اختتم منتدى الفكر الثقافي الإسلامي أمس بقصر الثقافة مفدي زكريا ندواته التي تم تنظيمها طيلة الشهر الفضيل تحت شعار "الحوار والتعايش"، بمحاضرة ألقاها، الدكتور مبروك زيد الخير، تحت عنوان "التعايش في القرآن والسنة النبوية"، استعرض من خلالها، درر من التراث العربي الإسلامي التي يتعين إحياؤها وتفعيلها في عالمنا اليوم. واستهل الدكتور مبروك زيد الخير في العدد الرابع والأخير من المنتدى الذي عرف حضورا غفيرا ومتميزا، ضم وزراء وإطارات سامية في الدولة وباحثين، محاضرته بالإشارة إلى أهمية مبدأ التعايش في الدين الإسلامي معتبرا إياه قانونا إلاهيا ينظم العلاقات البشرية كونه مشتق من كلمة عيش التي تعني باختصار، الحياة. وأكد المحاضر أن الإنسان خلق في جوهره لغرضين هما الإيمان والعمران وأن التعايش يكون بين أبناء الملة الواحدة من خلال ما يعرف بالتعايش الذاتي والأخلاقي ويكون أيضا على نطاق إنساني أوسع يشمل باقي بني البشر، بمختلف مللهم وعقائدهم بما يتطلب القبول ومراعاة الاختلاف في الرؤى والاقتناع بمسألة التكامل. وشدّ المحاضر، الحضور بفصاحة لسانه الطلق وإلمامه بالتراث العربي الإسلامي واستعانته بالشعر المعزز لمحاضرته وكذا الأحداث التاريخية التي انتقاها بدقة ناهيك عن تبحره في علم الحديث وفي سرده لآيات الذكر الحكيم لدرجة أن الكثير من المتابعين جزموا أن هذا اللقاء كان بحق في القمة. وأوضح ضيف المنتدى، أن للتعايش أسسه منها الاعتقاد بوحدانية الله وبتعددية الخلق واختلاف الملل والآراء، مؤكدا أن الإسلام جمع الإنسانية التي ولدت من نفس واحدة ، كما أن التعايش والحوار لا بد، أن يضمن كرامة كل طرف حتى يبلغ مقاصده. وأسهب الدكتور زيد الخير في استعراض نماذج من التاريخ الإسلامي التي تعايشت مع الآخر وضمنت الحقوق ورفعت من مكانة الإنسان مهما كان دينه وجنسه وعرقه وهو الأمر الذي يشهد له الآخر خاصة من الغرب، وقال "يكفي أن كلمة أهل الكتاب وردت 60 مرة في القرآن الكريم وبني إسرائيل 38 مرة والتوراة 18 مرة والإنجيل 12 مرة بمجموع 142 مرة ذكرت فيها الملل الأخرى ، وكذا الحال مع صحيفة المدينة التي شكلت أول دستور إسلامي وعقد حقيقي الذي يجعل الآخر المخالف، جزء من المجتمع والدولة، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات". ودعا المحاضر إلى ضرورة تفعيل هذا الإرث وربطه بالحياة واستغلال التكنولوجيا لنشره وتوضيح مبادئ التعايش للعالم. وتوج المحاضر في ختام محاضرته، بدرع المنتدى عرفانا له ولمساره العلمي والعملي الحافل.