* email * facebook * twitter * linkedin لازال الاعتقاد السائد لدى بعض الأولياء، أن إرضاء كل رغبات الأطفال هو السبيل الصحيح لتربيتهم، خاصة في الوقت الذي نعيشه، حيث تسارعت وتيرة الحياة وأصبح تخصيص بعض الوقت معهم أمرا صعبا، بعدما اتجهت النساء إلى العمل لسد ما تتطلب الحياة من احتياجات، وفي النتيجة، أصبح الأولياء يشتكون من صعوبة التحكم في سلوكياتهم، نتيجة إصابتهم بالدلال المفرط، الذي فسره المختصون على أنه نتائج إخفاء الأولياء، لتقصيرهم في التواجد معهم ومحاولة تغطية الأمر بتلبية كل الرغبات. لم تعد الأسرة النووية، كما يسميها المختصون في علم الاجتماع، تعرف كيف تربي أبناءها، نظرا لتدخل العديد من العوامل التي أصبحت اليوم، تؤثر تأثيرا كبيرا في العملية التربوية، خاصة ما تعلق منها بالتكنولوجيا وما تقدمه من جاذبية، حيث أصبحت تنافس الأولياء الذين تخلو إلى حد ما على دورهم، الأمر الذي انعكس سلبا على الأبناء الذين، إن صح التعبير، استغلوا هذا الظرف للحصول على كل ما يرغبون فيه، خاصة أنهم تعودوا على ذلك. على حد تعبير إحدى المواطنات، فإن تدليلها لابنها بتلبية كل حاجاته، كونها امرأة عاملة ولا تجد الوقت لمجالسته واللعب معه، جعل مصطلح "لا" محرما عليها، وإن حدث وامتنعت عن تلبية أي طلب، تكون نتيجته دخول ابنها في نوبة من الصراخ والبكاء الذي لا ينتهي إلا بالنزول عند طلبه. نفس الانطباع الذي لمسناه عند سيدة أخرى، أوضحت في معرض حديثها، أن تدليلها الكبير لابنتها جعلها تخجل من تصرفاتها، وترفض أن ترافقها، خاصة بعد حادثة وقعت لها مؤخرا، حيث رفضت ابنتها التنازل لها عن المقعد في الحافلة، وظلت واقفة طيلة الرحلة تستمع إلى تعليقات الركاب، التي كانت تشير إلى سوء تربيتها والإفراط في تدليلها. الإفراط لتغطية التقصير الوالدي يعتقد المختص في التربية رابح شليحي، في معرض حديثه مع "المساء"، أن أولياء اليوم، ضيعوا الطريقة الصحيحة للتربية، حيث يتجه البعض منهم إلى التقليد، فيرغبون في أن يكون لأبنائهم ما يتوفر لدى جيرانهم، حتى وإن كان الأمر يتعلق ببعض الأمور الكمالية، بينما يتجه البعض الآخر إلى تلبية كل رغبات الأبناء، فقط حتى لا يشعروا بأنهم مقصرون في أداء واجباتهم، ويؤكد المختص "يعتبر هذا من أخطر أساليب التربية، بالنظر إلى الآثار السلبية التي تنعكس على الطفل، وفي النتيجة، يصبح لديهم طفل اتكالي، محب لذاته، عنيف عندما يتعلق الأمر برفض رغباته". يقترح محدثنا لمساعدة الأولياء، خاصة أن نسبة كبيرة اليوم أصبحت تجد صعوبة في التحكم بسلوكيات أبنائها، بعد الإفراط في تدليلهم، ضرورة الاستعانة بمساعدة المختصين في علم النفس الأسري، الذين يتكفلون بدعم الأولياء ومنحهم الحلول التي تساعدهم على إصلاح ما أفسدوه عن جهل، أو تغطية الغياب عنهم بسبب العمل. اكتشاف شخصية الطفل تحد مشاكل التربية بينما يرى المختص في أدب الطفل، الأستاذ سعيد علي بوهون، أن المجتمع الجزائري تنتشر فيه نوعان من التربية؛ التربية بالطيبة أو ب«الدلال"، وهي التي يبالغ فيها الأولياء في تدليل أبنائهم، والتربية بالعنف، وكلاهما من أسوء أنواع التربية، لأنهما يؤثران تأثيرا سلبيا على بناء شخصية أبنائهم، فنجد التربية بالطيبة تلغي وتزيل شخصية الأبناء، بينما التربية بالعنف تلغي شخصيته نهائيا، في الوقت الذي يفترض على الأولياء أن يختاروا حلا وسطيا، ممثلا في التربية بحزم، والتي تقوم على توفير ما يجب توفيره وتعليمه الاستقلالية وتحمل تبعات قراراته. من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الأولياء، والتي أفسدت تربية أبنائهم وجعلتهم يعيشون في حالة من الدلال المفرط، وحطمت شخصيتهم وجعلتهم غير قادرين على الإنجاز والمواجهة، محاولة تغليب الجانب المادي على الحضور الشخصي والعاطفي، ويقول "الأمر الذي يقودنا إلى تنبيه الأولياء بضرورة الاستفادة من الدورات التأهيلية، التي يشرف عليها مختصون في الإرشاد الأسري، وبالمناسبة، أنصح المقبلات على الإنجاب بضرورة الخضوع لدورات تأهيل حول تربية الأبناء، لاكتساب ما يسمى بمهارات التعامل مع الأبناء"، مشيرا إلى أن الرهان الذي يواجه الأولياء؛ التكنولوجيا التي تحولت إلى شريك في عملية التربية، لذا فإن المفتاح المتوفر لفهم الأبناء، هو اكتشاف شخصيتهم لتسهل عملية التعامل معهم، فلدينا الشخصية العقلانية التي تتطلب تعاملا يختلف على الشخصية الاستيعابية، وتختلف عن الشخصية العاطفية، وإن تمكن الأولياء من معرفة شخصية كل واحد من أبنائها، تزول مشاكل التربية عندهم".