من أين ستبدأ المجالس البلدية المنتخبة في تطبيق البرامج الإنمائية في عهدتها الجديدة؟ مثل هذا السؤال بات يطرح بإلحاح من قبل المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم في المحليات الفارطة، وهم يمنون أنفسهم بأن ما هو في الأفق أحسن مما طويت عهدته·· وقد يبدو السؤال أكبر من الإمكانيات المتاحة أمام هذه المجالس، بالنظر إلى محدودية الصلاحيات الممنوحة لها، والتي تجعل هامش المناورة من حولها ضيقا، فالبلدية التي لا تتعدى ميزانيتها تسعة ملايير سنتيم وتوظف حوالي ستمائة عامل بكتلة رواتب تضاهي هذا الرقم، من الأكيد أنها لا تعرف من أين ستبدأ، والبلدية التي لا تملك شبكة طرقات صالحة وشبكة إنارة منعدمة ومحاطة ببؤر عشوائية يسكنها الآلاف، الأكيد أنها هي الأخرى لن يكتب لها أن تكون في مستوى التطلعات، إذا كانت الميزانية الممنوحة لها لا تؤهلها للقضاء على حياة الصفيح ولا تمكنها من تسديد أجور عمالها بعد الشهر التاسع من كل سنة··· ومن هنا، كان لزاما علينا طرح هذا السؤال، للفت الانتباه بأن التنمية المحلية تتطلب موارد مالية كبيرة وإرادة أكبر، وأن هذه المجالس لا يمكنها أن تكون في مستوى دفع عجلة التنمية إلى الأمام، طالما أن ما يرصد لها من ميزانية لا يكفي لصرف رواتب موظفيها، أو يرقع شبكة طرقها أو إضاءة شوارعها أو إدخال التدفئة إلى مدارسها أو تهيئة شبكة الصرف بها أو طلاء أرصفتها··· إنها حقائق يجب أن تراعى عند وضع الميزانيات السنوية، إذا أردنا فعلا أن نجعل من المجالس البلدية أداة فعالة في خدمة التنمية والمواطن، على أن تبقى هذه المجالس بعد ذلك تحت المجهر للمراقبة والمساءلة، حتى لا تنحرف أو تنفرد باتخاذ القرار الخاطئ الذي لا يخدم الصالح العام·