قسنطينة وتلمسان مدينتان توّجتا بالعلم والعلماء واشتركتا في الإنارة التاريخية فشكّلتا الجزائر بكل عنفوانها الحضاري، قسنطينة مدينة قلبها الصخر ولسانها الشعر وذراعاها التّمادي والإمتداد والتصاعد والعبور من ضفة إلى أخرى، ومن تاريخ إلى آخر، تلمسان التي تسكن القمم وتختزل التاريخ والحضارة بالمنصورة والمشور والزيانيين والأدارسة والعبّاد وسيدي بومدين المدينة التي أعادت تشكيل اشبيلية وطليطلة وغرناطة واستوحت من الحمراء والزهراء قصيدة للفن والجمال واستضافت بلابلها زرياب فسال طربه على حنجرة الغافور ودانى ليتحدا مع الفرقاني فيشكلان أسبوعا بمثابة أزمنة للفن والجمال عندما تحضر قسنطينة يحضر شرق الجزائر كله، لأنها مفتاحه وبابه الذي نطل من خلالها على كل المساحات المتبقية من الحضارات العريقة، قسنطينة التي تسكن الصخر والجبل وترحل بعيدا إلى زمن كله أكاليل وعروش مجد، هي سيرتا وهي أيضا أمّ المدائن الجزائرية والمغاربية اسمها الذي اشتق من تيجان القياصرة، وقلبها الذي صمم من الصخور وشرايان الجسور، هي قسنطينة بثقلها الثقافي والفني من ابن قنفد إلى ابن باديس، إلى قسنطينة العلم وجامعة الأمير عبد القادر ومهد رجل الإصلاح والفكر الشيخ عبد الحميد بن باديس وبيت الحركة الوطنية بكل عنفوانها هي قسنطينة المالوف وأيضا حنين وأنين النايات المترامية من المراعي الفسيحة حيث البداوة والصفاء وحيث تحلم بنادق الفرسان بسواعد سمراء تحيي سهرات صيفية وفنتازيا الأزمنة، الذهاب من قسنطينة إلى تلمسان لا يكلف أكثر من إصلاح كمنجة ودغدغة أوتار عود، حيث تطل تلمسان الزمردة الخضراء وهي تطاول السحب وتسيل من على جبالها خيرا وعلما وبركة، تلمسان العمارة والفن والتاريخ والتصوف ودارالملك تأتي صحبة قسنطينة يتقدمها سيدي راشد وسيدي بومدين لينزلا ضيف شرف على سيد عبد الرحمان الثعالبي، الجزائر ستعيش أسبوعا كاملاً لقسنطينةوتلمسان· قسنطينة حيث ستعرض فتنتها في إطار شريط فيديو وعرض فني تحت عنوان زهرة الصخور أضافة إلى ما اشتهرت به من طابعها المعروف بالمالوف والجاز، والعيساوة والرقص والفلكلور المحلي، أمّا المسرح فهو يحضر مع قسنطينة فاتحا حضنه للأطفال وللكبار بمسرحية الحوات والقصر، ولم تنس قسنطينة الإلتفات إلى التاريخ والعلوم، حيث برمجت للجمهور العاصمي محاضرة حول تاريخ أعلام قسنطينة، وندوة حول فكر الشباب عند العلاّمة عبد الحميد بن باديس، بالإضافة إلى السّهرات الفنية والمسرحيات والمعارض التي تقترحها قسنطينة على الجمهور العاصمي· أمّا مدينة تلمسان مدينة الفن والشعر والحضارة والتاريخ والأولياء العلماء، فقد ترفع ستارها عن استعراضات فلكلورية مع مجموعة من الفرق، بالإضافة إلى تركيب شعري مسرحي ورقصات فلكلورية وعرض أزياء وجوق الحاج محمد غفور، كما لم تنس تلمسان هي الأخرى الأطفال فجاءت لهم في هذا الشتاء البارد بدفء المسرح مع فرقة الزيانيين لتحكي لهم كان ياما كان، بالإضافة إلى الطرب الأصيل مع الطرب العربي، وكذا السّهرات الفنية الأخرى مع ناس الحال والأمسيات الشعرية والعروض المسرحية والموسيقى الأندلسية· بالإضافة إلى الندوات والمحاضرات حول آثار ومعالم تلمسان، وتلمسان وشاعر الثورة، وفيلم وثائقي حول فن الحوزي من خلال الصورة· هذا الأسبوع الذي تنطلق فعالياته ابتداء من يوم غد وتتواصل لغاية 7 جانفي الجاري لعام 2008·