كشف المكلف بالإعلام لدى المديرية العامة للحماية المدنية، النقيب نسيم برناوي ل"المساء"، عن الانطلاق الرسمي للحملة الوطنية للوقاية من خطر الاختناق بالغاز، والأخطار المرتبطة بموسم الشتاء المقرر يوم 8 نوفمبر الجاري، ويستمر إلى أواخر شهر مارس المقبل، مشيرا بالمناسبة، إلى تسجيل وفاة 106 شخص جراء استنشاقهم أكسيد الكاربون، وإنقاذ 1962 مواطن، في الفترة الممتدة بين جانفي وأكتوبر من السنة الجارية 2021. أكد النقيب برناوي، أن برنامج الحملة سيكون متنوعا، بداية بإشراك عدة فاعلين في الميدان، منها مؤسسة "سونلغاز"، مديريات التربية، الشؤون الدينية والمجتمع المدني، ليبقى الهدف الرئيسي من وراء كل ذلك، استهداف جميع شرائح المجتمع المدني. ستكون البداية، حسب المتحدث، من خلال إقامة معارض في الساحات العمومية، وتنظيم زيارات تفقدية للمنازل، وتقديم دروس تربوية للأطفال، ودروس وخطب في المساجد، وومضات إشهارية تحسيسية عبر مختلف وسائل الإعلام. مواطنون يهربون من الموت بردا إلى الموت اختناقا يكثر مع ازدياد موجة البرد، لاسيما مع حلول فصل الشتاء، استخدام الناس لوسائل التدفئة المتعددة في المنازل، وأماكن العمل والمدارس، حيث يزداد خطر حدوث الكوارث التي تنتج عن سوء استخدامها، كالحرائق أو استنشاق المواد والغازات المحترقة المنبعثة من المدفآت، ووسائل التدفئة الأخرى التي تشتغل بالوقود (المازوت)، فيما يبقى أهم عامل يؤدي إلى حدوث الوفيات، استنشاق غاز أحادي أكسيد الكاربون، الناتج عن احتراق الغاز، حيث لا يدرك العديد من الناس أن هذا هو السبب الرئيسي للوفاة، في ظل نقص حملات التوعية والتحسيس بخطورة الأمر. من هذا المنطلق، وقفت "المساء" على أسباب ارتفاع حصيلة ضحايا الاختناقات في الجزائر هذه السنة، وبعض الحقائق التي كانت السبب الرئيسي في انتشار الظاهرة، من خلال استطلاع ميداني يكشف الواقع. القاتل الصامت يحصد 106 قتيل منذ بداية السنة بلغ عدد الأشخاص المتوفين جراء الاختناقات بغاز أحادي أكسيد الكربون، المنبعث من أجهزة التدفئة المختلفة على المستوى الوطني، 106 حالة، منذ الفاتح جانفي إلى غاية نهاية شهر أكتوبر الفارط، حيث يعود السبب في ذلك، إلى غياب التهوية، حسب ما أكده نسيم برناوي. أوضح المسؤول في نفس السياق، أنه تم إحصاء 8 وفيات منذ بداية السنة الجارية 2021، على مستوى ولاية الجزائر، فيما سجلت مصالح الحماية المدنية خلال نفس السنة، 1290 تدخل، أسفر عن إنقاذ 1962 شخص، مشيرا إلى أن الارتفاع المحسوس في عدد الوفيات، راجع أساسا إلى الإفراط في استخدام أجهزة التدفئة، بالنظر إلى الظروف المناخية وانخفاض درجات الحرارة، خاصة بمناطق الهضاب العليا، حيث تم تسجيل أكبر حصيلة، علما أن عدد الوفيات في ارتفاع مقارنة بسنة 2020 التي سجلت 100 حالة وفاة. تمكن أعوان الحماية المدنية على المستوى الوطني-حسب السيد برناوي- من إنقاذ 3381 شخص من الموت خلال السنة الماضية 2020، موضحا أن قدم أجهزة التدفئة، وعدم صيانة التوصيلات الكهربائية المتعلقة بها، إضافة إلى التركيب العشوائي لها، يعد من بين أسباب حدوث الاختناقات بالغاز المؤدية إلى الموت المحتوم. التهاون وجهل معايير السلامة أزم الوضع كشف المكلف بالإعلام لدى مديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر، الملازم الأول خالد بن خلف الله، ل«المساء"، عن الأسباب الحقيقية التي تقفد وراء ارتفاع عدد ضحايا غاز أحادي أكسيد الكربون، والتي تعود حسبه إلى عدم تفقد الخرطوم الواصل بين الأسطوانة والمدفأة في كل فترة، وكذا استبدال مانعة التسرب، إلى جانب الأسطوانة بالكامل، مع إهمال التأكد من صلاحية الصمام الرئيسي، ووضع أجهزة