كشف رئيس الجمهورية أمس من ولاية سيدي بلعباس، في خطاب موجه للشباب عن عدة إجراءات جديدة لفائدة هذه الفئة، تضمنت رفع منح متربصي التكوين المهني والطلبة الجامعيين، وتخصيص أجرة شهرية لطلبة الدكتوراه، مع إقرار تعميم الإعلام الآلي بكل المؤسسات التعليمية، وتشجيع البحث العلمي بميزانية جديدة تعادل ضعف تلك المخصصة خلال العشرية الأخيرة، داعيا فئة الشباب بمختلف المراحل التعليمية والتكوينية إلى العمل والتشمير على السواعد والتشبع بالروح الوطنية وتقديس العمل لأنه الضمان الوحيد للعيش في أمان واطمئنان وفي منأى عن الصعاب والمغريات. واستهل الرئيس بوتفيلقة خطابه الذي ألقاه بالقاعة المتعددة الرياضات بتذكير الشباب بجيل الثورة الذي اضطلع بتحرير الوطن وهو في ريعان الشباب من براثن الاستعمار ليواصل إلى جانب جيل الاستقلال مسيرة لبناء الجزائر المستقلة، مذكراً بأن "وثبة البناء الوطني التي آلت في بعض الفترات إلى كبوة أليمة نهضت منذ عشرية من الزمن وضمّدت جراحها وحركت عجلة تنميتها، عاقدة العزم على المضي فيها قُدماً". وقال الرئيس أن مشاكل الشباب متنوعة اليوم وأن حلها يتطلب كثيراً من الوقت والجهد، مشيراً إلى أن اقتراحاته ستكون بالملموس ولا مكان فيها للأفكار المجردة ولا للشعارات الديماغوجية، معلناً أنه اتخذ عدة إجراءات محفزة لفئة الشباب، والتي تتلخص في رفع منحة التجهيز السنوية لمتربصي التكوين المهني من 300 دج إلى 2000 دج، والتي يبدأ تطبيقها ابتداء من الخريف المقبل، من خلال قانون الميزانية التكميلي في شهر جوان من السنة الجارية، مع رفع منحة المتربصين الحاليين إلى 500 دج شهرياً ابتداء من الشهر الحالي، وإنشاء خلايا جوارية على مستوى مراكز التكوين المهني والمراكز الجامعية لمساعدة المتربصين والطلبة الراغبين في إنشاء نشاطهم الخاص بعد تخرجهم. كما سيستفيد طلبة الجامعة والماجستير ابتداء من الموسم المقبل من رفع منحتهم ب 50 في المائة، كما سيتقاضى طلبة الدكتوراه الذين ليس لهم دخل أجراً شهرياً بقيمة 12 ألف دج، مما سيتطلب تخصيص متوسط مالي يتجاوز 1440 مليون دينار سنوياً. وأشار الرئيس مخاطباً الشباب - الذين كانوا يقاطعونه في كل مرة بتصفيقاتهم وهتافاتهم- أن بلادنا التي خاضت معركة حقيقية ضد البطالة وكانت نتيجتها انحسار هذه الآفة بفضل المناصب التي أوجدها إنعاش الاقتصاد والتنمية، بأنها "لن تحجب عنا جملة التحديات التي ما تزال مطروحة علينا بشأن التكفل بتطلعات شبيبتنا". وفي هذا الباب كشف السيد بوتفليقة أن قسطاً معتبراً من موارد البرنامج التنموي الهام الذي سيتم تنفيذه خلال السنوات الخمس المقبلة وقيمته 150 مليار دولار، سيخصص لإنشاء الثروة ومناصب الشغل، وأن هذه المهمة سيسهم فيها الرأسمال الخاص الجزائري والاستثمار الأجنبي، مقابل تحفيزات جبائية جديدة لتوظيف الشباب البطال على مستوى المؤسسات. وتأسف رئيس الجمهورية في خطابه لإفرازات البطالة التي أدت إلى هجرة خيرة أبنائنا نحو الخارج مؤكداً أنه "يتعين علينا القضاء عليها في أقرب الآجال إن نحن أردنا مواصلة عملية تقويم اقتصادنا وإنعاش التنمية في بلادنا"، مضيفاً أن مناصب الشغل البسيطة تكتسي الأهمية نفسها على غرار مناصب التقنيات العالية، ويتعلق الأمر بمناصب الشغل اليدوية والمهن القاعدية فهناك قطاعات توفر مناصب شغل كبيرة منها: الصناعات التقليدية، الفلاحة، البناء الأشغال العمومية، الري، الصيد والموارد الصيدية، وفي هذا الإطار تساءل الرئيس باستغراب عن عزوف شباب اليوم عن ممارسة مثل هذه المهن النبيلة، مما جعلنا نستورد عمال البناء والأشغال العمومية من الصين والدول الأخرى. واسترسل الرئيس - خارج نص الخطاب- في ذكر مفاخر الرياضيين الجزائريين الذين رفعوا راية البلاد عاليا عندما كانت بلادنا تعيش في عز الأزمة الأمنية، مشيداً في هذا الإطار بجهود حسيبة بولمرقة ونور الدين مرسلي الحاضرين، متسائلاً عن فريق كرة القدم الجزائري، ممازحا بالقول أنه إذا كان المطلوب هو شراء فريق كرة القدم من الخارج فإن الأموال موجودة. وألحّ رئيس الجمهورية على ضرورة إدماج نهج الاستشراف والتجديد في منظومتنا التعليمية والتكوينية، لإعداد عمال يتكيفون مستقبلاً مع المستجدات والتطورات، مع مواصلة إصلاح منظومة التعليم، وذلك بتقوية الشعور بالانتماء الوطني والهوية في نفوس الأجيال الصاعدة، مذكراً أن "دسترة واجب الدولة في السهر على كتابة التاريخ وتلقينه للناشئة سيعزز هذه الدينامكية ويقويها". كما تعهّد القاضي الأول للبلاد بتعميم تعليم الإعلام الآلي في كافة أطوار التعليم لتمكين الأجيال الصاعدة من التحكم في تكنولوجيات الإعلام المعاصرة، مع ضمان تحسين الظروف الاجتماعية لمستخدمي منظومة التعليم الوطني ومنها السهر على إنجاز سكنات لفائدتهم، لاسيما بالمناطق المحرومة. وأكد الرئيس أيضاً في خطابه أمام الشباب الذين أتوا من كل ولايات الوطن للمشاركة في الندوة الوطنية حول التكوين أن نظام ال"ال.ام دي" وأن قطاع البحث العلمي الذي شهد انبعاثاً حقيقياً خلال العشرية الأخيرة بفضل الدعم الذي بلغ 100 مليار دج، سيتواصل تعميمه وتدعيمه ومضاعفة ميزانيته بالمبلغ نفسه خلال الخماسية القادمة. مبعوث "المساء" إلى سيدي بلعباس: رشيد كعبوب