حدد الوزير الأول الانتقالي المالي الجديد، شوغويلا موكلا مايغا، أمس، خارطة عمل حكومته التي تتضمن مهام ثقيلة للإيفاء بالتزامات المرحلة الانتقالية التي تنتهي شهر فيفري 2022 الذي حدد موعدا لانتخاب سلطة مدنية. وأقر مايغا، خلال إجتماعه الأول، مع أعضاء طاقمه الوزاري الذي احتفظ فيه الجيش بسيطرة على حقائب وزارات السيادة، بخطورة الوضع في بلاده والذي وصفه بأنه "أهم فترة في تاريخنا المعاصر". وأضاف "لقد دخلنا في سباق حقيقي ضد الساعة فالماليين يتابعوننا ويعتمدون على نجاح هذا الانتقال الذي يبدو بالنسبة للعديد منهم أنه الفرصة الأخيرة لإنقاذ الأمة". وحدد مايغا أولويات حكومته من "تحسين للوضع الأمني إلى إتمام الإصلاحات السياسية والمؤسساتية وصولا إلى تنظيم انتخابات ذات مصداقية" مع مراعاة المطالب الاجتماعية، متعهدا بتوفير الظروف لإصلاح قانون الانتخابات ومواصلة مراجعة الدستور ومكافحة الفساد واطلاق متابعات قضائية حقيقية ضد مسؤولي احداث جويلية 2020 التي شهدت سقوط العديد من القتلى خلال المظاهرات الاحتجاجية التي قادت إلى انقلاب 18 أوت 2020 الذي أطاح بنظام الرئيس أبو بكر إبراهيم كايتا. كما تحدث عن سعيه لإعادة "قراءة ذكية" لاتفاق السلام الموقع عام 2015 من خلال تأكيده على أنه سيتم احترام "المبادئ الأساسية" لهذا الاتفاق المهم سياسيا في شكل تعهد واضح تم تقديمه إلى الموقعين ولكن أيضا لشركاء مالي الأجانب. والمفارقة أن كل هذه التحديات التي تضمنتها خارطة طريق الحكومة الانتقالية وبقدر ثقلها بقدر ما تفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى امكانية مواجهتها وإيفاء مايغا بتعهداته في احتواء وضع متأزم في مالي على جميع الجبهات في ظرف زمني وجيز مرتبط بمستلزمات مرحلة انتقالية محددة زمنيا تحت ضغط مجموعة دولية متمسكة بضرورة اعادة السلطة للمدنيين في الآجال المحددة. وتطرح هذه التساؤلات خاصة وأن أول اجتماع لرئيس الحكومة المالية، جاء غداة اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إنهاء عملية "برخان" التي استمر نشاطها في الساحل الافريقي ثمان سنوات كاملة دون تحقيق أهدافها المسطرة في مكافحة الارهاب. وكان القرار الفرنسي متوقعا لكن إصداره في هذا التوقيت بتحديد بعد أسابيع قليلة من ثان انقلاب عسكري في باماكو كشف عن العبء الذي أثقل كاهل باريس في مستنقع الساحل وجعلها ترفع الراية البيضاء تاركة الجيش المالي في مواجهة تنامي متصاعد لأنشطة الجماعات المسلحة التي أصبحت تتخذ من جنوب ووسط مالي معقلا لها بعدما كان شمال مالي الاكثر تضررا منها. والى غاية أمس، لم يصدر لا الرئيس المالي الانتقالي أصيمي غويتا ولا وزيره الأول أية ردة فعل علنية بشان الاعلان الفرنسي بإنهاء مهام قوة "برخان" التي تنشط في العديد من بلدان الساحل وشكلت محل جدل واسع بسبب نشاطاتها "المقلقة" في نظر أهالي المنطقة إثر قيامها ب"العديد من الاخطاء" التي تسببت في مقتل المئات من المدنيين الماليين. وكان من أبرزها عملية عسكرية نفذتها في جانفي الماضي، ببلدة " بونتي" وسط مالي خلّفت 19 قتيلا مدنيا ووصفت ب"الأكثر دموية". وبينما يرى السكان المحليون أن القوات الفرنسية ساهمت في تفاقم الوضع الأمني المتردي واستغلال موارد المنطقة، اكد مراقبون أن تكبد قوات "برخان" لمكافحة الارهاب في المنطقة الساحل لخسائر بشرية ولوجستية فادحة منذ عام 2014، دفع باريس إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها في المنطقة. وتعوّل فرنسا كثيرا على نشر وحدات النخبة الأوروبية ضمن قوة "تاكوبا" الجديدة التي أنشئت بمبادرة فرنسية لتقاسم أعباء "الحرب على الإرهاب" في منطقة الساحل التي خسرت فيها باريس منذ بداية العملية العسكرية هناك 57 جنديا.