التدفئة في غرف تنعدم فيها التهوية، إلى جانب تركيب سخانات الغاز داخل الحمام أو في الأماكن المغلقة داخل المنزل، حيث تؤدي كل هذه الأمور إلى الاختناق بهذا القاتل الصامت. أشار التحدث في السياق، إلى سوء استخدام أسطوانات الغاز أثناء الطهي الذي له دور كبير في حدوق الاختناقات، حيث يكثر استخدام وسائل التدفئة المختلفة، خصوصا تلك التي تعمل بالوقود، وتتطلب الحذر الشديد في اتباع الطرق السليمة والصحيحة المتعلقة بكيفية تشغيلها وإطفائها، وكيفية تزويدها بالوقود، كل هذا يشكل خطرا كبيرا على الإنسان، يوضح مصدرنا. من أهم الممارسات الخاطئة في استخدام المدافئ، وضعها داخل الحمام أثناء الاستحمام، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الغازات السامة والخانقة الناتجة عن عملية الاحتراق، خاصة مع ترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم، فضلا عن مواقد الحطب، إذ يلجأ البعض إلى تركها مشتعلة داخل المنزل، دون القيام بالتهوية اللازمة والمناسبة لتجديد الهواء داخل المنزل، وهو ما يؤدي إلى اختناق الأشخاص، يشرح السيد بن خلف الله. ضرورة مراقبة المدفآت قبل استعمالها أكد بن خلف الله، أن سبب الاختناق بالغاز، يرجع أساسا إلى جهل المواطنين وتعمدهم استعمال أجهزة تدفئة مستعملة أو رخيصة الثمن، وكثيرا ما يلجأ هؤلاء مع بداية دخول فصل الشتاء، إلى أسواق الخردة لاقتناء أجهزة التدفئة المعطلة التي يعيدون تصليحها واستعمالها داخل غرف النوم. في هذا الصدد، يقول أحد باعة هذه الأجهزة بسوق الحميز في العاصمة، أن "المواطنين يعمدون إلى اقتناء هذه الأجهزة، نتيجة ضيق الحال، لأن ثمنها يبقى في متناولهم، خاصة مع الارتفاع الكبير في ثمن أجهزة التدفئة أجنبية الصنع. وما لاحظناه في هذا الصدد، أن المواطنين يقبلون على شراء هذه الأجهزة، مضطرين إلى استعمالها، رغم ما تشكله من خطورة كبيرة على حياتهم، وأغلبهم يقطنون مساكن قديمة وهشة لا تقيهم برد الشتاء. ويضيف البائع، بأن هناك في السوق ما هو أخطر من أجهزة التدفئة المستعملة، وهي أجهزة مقلدة لا يستطيع المشتري التفريق بينها وبين الأصلية منها، وهو ما قد يتسبب في حوادث مميتة، إذا لم يتم الانتباه لها والتحذير منها. "سونلغاز" تحذر من غلق فتحات التهوية فيما حذرت شركة "سونلغاز"، من جهتها، من أخطار عدم تنظيف مصفاة أجهزة التدفئة، ومن مخاطر غلق فتحات التهوية أثناء إجراء أشغال التحويلات والتعديلات داخل السكنات، باعتبارها ضرورية، مؤكدة أن الغازات المحترقة، خاصة أحادي أوكسيد الكربون، هي أكبر متسبب في الاختناقات والوفيات. أضافت نفس المؤسسة أنه من بين الأسباب كذلك؛ عدم احترام مقاييس الأمان أثناء تركيب تجهيزات التدفئة، لاسيما فيما يتعلق بالتهوية، وإغلاق الصمامات بشكل جيد، داعية إلى ضرورة اختيار سباك مؤهل وذو خبرة من قبل مصالح "سونلغاز"، باعتباره يملك الخبرة في القيام بعملية الترصيص، وفق المقاييس والمعايير المعمول بها، لتفادي التسربات. مواطنون لا يستجيبون لحملات التحسيس رغم الحملات التحسيسية التي تقوم بها مختلف الأجهزة، من حماية مدنية ودرك وأمن وطنيين وغيرها، إلا أن أخبار الموت بالغاز، تطل علينا مع بداية كل فصل شتاء، بتسجيل تعرض عائلات بأكملها إلى الاختناق بالغاز أو انفجارات في منازل ومستودعات، نتيجة تسرب الغاز الذي غفل الناس عن مراقبته. أكد خالد بن خلف الله، أن الهدف من تنظيم الحملات التحسيسية، هو تقديم صورة واضحة ومبسطة حول خطورة التسربات الغازية على حياة المواطن، إذا لم يراع جملة من الشروط والتعليمات من خلال معارض توضيحية بالصور، ومطويات تبسط كيفية الوقاية، واكتشاف عملية التسربات لتفادي الاختناقات.