أعلن رئيس الجمهورية أمس عن قرار مسح ديون الفلاحين والموالين المقدرة ب41 مليار دينار، وأمر البنوك بأن تتوقف عن إجراءات مطالبة الفلاحين بتسديد الديون المستحقة لديها، في إطار خطة جديدة للنهوض بالقطاع الفلاحي، قال إن الدولة ستخصص لها 200 مليار دينار سنويا أي ما يقارب 3 ملايير دولار. اختار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقبل أسابيع قليلة من نهاية عهدته الرئاسية الحالية أن يحمل إلى الفلاحين والموالين عندما قرر مشاركتهم أشغال الندوة الوطنية للتجديد الفلاحي والريفي المنعقدة أمس بولاية بسكرة بحضور أزيد من 2000 فلاح وموال من 48 ولاية جملة من المفاجآت والإجراءات لإعطاء دفع جديد لقطاع الفلاحة لخصها في ثمان نقاط أساسية في مقدمتها قرار مسح ديون الفلاحين والموالين والبالغة 41 مليار دينار وهي الخطوة التي لاقت استحسانا من المعنيين وصفق لها الحضور مطولا والتي اعتبرها بوتفليقة مبادرة لتشجيع العاملين في قطاع الفلاحة على بذل المزيد من المجهودات لتحديث النشاط الفلاحي ورفع نسبة الإنتاج، وخطب بوتفليقة قائلا "يحيا مسح الديون عسى أن يلهمنا الله ما هو أفضل"، مؤكدا أن الخزينة العمومية ستقوم بشراء هذه الديون، وطالب بوتفليقة البنوك بأن تتوقف بداية من اليوم أي أمس عن أي مسعى من أجل استعادة ديونها لدى الفلاحين والموالين. ويأتي قرار بوتفليقة مسح ديون الفلاحين والموالين في إطار إستراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع الفلاحي من 8 محاور كبرى لتحفيز هذه الفئة على بذل المزيد من الجهود في خدمة الأرض على طريق تحقيق الأمن الغذائي، وقال إن الحكومة ستتولى القيام بحملة واسعة لشرح هذه المحاور والإجراءات الجديدة التي دخلت بداية من أمس حيز التنفيذ، وأكد بوتفليقة أن الدولة وفي إطار الخطو الجديدة ستساهم في تحمل تكاليف اقتناء البذور والشتلات وإعادة إنتاجها من أجل رفع الإنتاج الفلاحي كما ونوعا كما سيتم منح دعم عمومي لأسعار اقتناء الأسمدة بالنسبة لكافة أنواع الإنتاج الفلاحي، وبخصوص الإشكالية التي تطرحها عملية اقتناء الأسمدة من قبل الفلاحين والتي تأخذها منهم الجماعات المسلحة لاستعمالها في صناعة المتفجرات وهو ما جعل الحكومة تلجأ إلى تقييد وفرض رقابة على بيع الأسمدة، فقد اعترف بوتفليقة الذي خرج عن نص الخطاب المكتوب أكثر من مرة مخاطبا الحضور "أعترف بأنكم تواجهون مشاكل في الحصول على الأسمدة وأعدكم بإيجاد حل لهذه المسألة". وفي سياق ذي صلة أعلن بوتفليقة عن تخصيص مساعدة عمومية لاقتناء العتاد الفلاحي وعتاد الري المقتصد للمياه بصيغة البيع بالإيجار للتجهيزات المصنعة محليا، كما أكد أن الدولة لن تراجع أسعار شراء القمح والشعير من التعاونيات الفلاحية التي أقرتها السنة الماضية رغم انخفاض أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، وستمنح سعرا تحفيزيا لجميع محاصيل الخضر الجافة، إلى جانب الإعلان عن تحفيزات لصالح منتجي الحليب من أجل اقتناء البقر الحلوب لدى الممونين المتعاقدين ولتجديد التجهيزات ولشراء عتاد لجمع وإنتاج العلف، وبالتزامن مع هذه التحفيزات أشار بوتفليقة إلى ربط دعم أسعار الحليب المستورد المقدم حاليا للملابن بحصة الإنتاج المحلي من الحليب التي يتم جمعها. ويخص المحور الخامس في خطة النهوض بالقطاع الفلاحي التي