وجه رئيس الجمهورية رسالة إلى العمال بمناسبة اليوم العالمي للشغل، هذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أخواتي العاملات .. إخواني العمال، إنكم إذْ تُقَاسِمُون شعوبَ العالم مَغْزى الاحتفاءِ بعيد العمال المُتوّج لنِضَالاَتٍ الطبقة الشغيلة من أجل كرامة العمال .. تَقفُونَ - في نفس الوقت - في هذه المناسبة، لاستلهام الدروس من نضال أسلافكم، عبْرَ مراحلَ مُتعاقبة. ومن بين ما تقِفُون عِنْدَهُ مَحطّةٌ تاريخيةٌ في مسيرةِ النضال الوطني، وهي تأسيس الاتحاد العامُ للعمّالِ الجزائريين في خِضَمّ الكفاحِ المُسلّح في 24 فيفري 1956، على يد البطل عيسات إيدير، الذي حَمَلَ مع رفَقَائِه شُعلةَ الثورةِ المباركةَ مع الشهداء والمجاهدين. إن الرجال، الذين كانوا طلائع الكفاحِ، ثم خاضوا بعد الاستقلال الوطني بِشَرفٍ واقْتدارٍ مَعْرَكةَ بَسْطِ السّيادةِ الوطنيةِ على ثرواتِنا، هُمْ قُدْوَةُ عاملاتنا وعُمّالنا، الغَيُورين على الجزائر ووحدةِ شعبِها المقدسّة.. وإنّني لأَنْحني إجلالاً لتضحياتِهم الجسام، وأترحَّمُ بخشوعٍ على مَنْ نالُوا الشهادةَ دفاعًا عن الجزائر أثناءَ الكفاحِ المُسَلّحِ، وخلالَ سنواتِ الإرهاب الهمجي من عُمالٍ وعاملات ومن نُشطاءَ نقابيّين وطنيّين، إغْتالتْهم أيادي الغَدْرِ، وعلى رأسهم الشهيد عبد الحق بن حمودة .. كما أترحّمُ على كُلِّ العاملاتِ والعمال في كل القطاعات والمواقع، الذين فَقدناهم، وهم على جبهةِ مكافحة فيروس كورونا، والذين نَحسبُهم من شهداءِ الواجب الوطني، عليهم جميعًا رحمة الله .. أيتها العاملات .. أيها العمال، إنَّنا بهذه المناسبةِ، حيث تَتَعَّدد مظاهرُ تكريم العاملات والعمال تنويهًا بمزايا التفاني والالتزام في مواقع العمل، نُجدِّدُ عزمنا على الاستمرار في الإصغاء للانشغالات الأساسية في عالمِ الشغل، بحثًا عن أَنْجَعِ المُقارباتِ لِتعزيزِ المكاسِبِ التي تَحقّقَتْ، في أقلَّ من سنتين، ووفاءً لالتزامي بالسهر على حماية حقوق العمال، والحفاظ على مكتسباتهم المهنية والاجتماعية.. فبالإضافةِ إلى إلغاءِ الضريبة على الدخل لفائدة ذوي الدخل المحدود، ومراجعة النقطة الاستدلالية، واستحداث منحة البطالة، وتحسين معاشات المتقاعدين، سيَظلّ التفكيرُ مُنصبًا على توسيعِ مَجَالاتِ استيعابِ بناتِنا وأبنائِنا البطالين، ولعلّ التوجّهَ الذي باشرناه لِرَفْعِ العراقيلِ عن المشاريعِ الاستثمارية، وأَفْضَى إلى تَوْفِير 33171 منصب عملٍ إلى حدِّ اليوم، وحِرْصَنا على إدماجِ فئاتٍ واسعةٍ من أصحابِ عقود ما قبل التشغيل، من المُؤشّرات المُكرِّسةِ للطّابَع الاجتماعي للدولة، والدّالةِ على الإرادة القوية للتّكفّلِ التدريجي بتطلعات المواطنات والمواطنين، لحياةٍ كريمة، وإطارٍ معيشيٍّ لائق .. ويجدر هنا التذكير بأنّ حمايةَ القدرةِ الشّرائيةِ، والحِفَاظَ على مناصب الشغل، والرعايةَ الاجتماعية ستَبْقى من بَيْن الأولوياتِ التي نُوليها اهتمامًا خاصا، ونعملُ على رَصْدِ ما أَمْكنَ من مواردَ ماليةٍ لها، لاسيّما لصالحِ الطبقةِ المتوسّطة، وذوي الدَّخْلِ المحدود، والفئاتِ الهَشَّة. أخواتي العاملات .. إخواني العمال، إنّ الدّولة حريصةٌ على الحوارِ الدائم مع الشركاء الاجتماعيين، لضمان الشفافية والالتزامِ التام بالقوانين، عندما يتعلق الأمرُ باحتجاجاتٍ مَطْلبِيَّة، ولقد أَسْدَيْتُ في هذا الصدد التوجيهاتِ لإعدادِ قانونٍ إطار يُنَظّمُ العملَ النقابي، بإثراءٍ أكبْرَ لمحتواه من خلال التشاوُر والنقاش مع الِمهنيين، على أَنْ يُراعِي مشروعُ القانون المواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر، والتمثيلَ الحقيقيّ للنقابات، والالتزامَ بترقيةِ الجانبٍ الاجتماعي والمهني للعمال، بعيدًا عن النّزاعاتِ السّياسَوية، التي أَفْرغتْ العملَ النقابي من رُوحِه الحقيقية.. وعلى هذا الأساس، أَدْعُو كلّ المنظمات النقابية المهنية للعمال إلى إدراكِ حجمِ مسؤولياتِها تجاه العاملات والعمال والمؤسسات، والدّوْرِ المنوطِ بها لضمان الاستقرار الاجتماعي، وتطوير الإنتاج، والرفع من المردودية، والتأقلم المستمر مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأنّ التوتراتِ التي يَمُرُّ بها العالم تَسْتوقفُنا لشَحْذِ الهمم وكَسْبِ رهان تحديات التنمية المستدامة، وخوض غمار الرقمنة، واقتصاد المعرفة .. وهي أهم مُرتكزات نجاح الأمم وازدهارها. وفي الأخير، أَتوجّهُ إليكن وإليكم مرة أخرى بأخلص التهاني وأصدق التمنيات، بمناسبة عيد العمال .. وأغتنم هذه المناسبة لأَزُفَّ التهاني والتبريكات لكافَّة الشعب الجزائري، ونحن نترقب عيد الفطر المبارك .. عيد سعيد مبارك، وكل عام وأنتم بخير. تحيا الجزائر المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته