رمى رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، مصطفى أديب، أمس، المنشفة بعد فشله في تشكيل حكومة جديدة في لبنان الذي يتخبط في أزمة سياسية حادة زادها تعقيدا الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في بلد عربي كان في وقت ليس بالبعيد يوصف بسويسرا العرب. وقبل الرئيس اللبناني ميشال عون اعتذار مصطفى أديب عن عدم تشكيل الحكومة بعد أقل من شهر فقط منذ تكليفه بهذه المهمة الصعبة، ليكون بذلك ثاني رئيس حكومة مكلف يعجز في تشكيل حكومة بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع أوت الماضي. وقال بيان للرئاسة اللبنانية، أمس، إن مصطفى أديب أطلع الرئيس عون على "الصعوبات والمعوقات التي واجهته في عملية تشكيل الحكومة، ثم قدم له كتاب اعتذاره عن عدم تشكيلها". وأضاف بأن الرئيس عون شكر أديب على الجهود التي بذلها، وأبلغه بقبول الاعتذار، مشيرا الى أن الرئيس اللبناني "سيتخذ الإجراءات المناسبة وفقا لمقتضيات الدستور". كما أكد البيان أن مصطفى أديب لم يقدم خلال الزيارات المتتالية التي قام بها إلى قصر بعبدا الرئاسي بعد تكليفه، إلى رئيس البلاد أي تشكيلة حكومية جاهزة أو تصور عن توزيع الحقائب الوزارية، مشيرة إلى أن المعلومات التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام عن رفض الرئيس ميشال عون تسلم تشكيلة حكومية جاهزة قدمها إليه أديب "لا أساس لها من الصحة". وكان أديب أرجع سبب اعتذاره بعدم متابعة مهمته إلى "الصعوبات التي تواجه مسار توزيع الحقائب الوزارية" والتي حالت دون تمكنه من تشكيل حكومة جديدة كان يسعى لأن تضم خبراء ومختصين وأن تكون بعيدة عن التجاذبات السياسية والطائفية التي كثيرا ما أنهكت المشهد العام اللبناني الذي بقي يتخبط في أزمات متلاحقة. وتواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبة كبيرة تتمثل في إصرار كل من حركة أمل وحزب الله على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كلف مصطفى أديب بترأسها وتشكيلها، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء لأديب ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية. وبالمقابل، يصر فرقاء لبنانيون على ضرورة التدوير في تسلم الحقائب الوزارية رافضين أن تكون أي حقيبة حكرا على طائفة معينة أو على مكون سياسي وسط تمسك رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة من اختصاصيين. كما تمسك أديب بمبدأ "المداورة" في الحقائب السيادية والأساسية والخدماتية بين مختلف الطوائف، إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الخبراء المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية ممن يلتزمون بإطلاق مسار اصلاحي يشمل كل جوانب الحياة ويكون طويل الأمد ويلبي طموحات اللبنانيين. وهو ما جعله يلح مباشرة بعد تعيينه على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة في ظرف قياسي والشروع الفوري في تطبيق الاصلاحات بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن فرنسا كانت ربطت تقديم مساعداتها للبنان بتشكيل الحكومة في ظرف أسبوعين فقط. كما أنه أبان عن شجاعة بنزوله بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة إلى أحياء بالعاصمة بيروت تضررت من انفجار المرفأ ليطالب سكانها بمساعدته والعمل سويا لإخراج البلاد من عنق الزجاجة العالقة فيه. وكان الرئيس اللبناني كلف مصطفى أديب في ال31 أوت الماضي بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد أن قدم حسان دياب رئيس الوزراء السابق استقالة حكومته في العاشر من نفس الشهر بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت وخلف 190 قتيلا وأكثر من 6500 جريح.