كشفت مديرة التعمير والهندسة المعمارية والبناء لولاية الجزائر، السيدة جيهان هانم دردور، في حوار خصت به "المساء"، عن تجسيد 140 مخطط لشغل الأراضي عبر إقليم العاصمة منذ 2018، وهو ما سيمكن من هيكلة مجال التعمير بالولاية، كما كشفت عن جملة التدابير المتخذة لتحسين واجهة عاصمة البلاد، ومعالجة ملف البنايات غير المطابقة لقواعد التعمير، داعية المواطنين بالمناسبة، إلى تسوية وضعية بناياتهم في إطار القوانين المستحدثة. العاصمة تمكنت من تجسيد 140 مخطط شغل الأراضي من أصل 169 ❊ تغيب في جل بنايات الخواص بولاية الجزائر، مقاييس التعمير، والهندسة المعمارية، وهو ما أدى إلى الإخلال بالطابع العمراني للعاصمة، وتشويه واجهة الأحياء، هل هناك برنامج معين لأخذ هذا الجانب من التعمير بعين الاعتبار؟ وهل هناك مراقبة ميدانية لتفاديي تكرار هذه الظاهرة؟ ❊❊ تحرص مديرية التعمير والبناء والهندسة المعمارية لولاية الجزائر، على تسليم رخص البناء قبل الانطلاق في إنجاز أي مشروع سكني عمومي كان أو خاص. وشترط قبل الانطلاق في أي مشروع، إيداع مخطط التهيئة، على مستوى مديرية التعمير، ويتضمن كل ما يحمله المشروع من تفاصيل تخص البنايات والتجهيزات العمومية، والمساحات الخضراء، والطرق، وبمجرد إيداع الملف على مستوى المديرية، يتم تشكيل لحنة تضم أعضاء من مختلف مديريات الولاية، ويرجع الرأي المرتبط بقوانين التعمير لمديرية التعمير، وقبل منح أي تصريح بالبناء، يجب الوقوف على مدى مراعاة واحترام قواعد التعمير، والتي منها ما يخص ارتفاع البناية، والمسافة بين بناية وأخرى، فضلا عن المقاييس المرتبطة بالواجهة الرئيسية، ومخارج العمارة، ويتم على هذا الأساس قبول مخطط التهيئة. ما هو ملاحظ في السنوات الأخيرة، وجود تغير إيجابي في الطابع الهندسي والمعماري في الولاية، كما نسجل رضى المواطنين الحائزين على السكنات في مختلف الصيغ، عن نوعية الواجهات وكيفية معالجة الأقطاب الحضرية، فكل المجمعات السكنية تضم مختلف التجهيزات العمومية والمساحات الخضراء، ومساحات لعب الأطفال، ولا يتم تسليم أي مشروع، بدون تهيئة مكتملة بنسبة 100 بالمائة. ولأن ولاية الجزائر بصدد إنجاز مشروع ب 70 ألف وحدة سكنية، فإن مديرية التعمير تحرص كل الحرص على مراعاة نوعية الأشغال، وتسليم رخص البناء لا يعني عدم التأكد من مدى تطبيق قواعد التعمير واحترامها، ولا نقاش في هذا الموضوع. تم مؤخرا هدم 50 بناية من خمس طوابق في بلدية برج الكيفان ❊ هذا يعني إشراك عدد من الفاعلين قبل وأثناء إنجاز المشاريع السكنية، لكن ما يطرح الآن، هو ما يتعلق بالسكنات الجديدة المنجزة من قبل الخواص، هل هناك مراقبة في الجانب المرتبط بحيازة رخص البناء، واحترام قواعد التعمير؟ ❊❊ ما هو أكيد، أن مديرية التعمير تسهر على احترام قواعد التعمير في أي منطقة كانت، سواء داخلية أو واجهة بحرية، حيث لاحظنا وجود تجاوزات من قبل المرقين العقاريين الخواص، منها ما يخص البناء بدون رخصة، وتم في الآونة لأخيرة، هدم عدة بنايات لا تتوفر على عقد ملكية، ولا رخصة بناء، ويقوم هنا العون المؤهل ومفتش التعمير في هذه الحالة، في إطار صلاحيات مديرية التعمير، وفقا للمادة 76 من القانون المعدل والمتمم رقم 04 05، بتحرير محضر مخالفة يتمإيداعه على مستوى البلدية المعنية في آجال 72 ساعة، ويتخذ رئيس البلدية على ضوء ذلك، في إطار ما يخول له القانون، قرار الهدم في آجال 8 أيام. ❊ قلتم إن هناك بنايات تم هدمها، هل يمكن إيفادنا بالحالات التي تم إصدار قرارات الهدم بشأنها؟ ❊❊ تم في الآونة الأخيرة، هدم أكثر من 20 بناية من 5 طوابق في بلدية برج الكيفان، وهي حالات لا يحوز أصحابها على عقود الملكية، ولا على رخصة بناء، كما لا تستجيب لمقاييس التعمير في البناء. والعملية متواصلة ومتسارعة مع الولاة المنتدبين، ورؤساء البلديات، والعملية مستمرة، فأي بناية لا تحوز على رخصة بناء أو مسجل بها تجاوزات في البناء،مصيرها الهدم الفوري. لقاء مرتقب لإعلام المسؤولين المحليين بالتدابير الجديدة ❊ إلى ماذا ترجعون سبب هذا المشكل وهذه الممارسات؟ ❊❊ يرجع الأمر إلى غياب أدوات التعمير في ولاية الجزائر، وعدم وجود مخططات شغل الأراضي في الولاية، باستثناء المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير فقط، والذي تمت المصادقة عليه في ديسمبر 2016، ومن المفروض بعد صدور المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، يأتي الدور على مخطط شغل الأراضي الذي يحدد مقاييس التعمير، ومع حلول 2018، انطلقنا في إنجاز 169 مخطط بناء على توجيهات المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، وتم بالولاية، تجسيد ما يقارب 140 مخطط لشغل الأراضي، حيث سيتم تغطية الولاية بأدوات التعمير، وهو الذي سيسمح بتوضيح كل ما هو مرتبط بمجال التعمير، ويعد مخطط شغل الأراضي بمثابة بطاقة تعريف للمنطقة، لذلك سوف نعيد هيكلة مجال التعمير في الولاية، وسننطلق من أصغر وحدة تمثل الحي، ثم المنطقة، فالبلدية، والولاية، ونسعى إنشاء الله، إلى مرافقة المواطن بصفة خاصة، والإدارة بصفة عامة، لإعطاء واجهات جديدة ونمط جديد للولاية. ❊ بالنسبة للبناءات غير المكتملة، كيف يمكن رصدها وتحديد موقعها؟ وهل هناك خرجات ميدانية للتفتيش المعمق في سبيل البحث ورصد الاختلالات المسجلة؟ ❊❊ ترتكز مهام مصالح التعمير على المراقبة والتفتيش، وتضطلع مصالح البلدية بالإجراءات المرتبطة بحالات الهدم، فهناك محاضر للهدم المباشر، وهناك محاضر يتم من خلالها متابعة أصحابها على مستوى العدالة، وتكون بإلزام المخالفين بدفع غرامات مالية، كما صدر مرسوم تنفيذي جديد في 2 فيفري 2022 تحت رقم 22 55، لتسوية وضعية البنايات غير المطابقة لرخصة البناء المسلمة، ويتم وفق هذا المرسوم، تحديد مدى احترام الحائزين على رخصة البناء للقواعد العامة للتعمير والتجاوزات المسجلة، ومن هذه الحالات من يلجأ أصحابها إلى الرفع من عدد الطوابق عن المستوى المحدد، أو عمل إضافات على الواجهة الخلفية، ويضطلع فريق مختلط بمعاينة الموقع محل المراقبة، ويتم على إثر ذلك تحرير محضر حول مدى احترام القواعد العامة للتعمير وتحديد التجاوزات المسجلة، ولا يتم في حالة توفر رخص البناء، اللجوء إلى الهدم، بل تفرض غرامة مالية على المعني بالمخالفة، ويتم تسوية وضعيته، بمجرد تسديد الغرامة، وفي حالة عدم حيازة صاحب المشروع على رخصة بناء، تلجأ الإدارة وفق الإجراءات المرتبطة بهذا الجانب، إلى الهدم. القانون الجديد الصادر في فيفري 2022 فرصة ثانية لتسوية وضعية البنايات المرخصة ❊ فيما يخص الإجراءات القانونية المطبقة في هذا الجانب، الكثير من المواطنين يجهلون هذه الإجراءات؟ ❊❊ أي قانون يصدر نعلم به الرأي العام وأبواب الإدارة مفتوحة للمواطن، ويفترض أن يتقرب المعني من الإدارة قبل الانطلاق في إنجاز أي مشروع، بهدف الحصول على المعلومات الضرورية التي تؤكد له الحق في البناء من عدمه، كما أن القانون يعطيه الحق في الحصول على شهادة التعمير، التي تشمل كل المعلومات الخاصة بشروط ومقاييس البناء، فهناك أعوان مؤهلين وإطارات على مستوى المديرية، مجندين لتوفير المعلومة لصالح المواطن، سواء كان ذلك على مستوى الولاية، أو على مستوى المقاطعات الإدارية، أو البلدية، قد سجل في الآونة الأخيرة، والحمد لله، تراجع عدد المخالفات والتجاوزات، وهو ما يؤكد المعاينات الميدانية المفاجئة في كل المناطق. ❊ ماذا عن الطلبات المرتبطة بتقسيم الملكية في البناية الواحدة، سواء لصالح أفراد الأسرة، أو في إطار البيع لأشخاص من خارج الأسرة الواحدة؟ ❊❊ من حق مالك بناية ما طلب الحصول على شهادة تقسيم، بشرط أن تكون البناية مكتملة، وتستوفي الشروط اللازمة، ويتم إيداع الطلب على مستوى البلدية المعنية، وفق المعطيات التي يقدمها صاحب البناية، حول التقسيم المراد العمل به، حيث لدينا شباكين موحدين في الولاية، واحد على مستوى البلدية، تتم فيه معالجة الملفات الخاصة بالبناءات الفردية، والمرتبطة بمقاييس التعمير، منها تراخيص البناء، وشباك آخر على مستوى مديرية التعمير، تترأسه مديرة التعمير، يتم على مستواه معالجة المشاريع الكبرى، وتلك التي تتعدى 200 سكن، حيث تشترط شهادة المطابقة لمنح شهادة التقسيم. فوضى العمران ترجع لغياب مخططات شغل الأراضي ❊ صدر سنة 2008 قانون يخص مطابقة البنايات المشيدة، إلى أين آلت العملية منذ ذلك الحين؟ ❊❊ نعم، القانون 08/15 لا يزال ساري المفعول إلى يومنا هذا، انطلقنا فيه مع نهاية 2009، ومطلع 2010، ولا تزال الملفات تودع قصد التسوية، وتخص كل البنايات التي تم تشييدها قبل 2008، وهو تاريخ صدور القانون، شرط أن لا تخضع هذه البنايات للمادة 16 من نفس القانون، والمادة المذكورة، تستثني من عملية التسوية البنايات المشيدة على سبيل المثال، على الأراضي الفلاحية، وتلك الواقعة في المناطق التابعة لقطاع الغابات. هناك عدة طلبات، منها ما يخص طلب رخصة بناء على سبيل التسوية، ورخصة إتمام على سبيل التسوية، وشهادة المطابقة، حيث يودع ملف الطلب على مستوى البلدية، ويتم على إثر ذلك عقد جلسة يترأسها الوالي المنتدب لدراسة الطلبات، وتم في هذا الإطار تسوية عدة ملفات وتحرير قرارات التسوية، كما تم رفض طلبات أخرى، ولأصحاب هذه الحالات الحق في إيداع طعن على مستوى الأمانة العامة للولاية، وتتم دراسة الطعون من قبل لجنة أخرى يترأسها الأمين العام للولاية. ❊ تتوزع في عدد من البلديات الولاية، بنايات يرجع تاريخ تشييدها إلى العشرية السوداء، ولا يحوز أصحابها على عقود ملكية ولا رخص بناء، حيث تتم عقود الكراء على مستوى الكتاب العموميين، دون مكاتب التوثيق، فكيف يتم التعامل مع هذه الحالات، في مجال التسوية؟ ❊❊ البنايات التي لا يحوز أصحابها على عقود ملكية ولا على رخصة بناء، نعتبرها ليست بناية، وهي غير قانونية، والقانون 08/ 15 جاء لتسوية هذا النوع من البنايات، ومنذ سنة 2008 إلى يومنا هذا، وبعد مرور 14 سنة من صدور القانون، هناك من تمت تسوية وضعية بناياتهم، وهناك من ليس لهم الحق في التسوية، وهو ما يعني اللجوء إلى هدم هذه البنايات. والحمد لله، سجلنا من خلال الملفات المودعة على مستوى الإدارة والملفات المعالجة، تسوية نصف الطلبات المودعة التي لم تسجل فيها أي تجاوزات تذكر، خاصة ما تعلق بالمادة 16 من القانون المذكور. كل البنايات التي لا تحوز عقود ملكية ورخصة بناء مصيرها الهدم ❊ هل تصل درجة معالجة هذه الوضعية إلى هدم منطقة بأكملها، إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود عدد كبير من البنايات لا يحوز أصحابها على عقود ملكية، ولا على رخص بناء، ونماذج الأحياء المعنية كثيرة في شرق وغرب العاصمة؟ ❊❊ لماذا لا يودع أصحاب هذه الحالات ملفات التسوية، إذا كان لهم الحق في التسوية. ❊ أطرح الحالات التي تعود إلى فترة المندوبيات التنفيذية مثلا، والتي كانت تمنح فيها الأراضي بدون عقود، ما موقف القانون من ذلك؟ ❊❊ عندما لا يوجد عائق في الأرضية، وتكون ملكا للدولة أو البلدية، ندرس القضية حالة بحالة، وفي حال عدم وجود أي عائق للتسوية، يكون لصاحب الطلب الحق في هذه التسوية. وأوجه من هذا المنبر، نداء إلى كل مواطن له الحق، أن يقدم ملف تسوية وضعية بنايته، في إطار قانون 08/ 55. بالإضافة إلى هذا، صدر قانون جديد لدراسة ملفات البنايات غير المطابقة لرخصة البناء المسلمة، وهذا القانون هو فرصة ثانية للمواطنين والمرقين العقاريين الخواص. فأي بناية لها رخصة، يكون لصاحبها الحق في التسوية، كما أن هناك إجراء جديد يخص معالجة مشكل المساحة التي يقوم صاحب البناية بضمها إلى المساحة المبنية، ويتم في هذا الإطار، فرض غرامة مالية تكون وفق المساحة التي تمت إضافتها، إذ يتم تحديدها من قبل لجنة مختصة وتتم دراسة الملف من الناحية التقنية، مع مراعاة احترام قواعد التعمير، وتكون الموافقة مع التحفظ حتى دفع الغرامة، وتعطى الرخصة بمجرد إيداع وصل التسديد. سيتم خلال الأيام القادمة، تنظيم يوم دراسي لإعلام الولاة المنتدبين ورؤساء البلديات والمواطنين بمضمون القانون الجديد، وتوضيح وشرح، وكيفية العمل به. ولاية الجزائر بصدد إنجاز 70 ألف وحدة سكنية ❊ خلاصة القول، يعني هذا انطلاق العمل لمعالجة هذا الملف الشائك، وتفادي التمادي في الإخلال بالنسيج العمراني للولاية والولايات الأخرى؟ ❊❊ بالطبع، هناك تعليمات من قبل رئيس الجمهورية لمعالجة هذا الملف، بالإضافة إلى تأكيد الجهة الوصية، وحرص والي العاصمة، كما تحرص المديرية، على تسوية ملفات المواطنين والتقيد الصارم بقواعد التعمير، خاصة في الجانب المرتبط بالمخالفات.