انطلقت بالعاصمة الإثيوبية، أمس، أشغال القمة الخامسة والثلاثين للاتحاد الإفريقي بجدول أعمال مثقل بمختلف القضايا التي تهم الراهن الإفريقي من إشكالية الأمن والسلم في القارة إلى قضايا الهجرة والفقر مرورا بمسألة التكامل الاقتصادي وإصلاح الاتحاد، وصولا إلى تداعيات جائحة كورونا ومعضلة منح الكيان الإسرائيلي، المحتل صفة ملاحظ. وهي جملة القضايا التي يعكف رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المشاركين في هذه القمة التي تختتم مساء اليوم بشعار "تعزيز الأمن الغذائي" والتعجيل بتنمية رأس المال البشري والاجتماعي والاقتصادي في القارة الإفريقية. كما سيتم بحث خلال هذه الدورة مسألة منح الكيان الصهيوني صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي. وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمد موسى فكي، في انطلاق أشغال القمة أن الوضع الأمني في القارة يستدعي، اعتماد مقاربة جديدة تتعلق بهيكلة السلام والأمن في الاتحاد وعلاقته بالعوامل الجديدة المزعزعة للاستقرار في إفريقيا. وحذّر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي من تدهور الوضع الأمني في القارة الذي "يتسم بانتشار الإرهاب وبتقويض النظام الدستوري في عدد من دول غرب إفريقيا" في إشارة إلى الانقلابات العسكرية التي عرفتها عدة دول في منطقة الساحل. وأضاف فقي، أن جائحة كورونا والإرهاب يشكلان تحديا أمام دول القارة بما يستدعي رفض التدخلات في الشؤون الداخلية الإفريقية رافضا كل تمويل للمشاريع الإفريقية من جهات خارجية بقناعة أن خطة مارشال لتنمية إفريقيا لا يمكن إلا أن تكون إفريقية، واصفا ذلك بأكبر تحد يجب على الدول الإفريقية رفعه لوحدها. وعرفت مراسم افتتاح القمة، أمس، استلام الرئيس السينغالي ماكي سال رئاسة الاتحاد الإفريقي خلفا لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي. وتسلم الرئيس السنغالي الرئاسة الدورية للمنتظم الإفريقي في وضع حرج بسبب موجة الانقلابات العسكرية التي عرفتها عدة دول في منطقتي الساحل وغرب إفريقيا إلى جانب تنامي الظاهرة الإرهابية التي توسعت رقعتها لتشمل عدة بلدان في منطقة الساحل وإلى غاية الموزمبيق إلى جانب التحديات التي فرضها تفشي جائحة كورونا التي كان لها وقعها السلبي على اقتصاديات قارة مازالت تبحث عن نفسها. وقال الرئيس السنغالي بعد توليه رئاسة الاتحاد للعام الحالي إنه سيركز على الأزمة الصحية التي تعرفها القارة من خلال العمل على ضمان الحصول على ما يكفي الشعوب الإفريقية من اللقاحات وتسريع تصنيعها محليا. ودعا رئيس الاتحاد الأفريقي المنتهية عهدته فيليكس تشيسيكيدي، إلى تفعيل القوة الأفريقية الجاهزة كليا من أجل تعزيز السلم والأمن في القارة من أجل "إسكات صوت الأسلحة في إفريقيا وبضرورة التوصل إلى وضع قيادة أركان مدمجة حقيقية. وذكر تشيسيكيدي لدى تطرقه إلى الانقلابات الأخيرة التي عرفتها بلدان القارة بالمادة الرابعة من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي "الذي يدين ويرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات"، داعيا إلى ضرورة "تقييم المبادئ والقواعد والآليات المنصوص عليها في إعلان لومي الذي أقره الاتحاد الأفريقي في 2000 حول التغييرات غير الدستورية للحكومات". كما اقترح التفكير في "مواءمة مقاربات" المجموعات الاقتصادية الإقليمية وتنسيقها مع مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي ومع المفوضية وتعزيز النصوص القانونية التي تكرس الحكم الراشد الأفريقي لبناء الديمقراطية وتنظيم انتخابات نزيهة بصفتها وسائل لمنع العنف بكل أنواعه. وحدة إفريقيا في خطر بسبب إسرائيل وإذا كانت مواضيع جدول أعمال القمة سبق معالجتها وبحث آليات تسويتها إلا أن القمة 35 ستكون بمثابة الاستثناء هذه المرة، بطرح مقترح انضمام الكيان الصهيوني المحتل إلى الاتحاد الإفريقي بصفة ملاحظ في تعارض صارخ مع مبادئه التأسيسية التي تنبذ قتل الأبرياء وفرض الميز العنصري على الشعوب واحتلال أراضيها بقوة الحديد والنار كما هو الشأن بالنسبة للشعب الفلسطيني. وسيتم عرض هذه النقطة للنقاش بعد أن عارضتها عديد الدول الإفريقية واعتبرت ذلك بمثابة ضربة للصف الإفريقي وبقناعة أن انضمام المحتل الإسرائيلي يعني زرع بذور انشقاق وفتنة الدول الإفريقية في غنى عنها. والأكثر من ذلك أن السلطة الفلسطينية ومعها كل الشعب الفلسطيني تعارض مثل هذه الخطوة واعتبرتها بمثابة طعنة في ظهر القضية الفلسطينية. وعارضت كل من الجزائر وجنوب إفريقيا، البلدان المعروفان بدعمهما لحق الشعب الفلسطيني الثابت، هذا القرار الذي اتخذه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وتوصلتا إلى فرض هذه النقطة في جدول أعمال القمة. وأثار هذا القرار الذي اتخذه محمد موسى فقي شهر جويلية 2021 غضب عديد الدول الإفريقية واستيائها. وحث رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، المنظمة الإفريقية على سحب عضوية المراقب التي تم منحها للكيان الصهيوني، واصفا اعتماد الكيان الصهيوني "بالمكافأة غير المستحقة" للتجاوزات المرتكبة في الفلسطينيين. كما دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المشاركين في قمة الاتحاد الإفريقي إلى رفض منح صفة مراقب للكيان الصهيوني في الاتحاد واعتبرت كل خطوة في هذا الاتجاه بمثابة "انتهاك صارخ" للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان ومبادئ وقيم الاتحاد ونظامه الأساسي الذي ينص على محاربة العنصرية وإنهاء الاستعمار وحق تقرير المصير للشعوب. وأشارت الحركة إلى أن الكيان الصهيوني ما زال ينتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ويرفض تنفيذ العشرات من القرارات والتوصيات الدولية.