تمكنت ليبيا أخيرا وبعد مخاض عسير بعد حصول الحكومة الانتقالية برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، أمس، على ثقة مجلس النواب من طي صفحة ازدواجية السلطة التي أثقلت كاهل الليبيين طيلة سنوات وشكلت معضلة زادت في أمد صراع دام جاء على الأخضر واليابس في هذا البلد الباحث عن أمنه واستقراره. ومنح مجلس النواب الليبي المنعقد منذ الاثنين الماضي بمدينة سيرت ثقته لحكومة الدبيبة بعد أن صوّت 121 نائب من أصل 132 نائب الذين حضروا جلسات التصويت أصواتهم لها، بعد يومين من مناقشات حادة حول تشكيلة الحكومة الانتقالية ومسألة توزيع الحقائب الوزارية حسب المناطق الجغرافية ومخطط عملها. وينتظر أن تؤدي الحكومة الانتقالية اليمين الدستورية الاثنين القادم بمدينة بنغازي ثاني اكبر مدن البلاد والتي شكلت معقل "الثورة" التي أطاحت عام 2011 بنظام الراحل معمر القدافي. وتضم الحكومة الليبية الموحدة نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة وأهم ما يميزها تولي سيدتين وزراتي الخارجية والعدل في سابقة هي الأولى من نوعها في ليبيا. ورغم أن الدبيبة كانت أمامه مهلة إلى غاية 19 مارس الجاري للحصول على ثقة البرلمان، إلا أن تمكنه من الحصول على هذه الثقة أمس يعد خطوة عملاقة أخرى على مسار احتواء المعضلة الليبية التي استعصى حلها طيلة عقد كامل من الزمن. ووعد الدبيبة في أول تصريح بعد حصوله على ثقة البرلمان، بأن يكون طاقمه الوزاري "حكومة كل الليبيين" بقناعة أن "ليبيا واحدة وموحدة". وكان الوزير الأول الليبي الجديد، دعا قبل انطلاق جلسات التصويت إلى "عدم عرقلة المسار الانتخابي الذي أوصت به مخرجات مفاوضات جنيف وحرمان الشعب الليبي من الوصول إلى انتخابات حقيقية ونزيهة وتمكين الحكومة من مباشرة مهامها فورا". كما أكد أن "الأمة الليبية ما زالت بحاجة إلى نوابها لأن الكثير من الاستحقاقات لا زالت تنتظرهم بداية من إقرار الموازنة الموحدة وقانون الاستفتاء وصولا إلى قانون فعّال للحكم المحلي ومن ثم الانتخابات". وأوضح رئيس حكومة الوحدة الوطنية أنه "يحتاج إلى صبر النواب قليلا في هذه الشهور الضيقة"، داعيا إياهم إلى "الاجتماع في أي مكان في ليبيا، سبها وطرابلس ومصراتة والكفرة" والمهم خدمة الصالح العام الليبي معتبرا "التصويت على حكومته بمثابة تأكيد على أن قلب الليبيين واحدة وإن اختلفت ألسنتهم. وتقدم الدبيبة بالشكر لحكومة الوفاق الوطني لعملها في "الظروف الصعبة" في نفس الوقت الذي نوّه فيه بمساهمة "بعثة الأممالمتحدة وأعضاء لجنة الحوار السياسي والدول في استضافة جلسات الحوار وكذلك الدول الشقيقة والصديقة والجارة التي دعمت المسار إلى أن توج باجتماع النواب في سرت". وحيّا رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح هذا "اليوم التاريخي" وذكر بأن مهام حكومة الدبيبة ومسؤوليتها تنتهي في 24 ديسمبر القادم الموعد المقرر لتنظيم الانتخابات العامة في اطار مسار السلام الذي رسمته الأممالمتحدة لاحتواء الأزمة الليبية. وسارعت حكومة الوفاق الوطني المنتهية عهدتها بقيادة فايز السراج لتهنئة حكومة الدبيبة على حصولها على ثقة البرلمان لمباشرة مهامها واعربت عن استعدادها التام لتسليم المهام للحكومة الانتقالية بكل سلاسة وفي إطار احترام مبدأ التداول على السلطة. ووصفت الأممالمتحدة التي رعت مسار التسوية الذي نجم عنه انتخاب السلطة التنفيذية الموحدة في ليبيا بداية فيفري الماضي في جنيف السويسرية، جلسة منح الثقة بأنها "تاريخية" ومرحلة هامة لتوحيد البلاد. كما رحبت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا بمنح الثقة لحكومة الدبيبة والتي أجمعت على أن يوم أمس كان تاريخيا بالنسبة لليبيين بمنح الثقة لحكومة انتقالية تمثلهم وتنهي إشكالية ازدواجية السلطة التي أثقلت كاهلهم لسنوات طوال.