انطلقت مساء أول أمس، تظاهرة "الجزائر في لا قوت دور" (القطرة الذهبية) في عدة مواقع من الحي الشعبي الفرنسي في قلب الدائرة الباريسية ال18 - حيث كانت فرصة لتواجد هذه الجالية عبر الزمن في هذا الحي المميز بباريس. ومن أجل استذكار تاريخ هذا الحي الأسطوري، احتضنت مواقع مختلفة عدة معارض تضمنت لافتات توضيحية وصور ووثائق حول تلك الفترة حيث تناولت أربعة مواضيع هي"قرن من الهجرة الجزائريةبفرنسا وبباريس" و"الهجرة الجزائرية بلا ?وت دور" لا ?وت دور خلال حرب الجزائر" وأخيرا "شخصيات ومسارات: قرن من تاريخ المغاربة في فرنسا وفي باريس". ومن خلال هذه التظاهرة يسعى المنظمون إلى دعوة الزوار إلى رحلة حقيقية عبر التاريخ حيث يكتشفون من خلال الملصقات والنصوص والوثائق التاريخية والصور مرحلة حاسمة امتدت على مدى قرن ونصف. ومن بداية الاستعمار إلى العهد المعاصر تستعرض هذه المعارض تطور الوضعية السياسية مع ظهور الحركة الوطنية وبروز الأحزاب السياسية الجزائرية والأوضاع الاجتماعية الاقتصادية والثقافية مع التركيز على تاريخ الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا وبباريس على وجه الخصوص. ويكتشف الزائر كذلك من خلال هذه المعارض أن أول المهاجرين الجزائريين استقروا في منطقة مارسيليا بين سنة 1905 و1912 قبل أن يعرفوا تدفقا كبيرا مع تجنيد الجزائريين خلال الحرب العالمية الأولى التي تلتها الموجة الكبيرة ابتداء من العشرينيات مع بداية "الهجرة الاقتصادية". وأظهرت النصوص التوضيحية أن الجزائريين "استقروا شيئا فشيئا بحي "لا قوت دور" الذي كان قطبا حقيقيا لمختلف الجنسيات وفضاء تنوع ثقافي وعرقي مميز. وأوضح الباحث جون كلود توبون في كتابه "تمركز المهاجرين : بحي لا غوت دور " أنه في سنة 1926 لم يكن الجزائريون يمثلون إلا 11 بالمائة من السكان الأجانب في هذا الحي. وبعد مرور ثلاثين سنة (أي سنة 1954) باتوا يشكلون ثلاثة أرباع هؤلاء السكان الأجانب. كما كتب يقول "منذ سنة 1954 يبدو أن أرضا جزائرية تشكلت ب "لا ?وت دور"، فقد "رسمت" هذه الأراضي حدودها سواء من خلال سكانها الذين قدموا من جميع مناطق الوطن أو أماكنها العمومية وألفتها وتعبيراتها الثقافية. كما أصبحت الفنادق والمطاعم ومختلف المحلات بمثابة فضاءات للالتقاء والتلاقي بحثا عن دفء الوطن الأم ودعم الروابط الاجتماعية ونسيان ويلات الغربة. وخلال حرب التحرير الوطنية كان هذا المكان يشكل فضاء للنضال والتجند من أجل القضية الوطنية، علما أن مصالح الأمن الفرنسية حولت أقبية فيه إلى أماكن للاستنطاق وتعذيب مئات الجزائريين. أما اليوم وحتى وإن أصبح هذا المكان عصريا، فإن بعض الشوارع وبعض المحلات لازالت تحتفظ بطابعها القديم إذ يبقى تاريخ هذا الحي قائما لاسيما من خلال كل هؤلاء "الشيوخ" الذين يحتفظون في ذاكرتهم بالأحداث السعيدة والحزينة التي ميزت هذه الفترات الصاخبة. وحسب المنظمين فإن الحدث يهدف إلى اطلاع سكان الحي بتاريخ مكان إقامتهم وسكان باريس بصفة عامة بأحد الأماكن الأكثر تنوعا و ثراء في المجال الثقافي بالعاصمة الفرنسية. وللإشارة فقد برمج إلى غاية 17 ماي الجاري عرض أفلام وتنظيم ندوات ولقاءات متبوعة بنقاشات وسهرات موسيقية لفائدة سكان الحي.