رأت الحكومة الجديدة في تونس، أخيرا، النور، بعد الإعلان أمس، عن طاقم وزراي من 25 عضوا بقيادة الاكاديمية والجامعية، نجلاء بودن، التي كلفها الرئيس، قيس سعيد، نهاية الشهر الماضي، بتشكيل الحكومة الجديدة في سابقة هي الأولى من نوعها في تونس والعالم العربي تتولى فيها سيدة رئاسة السلطة التنفيذية. وأدت نجلاء بودن ووزراؤها المقترحين، في مراسم بثها، أمس، التلفزيون الحكومي مباشرة من قصر قرطاج، اليمين الدستورية، أمام الرئيس قيس سعيد الذي أصدر أمرا بتسمية حكومة جديدة بعد 11 أسبوعا كاملة من تجميعه لكل السلطات في البلاد. وأكدت نجلاء بودن، بعد أدائها اليمن الدستورية أن "محاربة الفساد سيكون أهم أولويات" حكومتها التي تضم 25 وزيرا من ضمنهم تسع نساء. وأضافت أن فريقها سيعمل على "استعادة ثقة التونسيين بالدولة" و"تحسين ظروفهم المعيشية". وستكون سلطات بودن وسلطات وزرائها محدودة بناء على التغييرات التي أقرها الرئيس سعيد على السلطة التشريعية والتنفيذية، كما سيكون نشاطها مراقبا وتحت اشراف رئيس البلاد نفسه. وضمت الحكومة الجديدة وجهين عملا في الحكومة السابقة وهما وزير الخارجية، عثمان الجرندي ووزير التربية فتحي السلاوتي، بينما عادت حقيبة الداخلية، لتوفيق شرف الدين أحد المقربين من الرئيس سعيد، الذي سبق له تولي نفس المنصب في حكومة هشام المشيشي، قبل أن يقيله هذا الأخير عام 2020، في حين تولى حقيبة الاقتصاد والتخطيط المصرفي، سمير سعيد. وجدّد الرئيس التونسي أمام الحكومة الجديدة الدفاع عن قراراته الاستثنائية التي اتخذها منذ أكثر من شهرين ونصف شهر بتجميد البرلمان وإقالة الحكومة وتجميعه لكل الصلاحيات والتي دعمها في 22 سبتمبر الماضي، بأمر رئاسي أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه، بينما يتولى بنفسه إصدار القوانين بمراسيم عوضا عن البرلمان وهو ما اعتبره معارضوه بمثابة تمهيد لتغيير النظام السياسي البرلماني في البلاد الذي نص عليه دستور 2014. ووصف سعيد تاريخ 25 جويلية الماضي ب"الموعد التاريخي بكل المقاييس"، موضحا أنه لجأ إلى تلك التدابير الاستثنائية بعد استعمال كل الوسائل لإعادة القائمين على السلطة إلى رشدهم وتحميلهم المسؤولية، لكن دون جدوى. وبينما أكد أن تشكيل الحكومة كان وفق ما ينص عليه الدستور وبأسرع ما كان يتوقع البعض، انتقد الرئيس التونسي تصريحات "أطراف أجنبية" حول تأخر تشكيل الحكومة الجديدة في ظل التدابير الاستثنائية. وقال في هذا السياق، إن القضية لا تتعلق بحكومة بل بنظام كامل وبمنظومة لا تزال قائمة منذ عشرات السنين خدمة لجماعات الضغط والمنظومة، التي أراد الشعب إسقاطها، مشددا بأن "تونس ليست تحت وصاية أي كان". كما اعتبر رئاسة امرأة لأول مرة في تاريخ تونس للحكومة "تأكيد على مكانة المرأة في تونس.. وليست مسحوقا لتجميل المؤسسات والمؤسسات النيابية". وتوقف عند التحديات التي ستواجهها الحكومة التونسية الجديدة أهمها "إنقاذ الدولة التونسية من براثن الذين يتربصون بها في الداخل والخارج والذين يعتقدون أن المناصب غنيمة أو قسمة للأموال العمومية أو قسمة لمراكز النفوذ".