جدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس في رسالة وجهها للشعب مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات العهد بمواصلة مسيرة البناء والمشاريع التي تمت مباشرتها قبل عشر سنوات في العديد من المجالات واعتبر الثقة التي وضعها الشعب في شخصه مرة أخرى "حصنا" للاستمرار في نفس النهج لبلوغ جميع الأهداف المسطرة. وقال الرئيس بوتفليقة : "إني على العهد باق وما بدلت تبديلا". وأكد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية لم تكن مفاجأة كما يشير إلى ذلك البعض ولكن جاءت تعبيرا عن شعور بالمسؤولية بضرورة مواجهة التحديات المستقبلية، وجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار بغرض مجابهة كل العوائق والمخاطر التي تحدق بالبلاد. وفي ما يلي نص التصريح الأولي الذي أدلى به رئيس الجمهورية أمس : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين بنات وأبناء وطني الأعزاء اليوم توجت الجزائر مسيرتها الانتخابية بعرس بهيج صنعه شعبها العظيم حيث تفوقت الجماهير في هذا العرس وتألقت بحماسها وحرصها وتجندها واهتمامها المنقطع النظير بمستقبلها من أجل تشييد صرح مصيرها المنشود كأمة عظيمة تميزت عبر التاريخ برفع التحديات وبإتقان إدارة المصاعب وتجاوز المحن وتحقيق الانتصارات. لقد عاشت الجزائر من أدناها إلى أقصاها جوا شعبيا سمته التنافس الشريف والحماس البريء ترجمت فيه أصوات المواطنين مشاعر الصدق والوفاء لنصرة الوطن وقيادة مصيرهم بأنفسهم وفرض خياراتهم عن وعي وعن مسؤولية. وما يثلج القلب ويطمئن النفس ذلك السلوك الحضاري الرفيع الذي تعاملت به جماهيرنا مع الآراء والأفكار في التجمعات واللقاءات والمنابر والمنتديات. لقد كان بحق درسا بليغا أثرى المشهد الديمقراطي في بلادنا وعمق في نفوسنا جميعا الأمل والثقة في مستقبل واعد طافح بالنجاحات والامتياز إن شاء الله. وما ذلك بعزيز على شعبنا وما ذلك بجديد عليه ويخطئ من يعتقد خلاف ذلك إذ قلما عاش شعب تاريخه وتفاعل معه وصاغه من آلامه وآماله وطموحاته مثل شعبنا فحري ببناته وأبنائه حري بشبابه وكهوله أن يعتزوا به وأن يفخروا. إن وطنا بمثل هذه الشمائل بمثل هذه الفضائل بمثل هذه العظمة جدير بالتقدير جدير بالتضحية وبهذا استحق أن يكون أمانة في قلوب أبنائه ووديعة يذودون عنها بالنفس والنفيس. بنات وأبناء وطني الأعزاء لقد ظل ميعاد هذا اليوم طيلة الحملة الانتخابية يشدني إليكم ويوثق أواصر المحبة والاعتزاز بكم إلى أن أشرقت شمسه مسفرة عن هذه النتيجة التي هي تعبير صادق عن تعلقكم بوطنكم وعن إرادتكم الحرة في اختيار رئيس دولتكم. وإني أزجي لكم جزيل الشكر وأجمله وأسماه على هذه الثقة الغالية التي منحتموني إياها وعلى وعيكم لما ينتظرنا جميعا في المرحلة القادمة وعلى تفهمكم لما بينته وأردته للشعب من أجل تخطي الصعاب وإحلال الأمن والاستقرار بتفعيل الإدارة وبسط الرخاء بجلب الاستثمار ورفع مقدرات إنتاجنا الوطني بامتصاص البطالة والتصدي لكل الآفات الاجتماعية وغيرها من أجل رفع مستوى المعيشة والحفاظ على مكتسباتنا