أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس من ولاية بسكرة عن مسح ديون الفلاحين والموالين المقدرة ب41 مليار دينار، وكشف لدى إشرافه على افتتاح الندوة الوطنية للتجديد الفلاحي والريفي عن تخصيص 200 مليار دينار لدعم الإنتاج الفلاحي بمختلف أنواعه في السنوات الخمس القادمة. وفي خطوة تهدف إلى تحقيق الوثبة المنتظرة في القطاع الفلاحي وبخاصة ما تعلق بضمان الأمن الغذائي وتقليص فاتورة الاستيراد التي تجاوزت السنة الماضية 8 ملايير دولار بعدما كانت لا تتعدى ثلاثة ملايير دولار سنة 2003 أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لدى إشرافه على الندوة الوطنية للتجديد الفلاحي ببسكرة وأمام 5 آلاف فلاح وموال وصناعي وإطارات في الدولة عن عدة قرارات تهدف الى الرفع من القدرات الإنتاجية ومساعدة الفلاحين والموالين، وفي إجراء اهتزت له القاعة متعددة الرياضات التابعة لجامعة محمد خيضر أعلن عن مسح "كافة ديون الفلاحين المقدرة ب41 مليار دينار، حيث ستقوم الخزينة العمومية بإعادة شراء هذه الديون" وأمر البنوك بالتوقف نهائيا وابتداء من تاريخ عقد الندوة أمس "عن أي مسعى من أجل استعادة ديونها لدى الفلاحين والموالين" . وتعد هذه ثاني مرة منذ سنة 1999 تتم المبادرة بمسح ديون الفلاحين بعد ذلك القرار المتخذ سنة 2001 وشمل مبلغ 14 مليار دينار. وتحدث القاضي الأول في البلاد في قاعة مكتظة عن آخرها عن جملة من التدابيرأمام المعنيين بالأمر، وأكد أن التصور المتجدد للنهوض بالقطاع يرتكز على تجاوز النقائص المسجلة وتسخير جميع الإمكانيات المادية، مع مراعاة توفير الظروف المواتية لاستقرار المواطنين في المناطق الريفية وتوثيق ارتباطهم بالأرض عبر خدمتها، وقال "أن الوثبة التي ننوي تحقيقها في تطوير الفلاحة تستدعي تعبئة إسهام مالي من الدولة يقارب 200 مليار دينار" أي ما يعادل قرابة 3ملايير دولار سنويا" . ولكن القاضي الأول في البلاد وأمام غالبية أعضاء الحكومة شدد على ضرورة ترشيد النفقات والالتزام بالصرامة في استعمال هذه الموارد. وفي هذا السياق أمر الحكومة باتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع أي تحويل لهذا المال لأغراض المضاربة والنشاطات الطفيلية وأبرز كذلك الدور الواجب ان تضطلع به العدالة من خلال الحرص على "ردع أي انزلاق يتم تسجيله بقوة القانون وصرامته" . وإضافة الى مسح ديون الفلاحين أعلن الرئيس بوتفليقة عن قرارات غير مسبوقة تصب كلها في سياق إعطاء دفع للقطاع الذي رغم المجهودات المبذولة في السنوات الماضية يقول رئيس الجمورية "لم نحقق كل النتائج المرجوة"، وأشار الى ان الاجراءات التي سيتم اتخاذها ابتداء من تاريخ انعقاد هذه الندوة ستساهم في تذليل كل العقبات التي حالت دون تحقيق الاكتفاء الذاتي. ومن جملة الإجراءات المتخذة تحمُل الدولة تكاليف اقتناء البذور والشتلات وإعادة إنتاجها، ودعم أسعار اقتناء الأسمدة الموجهة لكل انواع الانتاج الفلاحي. وفي موضوع الأسمدة أبرز الرئيس بوتفليقة الحساسية التي يعرفها موضع استخدامها، وطالب الوزارة الوصية بضرورة تمكين الفلاحين من التحكم في استخدام