يعيش الكثير من الأشخاص اليوم، خاصة المعتادين على السفر، نوعا من الحنين لمتعة التنقل واستكشاف العالم، الذي عرفه بعض الخبراء بأنه "ساندروم صحي" له آثار حقيقية على الصحة ونفسية المصاب به، بسبب الغلق التام للحدود منذ شهر مارس الفارط، بسبب أزمة "كوفيد 19"، التي حتمت على العالم اتخاذ إجراءات صارمة في هذا الإطار، لمنع تفشي الوباء والقضاء عليه، الأمر الذي وجه العاملين في السياحة نحو إيجاد بديل لعملهم، من خلال الترويج للسياحة المحلية، لكن هل هذا ممكن في الجزائر، في ظل ما يعانيه القطاع من نقائص؟. توصل العلماء بعد تشريح الأثار السلبية للجائحة، إلى أن الرغبة المستمرة في السفر، التي يعاني منها بعض الأشخاص، هي في الحقيقة "متلازمة واندارلوست"، أو "حب السفر"، أي الرغبة الشديدة في الذهاب إلى وجهات جديدة، والعيش دائما مع حقيبة في متناول اليد. ورغم أننا كنا نشهد بعض الاضطراب بسبب قلة السفر، فاليوم يظهر اضطراب نفسي آخر بسبب انعدام التنقل، فالسفر ليس جسديا فقط بالنسبة لبعض السياح، إذ عادة ما تكون مصحوبة برحلة عاطفية، وعندما تصبح العاطفة قوية جدا، ستغمر السائحين تماما بجمال الأماكن، طيبة الشعب أو بكل بساطة باختلاف عادات وتقاليد تلك المناطق، ويشعر البعض بالسوء، هذا ما يخلق متلازمة المسافر التي تتوافق مع اضطرابات نفسية مؤقتة، يشعر بها بعض الناس عندما يكون الاختلاف بين فكرة رحلتهم والواقع أكبر مما ينبغي أو أقل، يطلق عليها بعض الخبراء "اضطراب نسبة لبلد معين، كاضطراب باريس، أو القدس أو الهند"، لكن في المقابل، يمكن أن تظهر أعراض أخرى، نظرا للحاجة إلى السفر، لاسيما بالنسبة لعشاق المغامر وفضولي الاستكشاف. نظرا للأوضاع الصحية الراهنة في العالم اليوم، وغلق الحدود، حيث لم يعد السفر خيارا متاحا لغالبية سكان العالم، على غرار الجزائر، تبقى السياحة المحلية البديل الوحيد الراهن في هذه الظروف، لكن بأي ثمن؟. في هذا الصدد، قال محمد لعروسي، صاحب وكالة سياحة وسفر "غوليونس" في حديثه ل"المساء"، "إن حقيقة السياحة الصحراوية في هذا الموسم وفي هذه الظروف، تبقى الخيار الوحيد المتاح أمام الفرد، لكن تبقى هناك صعاب تعيق تحقيق ذلك، لاسيما أن الوكالات السياحية في الجزائر تعاني اليوم الكثير من الغموض، بسبب الإجراءات المتخذة في غلق الحدود، جراء الوضع الصحي الصعب الذي تعيشه البلاد، في ظل جائحة "كورونا" والأزمة الاقتصادية، والتي جعلتنا بعد قرار فتح جزئي للخطوط الداخلية، نعول على السياحة الداخلية كبديل للخارج، وحتى للمنافسة. قال محمد لعروسي "إن البديل الوحيد أمام الوكالات السياحية في هذا الموسم، مع تساقط الأمطار والظروف المناخية، تبقى الصحراء الوجهة المحلية الوحيدة التي يمكن اقتراحها للزبون، لكن هذه الوجهة يشوبها أيضا الكثير من الغموض، مما يجعل الكثيرين يتخوفون منها، بسبب توفر أدنى حد من الخدمة للطائرات، الأمر الذي يجعل عروض الوكالات أو ما يعرف ب"الباكيج" يرتفع، بسبب تمدد أيام الإجازة وفقا لتوفر الرحلات، إلى جانب قلة عدد أسرة الفنادق في المناطق الجنوبية"، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن هذا الأمر كان دائما المشكل الأساسي للوكالات عند عملها على هذه الوجهة السياحية، حتى قبل جائحة "كورونا". أشار لعروسي إلى أن وجهة الصحراء "ستكون اليوم الخيار الوحيد أمام الراغبين في تمضية عطلة نهاية الأسبوع، أو الاحتفال برأس السنة الميلادية التي تعتبر عادة بعض الشباب في كسر الروتين بين السنتين، لكن وفق شروط أساسية هذه السنة، أولها احترام تدابير الوقاية"، موضحا أن "الأسعار قد تكون مرتفعة نسبيا إذا ما لم يتم هذه السنة، التفاوض مع وكالات الجنوب بسبب القرارات المفاجئة وغير المنتظرة في غلق وفتح الخطوط الجوية، وإمكانية إعادة الغلق، كما أنه لا يمكن التفاوض مع وكالات بالأساس تعاني الركود في ظل الأزمة، لاسيما أنه الموسم الوحيد الذي يسمح لها بالانتعاش بعد جفاف سياحي على مدار السنة، فالأمر الوحيد الذي يمكن التفاوض في شأنه، هو توفير الأسرة لزبائن الوكالة"، على حد تعبير لعروسي. وعن أسعار الرحلات الجوية، قال صاحب الوكالة، إنها لم تتغير ولا تزال على التسعيرة السابقة، إلا أن وفرة الرحلات لا تزال قليلة، وهذا ما قد يزيد من تكلفة الرحلة عند تمديدها وفق لما هو متوفر، فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار، أسعار الفندق بسبب التمديد، وهذا ما سيجعل مثلا، وجهة تمنراست بين 50 و60 ألف دينار للشخص الواحد، أما بشار مثلا، فستتراوح أسعار عروض الوكالات بين 32 و 36 ألف دينار للشخص الواحد، وتيميمون ب 50 ألف دينار باحتساب تكاليف الرحلة بالطائرة لمدة تتراوح بين 3 و4 أيام فقط، ليبقى السفر برا للوجهات القريبة خيارا متاحا أمام أصحاب الميزانية الضيقة.