أكد الأمين العام السابق لحزب النهج الديمقراطي بالمغرب عبد الله الحريف، أن المافيا المخزنية تفترس خيرات الشعب المغربي وتحافظ على الوضع القائم من أجل مراكمة الثروة بطريقة غير شرعية، معتبرا إياها أخطر عدو للديمقراطية الحقيقية التي تقتضي محاسبتها على ما ارتكبته من جرائم سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وأوضح عبد الله الحريف في مقال له بجريدة النهج الديمقراطي، تحت عنوان "مراكز القرار في هندسة وتدبير النموذج التنموي"، أن "افتراس خيرات المملكة من طرف المخزن وتفشي الرشوة والمحسوبية، واختلاس المال العام والتبذير الذي يتسم به، والغش والتهرب والامتيازات الضريبية للكتلة الطبقية السائدة، وللشركات المتعددة الاستيطان، والطابع المتخلف للاقتصاد المغربي، كلها عوامل تنتج عجزا مزمنا لميزانية الدولة". وقال إن كل ذلك يدفع إلى اللجوء إلى القروض، الخارجية، التي تحوّلت إلى ضرورة بنيوية للدولة المغربية الفاسدة والمفترسة وللاقتصاد الرأسمالي التبعي والريعي"، مبرزا أن "هذه المديونية تشكل أحد أهم الوسائل لفرض الامتثال لتوجهات واختيارات الإمبريالية الغربية". ويرى السياسي المغربي أن مراكز القرار في هندسة وتدبير "النموذج التنموي" في المغرب هي "الإمبريالية الغربية، خاصة الفرنسية، والكتلة الطبقية المسيطرة والمشكلة من كبار الملاك العقاريين والبرجوازية الوكيلة للشركات المتعددة الاستيطان والمخزن". وقال الحريف إن الامبريالية الغربية تنظر إلى المغرب "كقاعدة لاستقبال الشركات المتعددة الاستيطان، التي تمنح المملكة أنشطة صناعية تتشكل في عمليات إنتاجية بسيطة وأنشطة خدماتية رتيبة"، مشيرا إلى أن هذه الانشطة تتسم بكونها "ذات قيمة مضافة ضعيفة وتستغل استغلالا بشعا يدا عاملة رخيصة". كما أشار إلى أن "هذه الامبريالية لا ترى مانعا في إقامة صناعات وأنشطة ملوّثة في المغرب، خاصة الصناعة الكيماوية الملوثة"، مشددا على أن كل هذه الأنشطة تابعة بالكامل للمركز الامبريالي و«غير قادرة على أن تشكل قاطرة لبناء نسيج صناعي واقتصادي مستقل ومتكامل". وفي حديثه عن مصالح الكتلة الطبقية السائدة في المغرب، قال إنها "برجوازية تبعية أي شريك من موقع ضعيف للشركات المتعددة الاستيطان، وخاضعة للإمبريالية وعاجزة على بناء اقتصاد وطني مستقل". مافيا المخزن تحمي الاقتصاد الإجرامي وبرأي القيادي في حزب النهج الديمقراطي المغربي فإن وظيفة المخزن الأساسية، وعلى رأسه المافيا المخزنية، تتركز في "فرض السياسات والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،التي تبلورها الامبريالية الغربية خدمة لمصالحها ومصالح عملائها المحليين، الكتلة الطبقية السائدة". وقال إن مصلحة المافيا المخزنية الخاصة تتمثل في الاستفادة من تحكمها في مفاصل الدولة، وكل أجهزتها العسكرية والأمنية والأيديولوجية والإدارية والإعلام والحقل الديني وغالبية المجتمع المدني لتنمية مصالحها الاقتصادية الخاصة والتحكم في موارد الدولة واستعمال جزء منها لتقوية موقعها الاقتصادي". ومن بين أساليب نظام المخزن في الاستغناء غير المشروع، "الرشاوى على صفقات الدولة، خاصة في المشاريع الكبرى مقابل الحماية أو الاستفادة من امتيازات جمركية أو ضريبية، وهي ممارسة مافيوية بامتياز". كما تقوم المافيا المخزنية "بحماية الاقتصاد ذي الطابع الإجرامي: إنتاج وتجارة المخدرات، وخاصة تصديرها، وتهريب البضائع والأموال إلى الخارج ونحو الجنات الضريبية، وذلك إما من طرف نافذين كما تبين في قضية "بانما بيبارز" أو مقابل رشاوى بالنسبة للأثرياء من خارج المافيا المخزنية". وعدد عبد الله الحريف النتائج الخطيرة للنموذج التنموي بالمغرب في "عجز بنيوي لميزانية الدولة عجز هيكلي للميزان التجاري، عجز هيكلي على تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية، وتبعية غذائية شبه مطلقة للسوق العالمية التي تتحكم فيها الشركات المتعددة الاستيطان، استحالة تطبيق سياسة تنموية وطنية مستقلة وتكريس الاقتصاد المغربي كاقتصاد هش وتبعي عاجز على توفير مناصب الشغل الضرورية، دولة فاسدة ومفترسة وعاجزة على تلبية أبسط المطالب الشعبية". هذا بالإضافة إلى "هجرة حاملي الشواهد العليا والكفاءات المتعددة، التي تشكل خسارة ونزيفا كبيرين تضاف إلى الهجرة السرية ومآسيها الخطيرة". وخلص الأمين العام السابق لحزب النهج الديمقراطي إلى أن وظيفة المافيا المخزنية هي "الدفاع على الوضع القائم الذي يمكنها من مراكمة الثروة، بشكل لا شرعي ولا مشروع". ولذلك يؤكد فإنها "ستدافع حتى آخر رمق على نفوذها وامتيازاتها الضخمة وبالتالي فإنها تمثل أشرس عدو لديمقراطية حقيقية تعني، من بين ما تعنيه، تقديم الحساب على ما اقترفته من جرائم سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية". وأبرز في هذا الإطار أن "هذه المافيا المخزنية تتلقى الدعم من طرف الإمبريالية الغربية، وبالأخص الفرنسية، بالرغم من كل كلامها المنافق حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما تتلقى الدعم من طرف الكتلة الطبقية السائدة، وذلك لكونها الساهر على تطبيق السياسات الاجتماعية والاقتصادية المدمرة واللاشعبية بكل الوسائل بما في ذلك بالحديد والنار إذا استدعى الأمر ذلك".