ودفع عجلة النمو والرقي واستكمال البرامج والمشاريع التي عرضت عليكم ما تم إنجازه منها طيلة العشرية مبينا الحصيلة بالأرقام والقرائن وهي متجلية للعيان مع وضع الخطوط العريضة لبرنامجي في المستقبل مدللا ومبرهنا على ما يليق ببلدي في اقتفاء السبل الناجعة لترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بنات وأبناء وطني الأعزاء إن هذا اليوم لهو بحق عرس للديمقراطية، للتنافس الشريف والحوار المثمر والمصارحة الصادقة جلاه شعبنا بالوعي والمسؤولية والحماس والتعلق بمستقبله فالنضج السياسي الذي ساد خلال هذا الاستحقاق الوطني مؤشر واعد يجعلنا في مأمن متحصنين بديمقراطية نابعة من قيمنا ومن غيرتنا على وطننا وعلى مستقبل أبنائنا وأجد نفسي أكثر اغتباطا لما أولاه شعبنا من الاهتمام لهذا الاستحقاق الوطني الذي تألق فيه أيما تألق من خلال تزاحمه عبر كل ربوع الوطن على صناديق الاقتراع مدليا برأيه بكل حرية وسيادة. ولئن تفاجأ البعض بهذا الوعي فإنني كنت على يقين من أن الشعب الجزائري له من الشعور بالمسؤولية ومن النضج والوعي ما يؤهله لأن يواجه جميع التحديات فيرجح دائما المصلحة الوطنية على ما سواها وما ذلك إلا لحس سياسي راق لديه وإدراك عميق للمخاطر ووعي للمسؤولية. أدعو الله أن يحل عقدة من لساني كي أستطيع أن أعبر عما أشعر به من المحبة والعرفان والامتنان لشعبنا على الثقة الدائمة والإخلاص المتواصل الذي حظيت به على الدوام من قبل بنات وأبناء وطني المفدى وعلى كرمهم في اختياري لأخوض معهم معركة المستقبل كما خضت معهم معركة السنوات الماضية. إني على العهد باق وما بدلت تبديلا سأسير معكم وبكم بإذن الله نحو أهدافنا المنشودة وخياراتنا الاستراتيجية تحصنني ثقتكم وتدفعني رغبتكم إلى تحقيق ما وعدتكم به من مشاريع وبرامج تجعل من الجزائر بلدا قويا موحدا منيع الجانب ومهيبا لدى كل شعوب العالم. كما أجدد عرفاني وتقديري لكل من ساندني وآزرني مواطنين وأحزابا، هيئات ومنظمات وطنية كانت أومحلية وكافة مكونات المجتمع المدني خارج الوطن وداخله من منشطي الحملة الانتخابية وداعميها ماديا ومعنويا وكل اللائي والذين عملوا بكل نزاهة من أعوان إدارة والجيش الوطني الشعبي وأجهزة أمنية على مختلف أسلاكها التي سهرت على سلامة المواطنين وممتلكاتهم ورعت السير الحسن للحملة الانتخابية ولعملية الاقتراع التي اتسمت بالشفافية والحياد والنزاهة والضمير الخلقي في أداء الواجب الوطني المقدس. ولا يفوتني أن أتوجه إلى المترشحين معي للانتخاب الرئاسي لأعرب لهم عن بالغ احترامي وتقديري. فقد نزلوا إلى الحلبة متسلحين بقناعاتهم الديمقراطية وتراشقوا بالأفكار والمقترحات وأبلوا البلاء الحسن في حرصهم اليقظ على احترام مبدأ الإنصاف. وهم بذلك أرسوا التعددية السياسية وأعطوها معناها وأدلوا كل فيما يخصه بدلوهم في تعزيز الديمقراطية. بنات وأبناء وطني الأعزاء أهيب بكم مرة أخرى بعد أن حققنا هذا الإنجاز معا لأن نخوص مستقبل كل الجزائريات والجزائريين بنفس العزيمة والإقدام والله من وراء القصد وهنيئا لكم ولنا جميعا، وبالله التوفيق.