تقنيات توظيف هذه المواد. كما أعلن بالمناسبة ايضا عن تخصيص مساعدة عمومية لاقتناء العتاد الفلاحي لصالح كافة أنواع الإنتاج الفلاحي وتربية الماشية، وعتاد الري، وقرر الابقاء على دعم اسعار القمح والشعير التي تجمعها التعاونيات لدى الفلاحين قصد دعم الإنتاج المحلي، وكشف ايضا عن إجراءات موجهة لدعم إنتاج الحليب عبر وضع برنامج لاستيراد البقرة الحلوب، ودعم مربي الاغنام والماعز والخيول والإبل وحتى الدواجن، وسيحظى منتجو مختلف الفواكه وزيت الزيتون والتمور هم كذلك بمساعد من الدولة. لكن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نبه في هذا الشأن الى ضعف القدرات الوطنية في مجال التصدير وتساءل في هذا الصدد لماذا تبيع دولا مثل تونس والمغرب التمور الجزائرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية على أساس أنها تمور منتجة لديهم، واشار الى ان الجزائر في تعاملاتها التجارية مع هاتين الدولتين لن تسمح بمثل ذلك مستقبلا وان التعاون التجاري والاقتصادي بين الدول المغاربية يجب ان يكون، "لكن على أساس احترام ذكر المنشأ"، وذكر بأن الجزائر تملك من الإمكانيات ما يسمح لها بالتكفل بعملية التصدير. وفي سياق البحث من آليات تنفيذ جميع البرامج المعلن عنها خلال الندوة وبخاصة ما تعلق بتدعيم الفلاحين بالعتاد الضروري وتعزيز قدراته في هذا المجال طالب رئيس الجمهورية الحكومة بالإسراع في اتخاذ تدابير من شأنها ان تفتح المجال أمام إعادة تأهيل المؤسسات العمومية العاملة في انتاج العتاد والتجهيزات الموجهة للفلاحة، وشدد على إلزامية تعبئة كل أشكال الشراكة الكفيلة بتحسين جودة انتاج المؤسسات العمومية المعنية حتى يستفيد الشركاء الأجانب من برنامج تحديث القطاع الفلاحي وتجهيزه. وإلى جانب كل ذلك تحدث الرئيس بوتفليقة عن تعزيز القدرات البشرية عبر تأهيلها وتمكينها من الخبرة الضرورية لذلك. واعتبر القاضي الأول في البلاد إطلاق هذا المشروع الضخم فرصة سانحة أمام المتعاملين الوطنيين والأجانب للاستثمار في القطاعات ذات صلة بالفلاحة، وأوضح أن الدولة سترافق وستشجع كل المتعاملين الذين يختارون إقامة مشاريع لها علاقة بتطوير القطاع. ومن بين الملفات التي أثارها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الذي دام قرابة ساعة كاملة والذي تفاعل مع أهم محطاته الفلاحون والموالون والصناعيون الحاضرون في القاعة قدموا من مختلف مناطق الوطن، موضوع تحويل الأراضي الفلاحية عن وجهتها الأصلية، وذكر الحضور بعملية استنزاف الأراضي الفلاحية بعد تأميمها في الستينات، وأشار إلى أن بعض الفلاحين "قاموا ببيع تلك الأراضي لحثالات من الناس حولوها عن وجهتها وأقاموا مشاريع عقارية بها" . وأكد من جهة أخرى عن مخلفات الأزمة الأمنية التي دفعت بالمئات من العائلات إلى هجرة أراضيها وذكر أن عودة الفلاحين إلى مناطقهم لم يكن ليتحقق إلا بعد أن استتب الأمن في كل ربوع الوطن، وتعهد في هذا السياق بدعم الفلاحين في الهضاب العليا وفي الجنوب وتعزيز قدرات استصلاح الأراضي "لكن شريطة أن يلتزم هؤلاء بمواصلة نشاطهم الفلاحي وعدم هجرتهم إلى مناطق الشمال" .