عرفت الجزائر العاصمة في السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية، عمرانية وديموغرافية هامة جعلت طرقاتها لا تستجيب لهذه المعطيات الجديدة، فبالرغم من الالتزام بإنجاز مشاريع كبرى مهيكلة وأنفاق وجسور ومحولات وطرقات اجتنابية، إلا أن ذلك لم ولن يسمح بفك الخناق عن العاصمة في غياب التنسيق بين كامل القطاعات المعنية، إذ غالبا ما تصطدم مشاريع منشآت الأشغال العمومية بمشكل فوضى التعمير والسكنات التي تقع في طريق المشروع· وبهدف فك الخناق عن العاصمة والقضاء على النقاط السوداء في حركة المرور، شرعت وزارة الأشغال العمومية منذ نهاية التسعينات في عمليات تهيئة وجملة من المشاريع البعض منها استلم والأخرى قيد الإنجاز وينتظر استلامها قريبا، فيما تم أيضا تسطير عمليات أخرى على المدى البعيد والتخطيط لها جاري· ومن بين أهم المشاريع التي استلمت في سنة 2007 يذكر مدير الطرق بوزارة الأشغال العمومية السيد حسين نسيب في تصريح ل "المساء" محول حي الموز، تهيئة مفترق الطرق نادي الصنوبر ومفترق الطرق بوشاوي، وصل شارع جيش التحرير بشارع فرنان حنفي، استكمال أشغال محول طريق على مستوى مدخل برج الكيفان وإنجاز طريق اجتنابي بمدينة عين طاية، وقد بلغت قيمة الغلاف المالي الذي رصد لإنجاز هذه المشاريع قرابة 2.5 مليون دينار جزائري· أما المشاريع التي يتوقع استلامها في بداية سنة 2008 والتي رصد لها غلاف مالي إجمالي تقدر قيمته بأكثر من 3.6 مليون دينار جزائري ومنها مفترق الطرق عين الله، حيث سيتم استلام جزء من المشروع الذي يتمثل في النفق الرابط بين بني مسوس والعاشور، إضافة إلى تسليم الفرع الأول لمشروع الطريق المزدوج للطريق الوطني رقم 24، تهيئة مفترق الطريق لاكونكورد، الشطر الأول من مشروع ربط قاريدي بالطريق السريع الجانبي للجزائر العاصمة، استكمال محول الطريق لبرج الكيفان وكذا إنجاز محول يربط بين الطريق الوطني رقم 8 والطريق السريع الجانبي· من جهة أخرى، كشف السيد نسيب عن إطلاق 17 مشروعا آخر في سنة 2008 رصدت لها 5 ملايين دينار جزائري، ومن بين هذه المشاريع برنامج إنجاز أنفاق بشاتوناف، بني مسوس، بئر مراد رايس، العناصر، فرنان حنفي، باب الزوار (الطريق الوطني رقم 5)، إلى جانب إنجاز طريق مزدوج يربط بين الدرارية وبابا أحسن، استكمال محول الطريق الوطني رقم 05، تهيئة الطريق الوطني رقم 24 الرابط بين برج الكيفان وبرج البحري، تمديد طريق حي جيلالي اليابس وتهيئة مفترق طريق قاريدي 2، إضافة إلى مشاريع توسيع وتهيئة طرقات أخرى على مستوى مختلف بلديات العاصمة· ومن بين أهم المنشآت المهيكلة التي ينتظر استلامها في سنة 2008 نذكر مواصلة أشغال الطريق السريع الجانبي الثاني للجزائر العاصمة والذي من المقرر تسليمه شهر جويلية 2008، وسيربط هذا المحور الذي يمتد على مسار طوله 70 كلم مدينة زرالدة غرب الجزائر العاصمة بمدينة بودواو الواقعة شرق العاصمة· وموازاة مع أعمال التهيئة الأخرى المقررة أوالجاري انجازها قبل نهاية سنة 2009 سيسمح الطريق السريع الجانبي الجديد للجزائر العاصمة بإعادة انتشار حركة المرور وإعادة التوزان في شبكة الطرقات في قلب العاصمة وفي محيطها، وبمجرد استكمالها ستساهم هذه المشاريع المهيكلة للعاصمة وبشكل معتبر في التخفيف من الازدحام على مستوى شبكة الطرقات وتحسين ظروف التنقل على مستوى الجزائر العاصمة ومحيطها، خصوصا باستكمال أشغال تهيئة الطريق الوطني رقم 36 الرابط بين عين البنيان وتسالة المرجة والذي يقطع تجمعات سكنية هامة، وكذا الشطر الثاني للطريق الوطني رقم 24، كما يتوقع أيضا إنجاز جسر بواد أوشايح يمتد على مسافة 900 متر ويسمح بوصل الطريق السريع الشرقي بالطريق السريع الجانبي· مليون سيارة بطرقات العاصمة وبالموازاة مع التحولات الاقتصادية والتغييرات العمرانية والديموغرافية التي شهدتها العاصمة في السنوات الأخيرة، تبقى جل المشاريع والعمليات المذكورة، المنجزة والمسطرة منها، غير كافية لفك الخناق عن العاصمة، وذلك بتأكيد السيد نسيب، خصوصا عندما نعلم بأن الطاقة النظرية لاستيعاب طرقات العاصمة لا تتعدى 250 ألف سيارة فقط في حين أن العدد الفعلي للسيارات التي تقصدها والمرقمة برقم 16 بلغ مليون سيارة منها 28 ألف شاحنة و168 ألف شاحنة خاصة بتوزيع مختلف المواد للمحلات التجارية ونقل أغراض أخرى، علما بأن الميناء لوحده فقط يشهد يوميا دخول وخروج 2700 شاحنة من النوع الكبير الحاملة للحاويات، هذا إلى جانب مشكل فوضى العمران و استنزاف الأراضي، فالأحياء والتجمعات السكنية التي برزت في السنوات الأخيرة لم تحترم فيها المقاييس العمرانية، كما أن مكونات البرامج المتعلقة بتطوير السكن والمدن والجامعات والأقطاب الاقتصادية الجديدة غير مقترنة مع مكونات قطاع الأشغال العمومية على حد تأكيد العارفين في المجال، الشيء الذي أفرز تهيئة عمرانية غير عقلانية وغير متوازنة وغير متساوية وليست كفيلة بإحداث تقدم اجتماعي واقتصادي· وفي هذا الشأن ألح السيد نسيب على ضرورة العمل بالتنسيق مع القطاعات الأخرى، لاسيما المصالح المكلفة بالعمران والتهيئة العمرانية، النقل وكذا الهيئات المكلفة بتنظيم حركة المرور، وشدد محدثنا على أن المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يبقى العامل الرئيسي الذي يسمح بتنسيق العمل، مشيرا في ذات السياق إلى أن مشاريع منشآت الأشغال العمومية غالبا ما تصطدم مع فوضى التهيئة العمرانية، مثلما هو الشأن للطريق الذي يربط الطريق الشرقي للعاصمة بالطريق السريع الجانبي والذي لم يستكمل بسبب بروز مئات الفيلات في محوره في السنوات الأخيرة على مستوى بئر الخادم، علما بأن المشروع مسطر منذ سنة 1980 ولم ينجز بسبب غياب التمويل آنذاك.