❊ الخبراء: الدولة اعتمدت حلولا استباقية لتفادي الأسوأ أصبح أمر إعادة تفعيل الإجراءات الوقائية لمكافحة انتشار وباء "كوفيد 19" حتمية لا مناص منها، على خلفية الارتفاع المتواصل لأعداد الإصابات بهذا الفيروس القاتل، بسبب التراخي والاستهتار المسجل لدى غالبية المواطنين، رغم حملات التحسيس والتحذير من طرف المختصين. وهو استهتار مازال متواصلا رغم أن خبراء الصحة ما انفكوا يؤكدون على الخطر الأكبر للموجة الثالثة لتفشي الوباء، كونها تحمل فيروسات متحورة أشد فتكا وأكثر قدرة على الانتشار، تحتم الصرامة في تطبيق القواعد الوقائية وتسريع التلقيح، للوصول إلى المناعة الجماعية، قبل تعود الوضعية الصحية إلى نقطة الصفر. ورغم أن الخبراء دقوا ناقوس الخطر منذ أسابيع، وحذروا المواطنين من تبعات تصرفاتهم اللامسؤولة، وطالبوا بضرورة الالتزام بالقواعد الوقائية الأساسية، من ارتداء للكمامات والتزام التباعد الجسدي واستعمال المطهرات، لمنع تفشي السلالات المتحورة، إلا أن ذلك لم يجد نفعا، ما جعل خيار فرض إجراءات مشددة أمرا حتميا وخاصة في الأماكن العمومية من أسواق مغلقة ومحلات تجارية ومختلف وسائل النقل العمومي وكذا فضاءات الاستجمام. وقد تقرر، بعد اجتماع رئيس الجمهورية، أول أمس، مع ممثلي اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي فيروس كورونا، العودة إلى إعادة تفعيل الإجراءات الوقائية المتخذة، منذ بداية تفشي الوباء، مع تسريع وتيرة التلقيح، باعتبارها الحل الوحيد للقضاء على الوباء، مع الاستغلال الأمثل لعدد الأسرة المخصصة لمرضي "كوفيد-19" ورفع طاقة استيعابها الحالية من 7% إلى 15% خاصة في المدن الكبرى مثل الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة. وللتحكم في الوضعية الوبائية، كلف رئيس الجمهورية وزيري الداخلية والجماعات المحلية والنقل، بأخذ إجراءات احترازية، بالاستعانة بالمستشفيات الجوارية واستغلال، المستشفى الباخرة في المدن الساحلية، في حالة الضرورة، مع التنبيه إلى أن الحالة الوبائية المتحكم فيها إلى غاية اليوم تقتضي المزيد من اليقظة والحذر. تشديد الإجراءات أفضل من توقيف النشاطات.. ويتفق أغلب المواطنين حول ضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية، للحيلولة دون اتساع دائرة العدوى، وهو أفضل -حسبهم- من تعليق معظم النشاطات التجارية والخدماتية، مثلما تم في بداية الأزمة الوبائية، حيث يعتقد عديد المواطنين، الذين حاورتهم "المساء" عما إذا كانوا سيتقبلون فرض ارتداء الكمامات وتوسيع ساعات الحجر الصحي، مثلما كان عليه الحال في بداية الأزمة، فجاءت معظم إجاباتهم غير مرحبة بذلك، على أساس أن العالم تجاوز هذه الإجراءات، ولجأ إلى تطبيق إجراءات أخرى، منها تعميم التلقيح. وقال "أحمد. س" تاجر ملابس جاهزة ببئر خادم، أنه لن يتصوّر أن يفرض عليه غلق محله، ليدخل من جديد في بطالة قاتلة، مؤكدا أنه يقبل بتلك الإجراءات السابقة المشددة، ولا يقبل بتاتا تعليق نشاطه، وهو الرأي الذي يشاطره فيه تاجر آخر بالجوار، قال، إن التجار بطبيعتهم يختارون الحل الأنجع، الذي يضمن لهم استمرار نشاطهم، مهما كانت الإجراءات الوقائية المشددة، كونهم خضعوا لمثلها من قبل، وأثبتوا التزامهم بها، رغم وجود بعض المستهترين، الذين طالتهم العقوبات الإدارية والمالية. أما "عامر. ل" صاحب مقهى بجسر قسنطينة، فأكد من جهته أنه يفضل العودة إلى فرض قوانين صارمة للحيلولة دون انتشار الفيروس، مشيرا إلى أن من المتسوّقين كانوا مضطرين، عند دخول المتاجر، خلال فترة التشديد الأولى، إلى استعمال الكمامات، لقضاء حاجياتهم المختلفة، وكان غير المرتدين للكمامات يمنعون من دخول المحلات من طرف التجار، الذين يخشون بدورهم "سيف التغريم والغلق". وبرأي محدثنا فإن تشديد الإجراءات أفضل من غلق المحلات، وفرض العقوبات أحسن وأجدى من توسيع وقت الحجر الصحي، إذا ازدادت الأمور الوبائية سوءا وتعقيدا. الحل في الوقاية والتلقيح ويؤكد الخبراء في علم الفيروسات والأوبئة أن الموجة الثالثة لجائحة "كوفيد 19" ستكون أخطر وأشد وقعا من سابقتيها، لكونها تضم عدة سلالات من الفيروس المتحور، الذي يتميز بسرعة انتشاره وصعوبة التحكم فيه، بالإضافة إلى صعوبة اكتشافها. وقال الدكتور بوجمعة آيت أوراس، رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة لولاية الجزائر إنه لمواجهة الموجة الثالثة لابد من تشديد الرقابة وردع كل المخالفين، الذين يلعبون بأرواحهم وأرواح غيرهم، مشيرا إلى أنه استغرب عدم التزام المواطنين في الأسواق والأماكن العمومية، لاسيما المغلقة منها، بارتداء الكمامات، وكأن الفيروس أصبح في حكم الماضي. أما الدكتور محمد ملهاق الباحث في علم الفيروسات، فقد أوضح ل"المساء" أن الدولة قامت بعملية استباقية للحيلولة دون خروج الأمور الصحية عن السيطرة، مثلما هو الحال في الدول الأخرى، مؤكدا أن قدرة الاستيعاب في المستشفيات وتوسيع عملية التلقيح وتشديد الإجراءات الوقائية من شأنها محاصرة الوباء. أما بخصوص أنواع اللقاحات فقد أكد المختص أنه لا توجد مفاضلة بينها وكلها آمنة وفعالة، وأنه يجب ألا نفرط أبدا في تدابير الوقاية حتى ننتصر، على هذا الوباء القاتل.