* email * facebook * twitter * linkedin لم تنفع كل المساعي التي بذلتها السلطات العراقية في احتواء المظاهرات الاحتجاجية التي عرفت تصعيدا إضافيا، أمس، وسط إضراب الإدارات العمومية والمدارس الحكومية، عمد خلالها المتظاهرون الى إغلاق كل الطرق المؤدية الى العاصمة بغداد ومدن الجنوب التي تقطنها أغلبية شيعية مصرين على رحيل الحكومة الحالية ووجوه الطبقة السياسية. واشتد الخناق الشعبي من حول رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي وكل الطبقة السياسية بعد انضمام طلبة الجامعات ومختلف النقابات المهنية إلى هذا الحراك غير المسبوق الذي انطلقت شرارته الأولى في الفاتح من الشهر الماضي ضمن أزمة سياسية فقدت مؤشرات تسويتها، حيث بدأت بمطالب اجتماعية ما لبثت أن تحولت إلى مطالب منادية برحيل كل النظام القائم الذي حملوه مسؤولية الأوضاع الاجتماعية المتدهورة في أحد أغنى بلدان العالم، بكفاءاته البشرية وخيراته الطبيعية. وشكل نهار أمس تحولا جذريا في زخم الحراك الشعبي وسط نداءات ملحة لتحويله إلى عصيان مدني عام بعد انضمام نقابات الأساتذة الجامعيين والمهندسين والأطباء والمحامين إلى جانب المحتجين وأعلنوا أمس جميعهم إضرابا عاما في البلاد شل كل مظاهر الحياة في عاصمة البلاد ومدنها الجنوبية. وتوالت النداءات للدخول في عصيان مدني عام رغم الوعود التي قطعتها حكومة عبد المهدي بإجراء انتخابات عامة مسبقة وإدخال إصلاحات جذرية على آليات نظام التوظيف ووعود بالحد من ظاهرة البطالة ومحاسبة المرتشين والفاسدين. وكان تصعيد المظاهرات في العاصمة بغداد واضحا مقارنة بأيام المظاهرات الماضية بعد أن غادر الطلبة جامعاتهم والتلاميذ مدارسهم وتوجهوا في ارتال بشرية لا متناهية إلى ساحة التحرير في قلب المدينة في وقت أغلقت فيه الإدارات أبوابها وقام المتظاهر بركن سياراتهم عندما مداخل الشوارع الرئيسية والجسور الكبرى لمنع وصول تعزيزات قوات الجيش والشرطة لتفريقهم. ويبقى الهدف الآخر المرجو من هذا التصعيد الشعبي إصرار المتظاهرين على رحيل النظام العراقي برمته وكل من أسموهم بالفاسدين والمرتشين الذين اغتنوا من الريوع البترولية العراقية على مدار السنوات الأخيرة. وسادت مثل هذه المشاهد في العاصمة بغداد كما في مدن الكوت والهلة وبابل وصولا الى البصرة ضمن تصعيد شعبي غير مسبوق قد يرغم الوزير الأول العراقي على تقديم استقالته. وهو أمر غير مستبعد في حال استمر هذا العصيان المدني، خاصة بعد أن انضم طلبة المدارس الدينية في المدن الشيعية في النجف وكربلاء الى صفوف المشاركين في المسيرات الاحتجاجية. وشكل لجوء المتظاهرين في مدينة البصرة في أقصى جنوب البلاد إلى إغلاق ميناء أم قصر المنفذ الوحيد للعراق الى مياه الخليج العربي هزة قوية في أعلى هرم السلطة العراقية كونه الميناء الوحيد التي تمر عبره كل المواد الغذائية الأساسية الموجهة للشعب العراقي، وهو ما يعد نقطة تحول قد تسرع من عملية الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي وخاصة بعد منع مئات المتظاهرين سفن تجارية من إفراغ حمولاتها من مختلف المواد الأساسية.