورية كما عهدناها سليلة جيش التحرير الوطني، متشبّعة بقيم الوفاء والولاء للوطن ومصالحه العليا دون سواها، تلجأ للصندوق والإرادة الشعبية، ووفق بيئة سياسية وقانونية مساعدة، من شأنها أن تعطي المصداقية الكافية للعملية الانتخابية القادمة، وتقلّل من المشكّكين وخاصة المغرضين منهم». وفي حين، استنكر شنين ما وصفه ب»الحملات المبرمجة من أجل تعطيل وتأجيل تحقيق حلم الشهداء في بناء جمهورية جزائرية ديمقراطية شعبية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية»، أشاد في المقابل بالدور الذي يقوم به الإعلام في مواكبة التطورات التي تشهدها البلاد واحساسه بروح المسؤولية، داعيا الى تقديم الدعم الكامل لهذا القطاع. على الصعيد الاقتصادي، حمل رئيس المجلس الشعبي الوطني، الحكومات المتعاقبة مسؤولية الأزمة الراهنة، «لأن البرامج كانت قائمة على الاحتكار واقتصاد الريع، الذي استفادت منه مجموعة دون باقي المواطنين». ودعا إلى مراعاة الوضع الاجتماعي الصعب، في ظل تراجع القدرة الشرائية، وتراجع بعض المؤشرات الاقتصادية، مبرزا أهمية تجنب مشروع قانون المالية لسنة 2020، لأية زيادات قد تعقد أكثر وضعية المواطن وتزيد في متاعبه. وإذ أكد ضرورة مراعاة هذا المشروع لهدف الحفاظ على التوازنات الكبرى للدولة، دعا شنين إلى مزيد من إجراءات الدعم والتضامن المباشر تجاه الفئات المعوزة في المجتمع، حتى تتمكن من تلبية حاجياتها الأساسية بشكل يضمن كرامتها. ليخبص في الأخير إلى أن عهدته البرلمانية ستركز على تكريس الدور التشريعي للمجلس ومتابعة إنشغالات المواطنين من خلال مساءلة الحكومة ومراقبة عملها مع تنظيم أيام برلمانية و خرجات استعلامية تتمحور حول المواطن.