مرّة أخرى، بعد رئاسيات 12 ديسمبر 2019، واستفتاء "عيد الثورة" (1 نوفمبر 2020)، اقترب مجدّدا قطار التغيير والإصلاحات والتطوير من محطة 12 جوان 2021، لانتخاب برلمان تمثيلي وشرعي يساهم من خلاله نواب الشعب في الاستجابة لمطالب الشعب وتحقيق أحلامه المقتبسة من حلم الشهداء الأبرار. هي ثلاثة محطات أساسية ورئيسية ومفصلية في التأريخ لمسعى بناء الجزائر الجديدة، وإعادة كلمة الفصل للصندوق بتكريس واحترام الإرادة الشعبية، بعد سنوات من اختطافها وسرقتها بالتزوير والنّهب والفساد و"الحقرة" والتهميش والإقصاء والتمييز والمفاضلة والرداءة وتكسير الدولة بسوء التسيير و"التعنتير" والتخريب والتيئيس! لا حرج في النّقد البنّاء والانتقاد الهادف والسلمي، لكن أن تجنح "الكمشة" (المتعوّدة دايما) إلى أسلوب التهييج والتهريج والتحريض ومحاولة نشر الفتنة والأحقاد والضغائن والكراهية، بحجة "رفض" الانتخابات أو "الحقّ" في مقاطعتها، فهذا إن دلّ فإنّما يدلّ على فيروس قاتل يسكن هذه الطينة السياسية وغير السياسية التي تريد أن تمارس الوصاية والأبوية على الأغلبية الساحقة والمطلقة، وتسيّرها بواسطة "تيليكوموند" على المقاس! لا يُمكن بأيّ حال من الأحوال، تسيير الأغلبية عن بُعد، وحسب الأهواء وأحلام اليقظة التي أثبتت التجارب أنها تتحوّل في كلّ مرّة إلى كوابيس مزعجة تقظّ مضاجع "الخلاطين" والمحرّضين والميئّسين والمثبّطين للعزائم والهمم، والمشوّشة على رغبة الخيّرين في الانتقال السلس والهادئ من الحسن إلى الأحسن ودائما نحو برّ الأمان. مصيبة هذا "الرهط" السياسي الأبله، أنه لا يحفظ الدروس أو أنه لا يحفظ إلاّ عيّنة قليلة من الدروس "السهلة" والمختصرة التي تخدمه، متجاهلا بأن أسئلة الاختبارات تكون من كامل المقرّر الدراسي، وأنها ليست من صنعه ولا من مهامه، وأن الغشّ ممنوع والتسريب مستحيل، وأن عملية التصحيح أيضا وملء كشوف النقاط يبقى دورا حصريا وإلى الأبد، للشعب وحده ودون سواه يختار من يريد لتمثيله، وينتخب من يشاء للدفاع عنه وتحقيق طموحه. نعم، "من جدّ وجد، ومن زرع حصد"..لا مكان للتزوير..لا مكان ل "الشكارة"..لا مكان للتدليس وقلب الصناديق..لا مكان ل "الكوطة"..لا صوت يعلو فوق صوت "فخامة" الشعب، والكلمة في النهاية للصندوق الذي سيردّ الاعتبار للإرادة الشعبية التي تعرّضت طوال سنوات طويلة إلى التنكيل والإهانة والإساءة والعبث، ولذلك على هؤلاء وأولئك من المتنافسين والمتسابقين أن "يُخرجوا شجعانهم" والنّصر طبعا سيكون للأقوياء والشرفاء والنّزهاء حتما مقضيا. ستنتهي "المعركة" الانتخابية ولا جدوى أن يتكاثر "الأبطال" بعدها، لأن البطل الوحيد بعد 12 جوان، هو الشعب الجزائري السيّد الذي انتخب لأول مرّة رئيس جمهوريته، بكل حرية وشفافية، وشارك في استفتاء الدستور، وسيختار نوابه كذلك بكلّ ثقة وأمل من أجل استكمال الباقي المتبقي من مسيرة التغيير والإصلاحات، نحو جزائر جديدة قوية ومؤثرة وصلبة وموحّدة وحرّة. لن ينفع اللعب والتلاعب والألاعيب، فكلمة الفصل للصندوق وبعدها لا ينفع النّدم ولا هم يحزنون، طالما أن "الفئة الضالة" التي اختارت طريق الفوضى والفتنة والبلبلة و"التخلاط"، سيحكم عليها التاريخ، وستكون في زاوية حادّة لا يمكنها الهروب من لعنة ستلاحقها إلى أبد الآبدين.