كشف عنها بوتفليقة بإنتاج اللحوم بتقديم تحفيزات لتربية الغنم والماعز من خلال التكفل بتلقيح الماشية وتحديث حظائر تربية الماشية ، وتوفير العلف بأسعار مدعمة في حالات الجفاف، كما ستستفيد تربية الدواجن والقطعان الصغيرة من دعم موجه لاقتناء الماشية وتجديد وسائل الإنتاج والاستثمار في الصناعة التحويلية في حين سيتم تشجيع توالد السلالات المحلية بالنسبة لتربية الخيول والإبل مثلما أعلن عنه رئيس الجمهورية. وكشف بوتفليقة عن مساعدات للإنتاج الذي تدره بعض الأنواع من الأشجار المثمرة، مبرزا أن إنتاج زيت الزيتون سيستفيد من دعم خاص يشمل اقتناء العتاد الموجه لانجاز المعاصر وقدرات تخزين الإنتاج، ومن ولاية بسكرة المتخصصة في إنتاج التمور لم يغفل بوتفليقة هذا العصب الحيوي في الفلاحة الوطنية وما يواجهه من صعوبات لا سيما على مستوى التصدير، مؤكدا أن الدولة ستقدم على إجراءات تحفيزية لرفع إنتاج التمور وتسهيل عملية تصديرها إلى الخارج تشمل الحفاظ على غابات النخيل وتجديدها وبناء وحدات التوضيب والتصدير ، ومرة أخرى تفرض حساسية الموضوع على رئيس الجمهورية الخروج عن حدود الكلمات المعدة سلفا في خطابه، ليوجه كلمات ارتجالية للحضور قائلا "التمر الجزائري يباع في كاليفورنيا بختم تونسي ومغربي، نحن ننتج ليسوق غيرنا" ويذهب بوتفليقة أبعد في انتقاده لهذا الوضع بالقول" لا بأس أن يكون هذا التسويق في إطار التكامل والتعاون المغاربي نبيعهم التمر ليسوقونها لكن أن تحمل ختم "إنتاج جزائري" . أما المحور الأخير في خطة رئيس الجمهورية فتتعلق برفع كفاءة الإطارات العاملة في قطاع الفلاحة، موضحا أن المنظومة الوطنية للتعليم ستكثف من عملية تكوين المهندسين والتقنيين في الفروع والمهن ذات العلاقة بهذا النشاط، كما سيكون بإمكان التعاونيات الفلاحية وتعاونيات تربية الماشية الاستفادة من آليات الدعم العمومية الخاصة بالإدماج المهني والمعدة لخدمة القطاع الاقتصادي وهو ما سيجعلها تستفيد من خبرة وكفاءة الإطارات الجامعية التي ستتكفل الدولة مؤقتا بدفع قسط هام من الأجور المدفوعة لهم مؤقتا. وأكد بوتفليقة أن هذه الخطة الجديدة في قطاع الفلاحة التي ستشرع الحكومة في تنفيذها تقتضي غلافا ماليا معتبرا من خزينة الدولة يقارب 200 مليار دينار أي ما يعادل 3 ملايير سنويا، واعتبرها رئيس الجمهورية تضحية كبيرة من الدولة من شأنها تحقيق نتائج هامة في الاقتصاد الوطني، ودعا الحكومة إلى المساهمة في إنجاح هذه الخطة من خلال إعادة تأهيل قدرات الإدارة القائمة على الفلاحة ومناهج عملها لمرافقة التجديد الفلاحي، كما خاطب بوتفليقة الفلاحين والموالين قائلا" أدعوكم إلى تنظيم أنفسكم في إطار الغرف الفلاحية الوطنية والمحلية، ودعا مصالح الدولة المكلفة بالمراقبة إلى التجند من أجل التصدي لكافة محاولات تحويل أموال الدعم العمومي الموجهة للفلاحة لأغراض المضاربة والنشاطات الطفيلية، وشدد على العدالة لأن تحرص من جانبها على ردع أي انزلاق يتم تسجيله بقوة القانون وصرامته. وفي سياق ذي صلة بتوجيهات رئيس الجمهورية للحكومة لإنجاح الخطة الجديدة للتجديد الفلاحي ألح بوتفليقة على اتخاذ الإجراءات الضرورية لاسترجاع القدرات العمومية غير المستعملة في مجال التخزين والتبريد ومخازن القمح وإعادة تأهيل كافة هذه الوسائل ورصدها لضبط الإنتاج الفلاحي.