مدّ الرئيس التونسي قيس سعيد يده لأطراف السلطة في بلاده لحوار جاد من شأنه إخراج البلاد من عنق الزجاجة العالقة فيه في ظل اشتداد القبضة بينه وبين رئيس حكومته، هشام المشيشي على خلفية رفضه لعدد من وزراء الحكومة الجديدة المشكلة منذ شهر جانفي الماضي. وأكد الرئيس التونسي "استعداده احتضان كل مبادرة حوار، شريطة أن لا يكون شبيها بالحوارات التي سبق وأن عرفتها تونس وأن لا يشارك فيه إلا من كان مؤمنا باستحقاقات الشعب الاقتصادية والاجتماعية ومطالبه السياسية". وعبر الرئيس قيس سعيد عن موقفه خلال لقائه مع أمين عام حركة الشعب، زهير المغزاوي، وأمين عام التيار الديمقراطي، غازي الشواشي اللذين تناول معهما جملة "الحلول والتصوّرات لحوار جديد يقوم على أساس تحقيق المطالب الشباب التونسي. كما تم التأكيد على "إمكانية إيجاد صيغ جديدة تتيح للشباب من كل أرجاء تونس المشاركة في هذا الحوار حتى يكون عنصرا فاعلا فيه وقوة دفع واقتراح". وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية خانقة على خلفية التعديل الوزاري الذي أجراه هشام المشيشي على حكومته بداية العام والذي أبدى الرئيس قيس سعيد تحفظات بخصوص وزراء معينين ولم يسمح لهم بأداء اليمين الدستورية رغم حصولهم على ثقة البرلمان ضمن قبضة أثارت ردود فعل حزبية بين مؤيدة للحكومة وأخرى معارضة لها وسط دعوات للحوار لاحتواء الأزمة. ويأتي رفض الرئيس التونسي إعطاء الضوء الأخضر للوزراء الجدد مباشرة مهامهم لاعتبارات تتعلق ب"شبهات فساد وتضارب المصالح". ولكن المشيشي تمسّك بوزرائه وجدّد التأكيد خلال اجتماع استشاري عقده مؤخرا مع خبراء القانون الدستوري على أن التعديل الوزاري الذي أدخله على حكومته، شهر جانفي الماضي تم "وفقا لما يخوله الدستور من صلاحيات" وأن "غياب المحكمة الدستورية ساهم في بروز هذه الأزمة". ولم يتحفظ الرئيس سعيد فقط على بعض الوزراء المقترحين وإنما أصبح يطالب باستقالة المشيشي من منصبه لبدء حوار وطني كان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد قد دعا إليه في بداية شهر ديسمبر الماضي "لإنقاذ تونس من أزمتها، وإخراجها من الوضعية التي آلت إليها". وأكد نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد في حديث نشرته صحيفة "الصباح" التونسية على عمق الأزمة السياسية التي تمر بها بلاده محمّلا في ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان مسؤولية مباشرة في ذلك داعيا إياهم "للعمل من أجل بعث رسائل إيجابية حول ترسيخ الاستقرار السياسي" والتكفل بمشاكل عامة الشعب التونسي في ظل وضع اقتصادي ما انفك يزداد تعقيدا وعجزت كل الحكومات التونسية على احتوائه.