تختتم اليوم أشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي بإشراف الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، الذي سيلقي بالمناسبة كلمة تتضمن توجيهات الحكومة، وآفاق عملها في السنوات المقبلة لإعادة بعث الصناعة الوطنية، عبر ما ستتضمنه التوصيات التي سيخرج بها المشاركون في الندوة التي دامت ثلاثة أيام. وتواصلت أمس، أشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي في يومها الثاني، بأربع ورشات عكف المشاركون فيها من متعاملين واداريين ومسؤولين مركزيين ومحليين وخبراء، على بلورة محاور الاستراتيجية الجديدة للنهوض بالصناعة الوطنية، والتي كان وزير الصناعة، قد أعلن عنها في الافتتاح. وتم خلال هذه الورشات فتح فضاء النقاش حول الحلول المكيفة مع الوضعية الحالية للبلاد، من أجل الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة، وذلك بإشراك جميع الفاعلين لتجسيد خطة الوزارة في تنفيذ مخطط عمل القطاع. ودعا عديد الخبراء والمختصين الاقتصاديين، بالمناسبة إلى مقاربة مجددة لحوكمة السياسة الصناعية، تسمح بإنعاش الصناعة الوطنية والرفع من حصتها في الناتج الداخلي الخام. حيث أوصى في هذا الإطار الأستاذ الجامعي حسن بوقلية، ب"الخروج من إعداد السياسة الصناعية على أساس مجموع إجراءات رسمية اظهرت محدوديتها" وتبني "مقاربة مجددة لحوكمة السياسة الصناعية القائمة على مسار ديناميكي". من جانبه ركز الخبير الاقتصادي محمد حشماوي، على الاجراءات الضرورية لتشجيع الاستثمارات الصناعية وعلى وضع اطار قانوني "مستقر ومتجانس"، وتوفير مناخ إداري "غير بيروقراطي" وتسهيل إجراءات خلق الشركات والتراخيص باستخدام الرقمنة، كما اشار إلى هيمنة القطاع العام في مجال الاستثمارات. وأوصى "بتشخيص معمق لمناخ الاعمال الجزائري تتمخض عنه اصلاحات أساسية" مؤكدا على ضرورة انشاء هياكل مخصصة للمعلومة الصناعية على مستوى جميع الإدارات والمؤسسات التابعة للقطاع الاقتصادي. وعلى هامش الندوة تحدث الرئيس المدير العام للجامعة الصناعية غريب سيفي، عن الهندسة العكسية ك"أداة جد ملائمة" لإنعاش صناعي وطني حقيقي، حيث شدد في تصريحات للإذاعة الوطنية على أهمية اعتماد الهندسة العكسية بشكل عاجل، موضحا أن الهندسة العكسية تتمثل في عملية استيعاب مبدأ تشغيل أي آلة مصنعة في الخارج بغية تصنيع آلة مشابهة لها محليا. ومن بين الاجراءات الضرورية للنهوض بالصناعة ذكر ذات المسؤول، بالرقمنة التي تعد "المفتاح الأساسي للتخلي عن الممارسات البيروقراطية وضمان الشفافية في تسيير العقار الصناعي ومعالجة سريعة لطلبات الاستثمار". واعتبر سيفي، أن "العقار الصناعي متوفر ولم يبق إلا تعديل طرق وإجراءات منح الأراضي للمستثمرين، والقضاء على كل الصعوبات البيروقراطية عن طريق تخفيف الوثائق المطلوبة ضمن الملفات وتبسيط القوانين لضمان الاستقرار القانوني في هذا المجال". للتذكير خصصت الورشة الأولى من الندوة لموضوع "دعم المؤسسات وترقية الإنتاج الوطني والصادرات"، حيث عكف المشاركون على معالجة إشكاليتين مزدوجتين تتعلقان بعدم كفاية العرض الوطني لتلبية الطلب المتزايد، وضرورة استعادة توازن الميزان التجاري من خلال العمل على ايجاد بديل للواردات وتنويع الصادرات. كما تم تناول الإجراءات المقترحة من طرف وزارة الصناعة، لزيادة دعم ومرافقة الشركات المحلية وتعزيز الصادرات. وتناولت الورشة الثانية ملف "تحسين بيئة الاستثمار ووفرة العقار الواجب ضمانها من أجل ترقية الاستثمار"، حيث تم التطرق خصوصا الى الاجراءات الواجبة لتحسين حوكمة الاستثمار وتحسين عرض العقار الصناعي والانتشار الاقليمي وتمويل الاستثمار، إضافة الى الاستثمار المنتج والدور الذي تلعبه البنوك والمؤسسات المالية. وعكفت الورشة الثالثة على مناقشة موضوع "حوكمة المؤسسات العمومية الاقتصادية ودور الدولة"، حيث قدم المشاركون توصيات متوافقة مع متطلبات المرحلة الحالية، مع ضمان عودة نمو القطاع الصناعي على ضوء الدروس و التجارب السابقة وأهداف مخطط الحكومة. وخصصت الورشة الرابعة لملف "الادماج والتنويع وتطوير التنافسية"، من خلال مناقشة كيفية تأطير النظام البيئي والتقني الوطني، وتنمية قدرات وقنوات دعم الصناعة والنظام الوطني للجودة والتكوين في مهن الصناعة وكذلك واقع وآفاق التمويل البنكي. للتذكير افتتح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أول أمس، أشغال الندوة بخطاب تضمن تعليمات وتحذيرات، حيث شدد على ضرورة الخروج من الوضع الراهن الذي تقبع فيه الصناعة الوطنية، محذّرا من مغبّة استمرار التصرفات اللاأخلاقية على مستوى الإدارات، الرامية الى عرقلة المشاريع الجاهزة وتلك التي ينتظر انجازها، ضمانا لرفع قيمة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام وخلق الثروة ومناصب الشغل.