عندما توصد أبواب الرحمة في وجه الخلق، فذلك جبروت لا حدود له، وجهل في أفظع أشكاله لا يقبله العقل ويندى له الجبين. وعندما يتجرّد الطبيب من إنسانيته وهو الذي أدى قسم "أبوقراط"، ومن واجبه المهني الإسعاف ومدّ يد العون، ومن واجبه الإنساني التحلّي بأبسط الأدبيات وأدنى الأخلاق، وكذا بعث الأمل في النفوس..فعلى الدنيا السلام. بماذا يمكن وصف طبيب -وأظنّه لا يحمل من الصفة سوى الاسم- خاطب إحدى المريضات بالقول "عندك سرطان، روحي تموتي"، واضعا نفسه مكان "قبّاض الأرواح"، ناسيا أو متناسيا بأنّ الأرواح بيد اللّه عزّ وجلّ. قصص كهذه وأخرى ربّما أفظع لم تصل بعد مسامعنا، لكنّها حتما ستصل بطريقة أو بأخرى ما دامت تنقل إعلاميا يوميا، ومادامت بعض مستشفياتنا تذبح فيها المشاعر، ويتنصّل فيها بعض من استأمنوا على الحياة من كلّ شيء يربطهم بالإنسانية حتى أصبح الكثيرون يتحاشون الإتّجاه إلى المستشفيات من دون أن يكونوا متأكّدين من وجود أحد معارفهم في المستشفى لكي يحظى بالانتباه والرعاية، مستعينا بعبارة "أبعثني فلان" أو "جيت أنشوف فلان". بعد أن كان العلاج حقّا يكفله الدستور، بات في نظر بعض الأطباء الجزائريين "مزيّة" يقدّمونها للمرضى، في الوقت الذي ترفع في الجزائر شعارات "إصلاح المستشفيات" وأنسنة مختلف القطاعات، لكن ألا يجب قبل كل ذلك إصلاح العقليات والذهنيات، وجعل كلّ واحد مسؤولا عن رعيته، أم أنّنا نتحلّى بالشطارة فقط في الأقوال لا في الأفعال.